إيكونوميست: هذه انعكاسات “ما حدث لمالك شركة جهينة وابنه” على الاستثمار في مصر

مجلة إيكونوميست: قلة من رجال الأعمال يجرؤون على الوقوف في وجه الجيش في مصر (رويترز)

يشكو المصريون كثيرًا من أن دولتهم تصنع منتجات محلية قليلة القيمة، لكن شركة جهينة -أكبر شركة لتصنيع الألبان والعصائر في البلاد- كانت استثناءً بارزًا من ذلك.

فعبواتها الحمراء والزرقاء كانت عنصرًا أساسيًّا في المنازل المصرية، كما يباع الحليب والزبادي من إنتاجها في أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا. إنها واحدة من أكثر الشركات قيمة في بورصة القاهرة وهي محبوبة لدى المستثمرين الأجانب.

تقول مجلة (إيكونوميست) إنه في معظم الدول يمكن اعتبار مثل هذه الشركة بطلة قومية، لكن في ظل الحكام العسكريين لمصر، واجهت جهينة ابتزازًا على غرار ما تفعله المافيا، وهذا ما يوضح عيوب الاقتصاد المصري.

ووفقًا للمجلة، فقد بدأت مشاكل شركة جهينة عندما قررت السلطات المصرية السيطرة عليها، بعد أن رفض مؤسسها صفوان ثابت، التنازل عن الحصة التي تسمح لمالكها باتخاذ القرار في الشركة، ليلقى به في سجن سيّئ السمعة بسبب ما يجري فيه من تعذيب، وعندما رفض ابنه سيف نفس الصفقة، أُلحِق بوالده في السجن.

وأضافت إيكونوميست “تتهم الدولة آل ثابت بتمويل الإرهاب. كان جد صفوان وعمه قياديين في جماعة الإخوان المسلمين. لكن بعد أن أطاح الجيش بقيادة عبد الفتاح السيسي بالحكومة التي كان يسيطر عليها الإخوان، تم تصنيف الجماعة على أنها إرهابية ومحظورة. وتصر عائلة ثابت على أنه لا علاقة لهم به. وعلى الرغم من أن الأب والابن أمضيا في السجن أكثر من عام، فإن المحاكم لم تنظر في قضيتهما”.

وتابعت “كانت عائلة ثابت جزءًا من المؤسسة التي تدير الدولة. كان صفوان ودودًا مع الرئيس المصري السابق الأوتوقراطي حسني مبارك. سافر إلى الخارج مع وفود حكومية لجذب المستثمرين وتقديم المشورة للوزراء. بعد أن أصبح السيسي رئيسًا في عام 2014، تبرع ثابت الأب بمبلغ 50 مليون جنيه مصري (7 ملايين دولار أمريكي) لصندوق تحيا مصر لمشاريع التنمية. ولحسن الحظ تلقى السيسي نقودًا من عائلة ثابت رغم صلاتها المزعومة بالإرهاب”.

وأشارت إلى أن “مصر اقترضت 20 مليار دولار (حوالي 5% من ناتجها المحلي الإجمالي) من صندوق النقد الدولي منذ عام 2016، مما يجعلها ثاني أكبر مستفيد من الصندوق بعد الأرجنتين في تلك الفترة”.

“وتتفاوض الآن القاهرة على قرض جديد بعد أن دفعت الحرب في أوكرانيا المستثمرين المتوترين إلى الفرار، مما تسبب في أزمة في العملة الصعبة. وأشاد صندوق النقد الدولي بمصر لاتخاذها إجراءات تقشف مؤلمة (وغير شعبية) بسرعة”، وفقًا للمجلة.

لكن صندوق النقد اشتكى أيضًا من أن الحكومة المصرية تخنق القطاع الخاص. وتقول المجلة “يُظهر أحد الاستطلاعات أنه تقلص في جميع الأشهر باستثناء 9 أشهر منذ عام 2016. يصدر السيسي ضجيجًا مؤيدًا للأعمال في الأماكن العامة، لكن جنرالاته الذين يسيطرون على أجزاءٍ من الاقتصاد، يسخرون من السوق الحرة”.

سيف صفوان ثابت (يسار) مع والده ووالدته (مواقع التواصل)

وتابعت “في ديسمبر الماضي، ظهر السيسي على شاشة التلفزيون وهو يضغط على 3 من مالكي شركات البناء لقبول التأخير في سداد مدفوعات الدولة لبناء الطرق والجسور. ابتسم رجال الأعمال بخجل واستسلموا. ماذا كان سيحدث لو رفضوا؟ على الرغم من حصول الجيش على إعفاءات ضريبية خاصة وإعفاءات جمركية، فإن الحكومة تشيد به لإنقاذه الجمهور من جشع التجار الجشعين والمضاربين”.

وأضافت “خلال شهر رمضان الجاري، يوزِّع الجنود اللحوم بأسعار مدعومة. ولكن عندما دخلت شركة حكومية جديدة في عام 2019 السوق المربح للمصادقة على اللحوم على أنها حلال، حظرت وزارة الزراعة المنافسين من القطاع الخاص، وارتفع سعر الشهادات”.

وأوضحت إيكونوميست أن “قلة من رجال الأعمال يجرؤون على الوقوف في وجه المؤسسة العسكرية في مصر. وتظهِر طريقة التعامل مع عائلة ثابت ما يمكن أن يحدث إذا فعلوا ذلك”.

وقال سيف من السجن “إذا أخذوا جهينة، سوف يدمرونها. أنا لن أسلِّم ما بناه والدي”. وفي مقطع فيديو نُشِرَ على فيسبوك العام الماضي، توسلَت والدته للسيسي لإطلاق سراح ابنها وزوجها. وعند انتشار المقطع، تم استدعاؤها للاستجواب، وطُلب منها الصمت أو تواجه نفس المصير. تُوفيت الشهر الماضي بعد إصابتها بالسرطان، ومنع النظام مئات المعزين من حضور جنازتها”.

وعلى الرغم من نمو الناتج المحلي الإجمالي منذ عملية الإنقاذ في عام 2016، فإن الاقتصاد المصري في حالة سيئة. فقد فشلت مصر في بناء قاعدتها التصنيعية، والصادرات بطيئة.

ووفقًا لآخر تقدير، اتسع عجز الحساب الجاري إلى 18.4 مليار دولار، وارتفع معدَّل الفقر، وخفض البنك المركزي الشهر الماضي قيمة الجنيه المصري بنسبة 14%. وتلاشت مبيعات أذون الخزانة القصيرة الأجل. أقنع السيسي دول الخليج الصديقة بإيداع مليارات الدولارات في البنك المركزي والتعهد بالاستثمار، لكن من غير المرجح أن تشجع قضايا مثل قضية جهينة المستثمرين الأجانب على القدوم.

المصدر : الإيكونوميست البريطانية