كيف جعلتنا جائحة كورونا نركز على الأهداف القصيرة المدى؟ أخصائيون نفسيون يجيبون

قد يشعر الدماغ بالقلق الشديد عندما تكون الأمور عابرة وغير مستقرة (pixabay)

قالت المعالجة النفسية الأمريكية جايني غولدن إن أدمغتنا تركز منذ مارس/آذار 2020، على شيء واحد: النجاة من جائحة كورونا وفاعلية اللقاحات.

وأوضحت أن “الحياة وإن كانت مرعبة وغامضة” إلا أن الهدف كان بعيد المدى وواضحًا والإشارة إلى الوقت الذي ستعود فيه الحياة إلى طبيعتها جعلت الانتظار -تقريبًا- محتملًا.

وفي حين ظهرت اللقاحات واستمر الوباء، لم تعد فكرة الالتزام بالتدابير الوقائية لمدة محدودة “حتى يتم حل المشكلة” مُجدية.

وفسّرت المعالجة النفسية أن الدماغ قد يشعر بالقلق الشديد “عندما تكون الأمور عابرة وغير مستقرة”.

تحديد أهداف قصيرة المدى، تمنح قدرًا أكبر من اليقين بإمكانية تنفيذها، وهذا يعزز مشاعر الأمل والإنجاز والتقدم (أرشيفية)

التخلي عن خططنا

في تقرير نشره موقع (فيري ويل مايند) الأمريكي للصحة النفسية، قالت غولدن إن الارتباك الحاصل حولنا بين فكرة “مناعة القطيع” و”أخذ اللقاح” و”حتمية الإصابة بالمرض” تجعل الدماغ مضطربًا.

ومضت إلى أن الحالات التي يتمتع فيها الشخص بصحة جيدة وتطعيم كامل ومعزز يقلل فرص الإصابة بكوفيد-19، لا توفر سوى قدرًا محدودًا من الراحة، إذ يفكر كلّ في أقاربه وأصدقائه الأكبر سنًا الذين يعانون من أمراض مزمنة والذين هم في خطر.

من جهتها، ذكرت الأخصائية النفسية صابرينا رومانوف -في حديث للموقع- أن تحديد أهداف قصيرة المدى تمنح قدرًا أكبر من اليقين بإمكانية تنفيذها، وهذا يعزز مشاعر الأمل والإنجاز والتقدم.

وقالت إن “الآمال الكبيرة التي كانت تراودنا قبل بداية الوباء وفي أثنائه اختفت، وصار الدماغ قادرًا على التركيز على الأهداف القصيرة المدى فقط.

أحدثت الجائحة تحولًا جماعيًا في الطريقة التي يحقق بها الأشخاص الأهداف (أرشيفية)

عدم القدرة على التنبؤ

ورأت الطبيبة أن عدم الثقة في المستقبل والضبابية المحيطة به، جعل أدمغتنا تضع خططًا أو أهدافًا قصيرة المدى.

وتابعت أخصائية علم النفس السريري والأستاذة في جامعة يشيفا في مدينة نيويورك “مع وضع أهداف قصيرة الأجل، يزيد اليقين في إمكانية تنفيذها، وهذا يعزز مشاعر الأمل والإنجاز والتقدم”.

وتنسب رومانوف الفضل في هذا التحول إلى مرونة الدماغ وقدرته على الاستمرار في العثور على الأمور المفرحة في كل ما لا يمكن التنبؤ به.

وتضيف “إننا نلاحظ تحولًا جماعيًا في الطريقة التي يحقق بها الأشخاص الأهداف من خلال التركيز على اتخاذ خطوات صغيرة”.

وترى الأخصائية النفسية أنه بالنظر إلى العوامل المنهجية جميعها التي لا يمكن السيطرة عليها، والتي أدت إلى خيبة الأمل هذا العام، فالأكثر فعالية “إدراج إنجازات صغيرة في حياتك اليومية” لأنها توفر إحساسًا بالإنجاز وتخلق زخمًا للتغيير لإتمام ما يعقبها.

من جهته، رأى الطبيب النفسي جوليان لاجوي أن المصابين بالقلق هم الذين يركزون دائمًا على أهداف بعيدة في المستقبل وعلى أسوأ السيناريوهات المحتملة.

ونصح الطبيب هؤلاء بالتركيز على ما يمكنهم تحقيقه يوميًا أو على المدى القصير، موضحا أن ذلك مفيد لصحتهم العقلية.

اليوغا نشاط هادئ، وتظهر الأبحاث أن جلسات اليوغا تقلل من عدد نوبات الصداع النصفي التي قد يصاب بها المريض وتجعلها أقل حدة (أرشيفية)

البحث عن طرق للتكيف

وقدمت المعالجة النفسية جايني غولدن بعض النصائح من أجل تدريب الدماغ على التحوّل من الأهداف الطويلة المدى إلى الأهداف القصيرة المدى:

  • ركّز على ما يمكنك التحكم فيه مقابل ما لا يمكنك التحكم فيه، سيساعدك ذلك على الشعور بالقوة وتقليل القلق.
  • تدرّب على التركيز من خلال تمارين اليقظة مثل التنفس أو التأمل.
  • ركّز على الحاضر، الضمان الوحيد في الحياة، هو هذه اللحظة “الآن”.
  • تذكّر أن الوباء ليس معاناتك الأولى -حتى لو كانت الأطول- وفكّر فيما ساعدك خلال التحديات السابقة.
  • ضع قائمة بنقاط قوتك للمساعدة في بناء احترامك لذاتك والتعاطف مع الذات.
  • كن ممتنًا واشعر بالراحة وانظر إلى الفرصة حتى تشعر بالأمل.
المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع أجنبية