مخاوف من “غسيل الأموال”.. طرح شهادات إيداع دولارية في مصر “دون السؤال عن المصدر”

بلغ عجز صافي الأصول الأجنبي إلى نحو 25 مليار دولار في مارس الماضي(رويترز)

بدأ أكبر بنكين حكوميين في مصر -الأهلي ومصر- اليوم الأربعاء طرح شهادات إيداع بالدولار ذات عائد مرتفع في أحدث محاولة من البلاد لاجتذاب الدولار من السوق السوداء وإعادته للنظام المصرفي.

وتصدر الشهادات للمصريين والأجانب لمدة 3 سنوات بحد أدنى ألف دولار، الأولى بعائد سنوي 9%، يصرف مقدما بالجنيه المصري، بما يساوي 27% من مبلغ الإيداع، والثانية بعائد سنوي 7% يصرف كل 3 أشهر بالدولار، على أن تسترد قيمة الشهادتين وقت الاستحقاق بالدولار.

ويتوقع البنك الأهلي المصري جذب أكثر من 4 مليارات دولار من العملات الأجنبية الجديدة من خلال الشهادات الجديدة، حسبما قال نائب رئيس البنك يحيى أبو الفتوح لإحدى الفضائيات المصرية مساء أمس الثلاثاء.

وأضاف أبو الفتوح أن البنك لن يسأل عن مصدر الأموال أيا كان المبلغ، حتى لو وصل إلى مليون دولار.

نقص حاد في العملة الأجنبية

وتواجه مصر نقصا في العملة الصعبة، وخسر الجنيه حوالي 50% من قيمته أمام الدولار بعد خفض قيمته مرات عدة منذ مارس/آذار 2022.

وتعاني مصر بسبب تزايد الديون وارتفاع التضخم لمستوى قياسي منذ أن كشفت الحرب الروسية على أوكرانيا عن نقاط ضعف في الاقتصاد المصري مما دفعها لطلب مساعدة صندوق النقد الدولي بموجب برنامج قرض قيمته 3 مليارات دولار.

وتعهدت مصر بالانتقال إلى سعر صرف مرن وتقليص تدخل الدولة في الاقتصاد مع تعزيز دور القطاع الخاص.

لكن المراجعة الأولى لبرنامج الصندوق تأجلت مع استقرار سعر الصرف عند حوالي 30.85 جنيه للدولار منذ مارس الماضي.

البنك المركزي المصري
البنك المركزي المصري (غيتي)

لن تحل المشكلة

وفي تصريحات للجزيرة مباشر قال الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي إن هذه الخطوة لن تقدم جديدا ولن تحل أصل المشكلة المتمثلة في عجز صافي الأصول الأجنبية الذي وصل إلى نحو 25 مليار دولار في مارس الماضي، ولم تفلح محاولات حكومية سابقة مثل إعفاء سيارات المصريين بالخارج من الرسوم مقابل وديعة دولارية وغيرها من المبادرات في التغلب عليها.

وأضاف “تشير هذه الخطوة إلى تعثر مفاوضات الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي بشأن الحصول على الشريحة الثانية من قرض الصندوق، فلجأت الحكومة إلى بديل مؤقت وهو الاقتراض بسعر فائدة مرتفع، حيث ستؤول حصيلة هذه الشهادات إلى أذون وسندات خزانة حكومية”.

وبشأن عدم السؤال عن مصدر أموال الشهادات قال الصاوي “قد يكون هناك بعض المستفيدين من الفاسدين وأصحاب الاقتصاد الأسود في مصر من هذه الخطوة، حيث فتحت لهم الحكومة بهذه الخطوة بابا كبيرا لغسيل أموالهم، ولا أستبعد أن تكون هناك شبهة تواطؤ بين بعض المسؤولين وهؤلاء الفاسدين”.

تراجع تحويلات المصريين بالخارج

وتشهد تحويلات المصريين بالخارج تراجعا كبيرا، حيث قال البنك المركزي المصري أمس الثلاثاء إن تحويلات المصريين في الخارج تراجعت بنسبة 26.1% إلى 17.5 مليار دولار خلال الـ9 أشهر الأولى من العام المالي الحالي (يوليو/تموز 2022 إلى مارس/آذار 2023) مقارنة مع 23.6 مليار دولار في الفترة نفسها من العام المالي السابق.

وقال مصرفيون لوكالة رويترز للأنباء إن العدد الأكبر من المصريين في الخارج أجروا التحويلات عبر السوق غير الرسمية وذلك في وقت تواجه فيه البلاد أزمة خانقة في العملة الأجنبية.

وتعمل مصر على التخفيف من وطأة أزمة العملة الأجنبية التي رفعت معدل التضخم في المدن المصرية لمستوى قياسي، وذلك من خلال الحد من الإنفاق الحكومي وبيع حصص في أصول مملوكة للدولة بقيمة 1.9 مليار دولار.

وتتوقع الحكومة أنه بحلول نهاية السنة المالية في يونيو/حزيران ستصل الديون إلى 93% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يُظهر ارتفاع معدل الدين خلال السنوات القليلة الماضية الذي تريد الحكومة خفضه إلى 75% بحلول عام 2026.

وأدّت أعباء المديونية الثقيلة وارتفاع أسعار الفائدة وضعف العملة إلى زيادة تكلفة خدمة الدين، وتوقع تقرير لوكالة رويترز أن تبتلع مدفوعات الفوائد على الديون أكثر من 45% من إجمالي الإيرادات في السنة المالية التي تنتهي في يونيو.

ويجب على مصر أن تسدد لصندوق النقد الدولي وحده 11.4 مليار دولار على مدى السنوات الـ3 المقبلة.

وقفز تضخم أسعار المستهلك السنوي في مصر إلى 36.8% خلال يونيو/حزيران الماضي، صعودًا من 33.7% في مايو/أيار السابق له، ومقابل 14.7% في الشهر نفسه من العام الماضي، وهو الأعلى على الإطلاق خلال القرن الحالي.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات