تصريحاته معادية للمسلمين.. هل يصوت مسلمو الهند لمودي؟

رغم تهميشهم في الواجهة السياسية، يبرز مسلمو الهند كأقلية يمكنها تغيير مصير الانتخابات التشريعية الجارية، ويشير الخبراء إلى أن مناورات رئيس الوزراء (ناريندرا مودي) السياسية تسببت في تهميش المسلمين في المشهد الانتخابي، حيث يبدو أن أصواتهم لا تحمل أهمية كبيرة.

كما يتجنب الحزب الهندوسي الحاكم بقيادة مودي السعي وراء كسب أصوات المسلمين، وهو ما اعتبره المجتمع المسلم استهدافًا وإهانة لهم.

وتقليديًا، كان من المتوقع أن تدفع هذه التكتيكات الناخبين المسلمين نحو أحزاب المعارضة، خاصة حزب المؤتمر بقيادة (راهول غاندي)، ولكن على عكس التوقعات فإن الناخبين المسلمين لا يصطفون بشكل موحد مع المعارضة.

وقد لوحظت حالات دعم المسلمين لحزب بهاراتيا جاناتا، خاصة في مناطق مثل ولاية أوتار براديش وغوجرات، وحتى في دلهي.

يشكل المسلمون في الهند نسبة 15% من السكان، لكن فئة كبيرة منهم مهمشة في الانتخابات، حيث انخفضت حصتهم في البرلمان إلى النصف منذ سبعينيات القرن الماضي، ونادرًا ما يفوز مرشحوهم بمقاعد في الدوائر التي يشكلون فيها أغلبية، فحزب بهاراتيا جاناتا لم يقدم سوى مرشح واحد مسلم في جنوب الهند، حيث يواجه المسلمون تمييزًا أقل على أساس الدين.

وبالرغم من استياء الناخبين المسلمين من خطابات رئيس الوزراء، ومن تصريحات قادة الحزب، يرسل الحزب الهندوسي عماله المسلمين إلى المناطق ذات الأغلبية المسلمة لكسب أصواتهم، وقد تم عقد العديد من الاجتماعات الصغيرة لتعريف المسلمين ببرامج التنمية الخاصة بمودي في عدة مدن مثل نيو دلهي ومومباي وبنغلور.

خالد قريشي، وهو أحد العاملين في الحزب الهندوسي والذي يعمل بشكل وثيق مع المسلمين، يذهب من منزل إلى منزل ليخبر الناخبين المسلمين عن فوائد التصويت لصالح مودي.

ورغم معرفة قريشي بموقف حزبه المعادي تجاه المسلمين وإدراكه مدى صعوبة الحصول على دعم المسلمين، لا يزال يجتهد بلا كلل مثل العامل المخلص.

يقول خالد: “أعلم أن الأمر صعب بعض الشيء بالنسبة لحزبي هنا في المناطق ذات الأغلبية المسلمة، لكننا سنبذل قصارى جهدنا”.

كما يرفض قريشي قبول التصريحات التي وصفها بالخاطئة والمهينة، والتي أدلى بها بعض قادة الحزب، ويدافع بدلاً من ذلك عن رئيس الوزراء مودي وبرامج التنمية التي يقودها، مؤكدًا على أهميتها لمستقبل الهند وتحقيق التقدم والازدهار.

وفي مقابلة مع الجزيرة مباشر، قال خالد قريشي: “نحن في حزب بهاراتيا جاناتا نحصل على عدد قليل من أصوات المسلمين، ولكن ذلك يعود إلى أفراد مثلنا في الحزب الذين يلتقون بالمسلمين ليخبروهم عن مستقبلهم”.

وأضاف قريشي: “نطمئنهم بأن الأقاويل التي تشير إلى طردهم من البلاد وسحب جنسيتهم هي شائعات مضللة قد أثرت سلباً على تفكيرهم”.

على الجانب الآخر، هناك عاصفة تشتعل، حيث يتجاهل معظم المسلمين التقليديين تصويتهم للحزب الهندوسي، بالرغم من أن بعض الذين كانوا يصوتون لمودي قد تجاهلوا سياساته السيئة في الماضي، فإنهم قرروا هذه المرة عدم التصويت له.

يقول شاهد وهو ناشط هندي مسلم: “هذه المرة فكرت في التصويت لصالح حزب بهاراتيا جاناتا، لأنني أعجبت بمودي في مكان ما، ولكن مع بدء الانتخابات، بدأت التصريحات المعادية للمسلمين التي كنا نسمعها منذ 15 أو 20 عامًا تتكرر”.

وأضاف: “شعرت بحزن شديد وعدم ارتياح عندما سمعنا رئيس الوزراء على قنوات التلفزيون يشير إلينا “بـالمتسللين، قبور آبائنا وأجدادنا هنا في الهند، وهو يُطلق على المتسللين اسم المسلمين. شعرت بشعور سيىء”.

أما عبد الملك، تاجر الأحذية في نيودلهي، فيرى أن الوضع الحالي في البلاد لا يتماشى مع معظم الناخبين المسلمين، إذ يقول: “المسلمون ليس لديهم قضايا، فقط ما يتعلق بالغذاء والكسب في حياتهم اليومية”.

وأردف عبد الملك: “من المتوقع أن تظل قضايا مثل مسجد بابري وجيان وابي ماثلة في الهند الحرة، المسلمون لا يضطربون الآن، بغض النظر عن محاولات الهندوس المتشددين لإثارة غضب المسلمين، نحن نعيش في عصر جيد، ونضمن مستقبلًا واعدًا لأطفالنا في الهند”.

وبخصوص عدم التصويت أثناء حالات تعرض المسلمين الهندي لعنف جسدي أو اعتداء لفظي، قالت حلينة خاتون، طالبة القانون في الجامعة الإسلامية بنيودلهي: “لا أظن أن المسلمين سيصوتون لمودي، لأنه يلعب بطريقة غير أخلاقية ويعرض سلامة المسلمين للخطر”.

وأكدت حلينة على: “حقيقة أن حزب مودي يسعى إلى تعزيز فكرة أن الهند يجب أن تكون وطنًا للهنود فقط، على الرغم من أن أجدادنا خاضوا حرب الاستقلال من أجل رؤية وطن متعدد الثقافات والأديان واللغات”.

وأضافت الطالبة: “السياسات والقوانين التي وضعها مودي خلقت حالة عدم ثقة بين المسلمين، أخشى أنه إذا وصل إلى السلطة مرة أخرى، فقد تتعرض بلادنا للدمار والتمزق”.

المصدر : الجزيرة مباشر