جدل بشأن استمرار حبس معارضين تونسيين.. احتجاز قسري أم احترام للقانون؟

سياسيون معارضون يقبعون في السجن منذ أكثر من 14 شهرا

مظاهرة حاشدة في تونس تنديدًا باعتقال السياسيين
مظاهرة حاشدة في تونس تنديدًا باعتقال السياسيين (رويترز)

يتصاعد الجدل في تونس بعد رفض القضاء الإفراج عن سياسيين معارضين يقبعون في السجن منذ أكثر من 14 شهرًا، فيما بات يُعرف بقضية “التآمر على أمن الدولة” رغم انقضاء مدة الحبس الاحتياطي.

وقالت هيئة الدفاع عن المتهمين إن استمرار حبسهم يُعَد “احتجازًا قسريًّا” خارج غطاء القانون، في حين يرى ناشطون مقربون من الرئيس قيس سعيّد أنه جرى تمديد فترة الحبس الاحتياطي لهم وفق احترام لإجراءات القانون.

احتجاز قسري

وانتقد ناشطون سياسيون بشدة استمرار حبس هؤلاء المعارضين مشيرين إلى أن هذه الخطوة الجديدة تمثل “استهدافًا للقانون”، في الوقت الذي كان يُفترض فيه الإفراج عنهم بموجب “الإفراج الوجوبي” بعد انقضاء فترة الاحتفاظ القصوى التي تدوم مدة 14 شهرًا، حسب نص القانون التونسي.

ولم تصدر محكمة الاستئناف أي قرار بالإفراج عن هؤلاء، وفق تصريحات للناطق الرسمي باسم المحكمة حبيب الترخاني لوسائل إعلام محلية، أكد فيها أن “دائرة الاتهام في قضايا الإرهاب” لدى المحكمة ستعقد جلسة يوم 2 مايو/أيار المقبل للنظر في القضية.

وتعليقًا على ذلك، قال سمير ديلو القيادي بجبهة الخلاص الوطني وعضو هيئة الدفاع عن المتهمين في قضية التآمر على أمن الدولة، إن استمرار سجن المتهمين رغم انقضاء مدة الحبس الاحتياطي يُعَد “استهدافًا للقانون واحتجازًا قسريًّا لهؤلاء المعتقلين”.

وأضاف ديلو للجزيرة مباشر أن رفض الإفراج عن السياسيين المعتقلين هو مواصلة لنهج اعتُمد منذ البداية بعدم احترام الإجراءات القانونية كما هو الحال بالنسبة لكل القضايا السياسية، مشددًا على أن الأمر الصادم هذه المرة هو تمديد احتجاز المتهمين خارج غطاء القانون.

وأوضح ديلو أن النظام قد مر “من مرحلة الاحتجاز السياسي إلى الاحتجاز القسري” دون أي موجب قانوني، مشيرًا إلى أن هيئة الدفاع تدرس جديًّا فرضية التوجه إلى التقاضي خارج تونس إذا استمر الوضع على حاله.

تونس تعيش أزمة اقتصادية وسياسية حادة منذ 25 يوليو 2021، حين بدأ سعيّد فرض إجراءات استثنائية منها حل مجلس القضاء والبرلمان (غيتي)

احترام للقانون

في المقابل، يتبنى موالون للرئيس قيس سعيّد وجهة نظر مختلفة، إذ يرى بعضهم أن القضاء احترم كل التراتيب والإجراءات القانونية المعمول بها.

وأكد حسام بن أحمد، الأمين العام المساعد لحراك 25 يوليو/تموز الموالي للرئيس سعيّد، أن تمديد الاحتفاظ بالمتهمين جرى في إطار احترام الإجراءات القانونية “فالقضاء هو سيد نفسه في مثل هذه القضايا المتشعبة”، على حد تعبيره.

وفي حديثه للجزيرة مباشر، قال بن أحمد إن عدم الإفراج عن هؤلاء المعتقلين لا يمكن أن يكون مخالفًا للقانون، مشددًا على أنه لا يعتقد أن استمرار سجنهم يأتي من فراغ ودون موجب.

وتابع “توجيه الرئيس سعيّد الذي يحظى بثقة واسعة لدى التونسيين الاتهام في أكثر من مناسبة لهؤلاء بالتورط في التآمر على أمن الدولة، لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال دون إثباتات وأدلة قاطعة”.

والأسبوع الماضي، قال الرئيس سعيّد أثناء اجتماع لمجلس الأمن القومي إن قضية التآمر تعاني “التمطيط”، وإنه “آن الأوان لمحاكمة المتآمرين محاكمة عادلة”، مشددًا على أنه قد “تم احترام الإجراءات، لكن التمطيط فيها يجعل هؤلاء يتآمرون حتى من وراء القضبان مرة أخرى على أمن الدولة”، حسب تعبيره.

ومنذ فبراير/شباط 2023، اعتقلت السلطات التونسية أكثر من 20 معارضًا بين سياسيين وناشطين ورجال أعمال وإعلاميين، يعُدهم الرئيس سعيّد “إرهابيين يتآمرون على أمن الدولة الداخلي والخارجي”.

وشملت حملة الاعتقالات في هذه القضية وجوهًا بارزة في المعارضة، من بينها الأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي، والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، والناشط السياسي خيام التركي، إضافة إلى القياديين بجبهة الخلاص المعارضة جوهر بن مبارك ورضا بلحاج وعبد الحميد الجلاصي.

المصدر : الجزيرة مباشر