شاهد: إبداع داخل “عنق الزجاجة”

في إحدى ضواحي مدينة مراكش وسط المغرب، يعرض عمر إيزيكي، أمام زبائنه قوارير زجاجية تحوي وسطها العديد من الأشكال والهياكل الفنية، والقطع الخشبية المبنية والمثبتة بمسامير معدنية.

مجسمات وأشكال وقطع خشبية مبنية بعناية داخل قوارير زجاجية، مشهد يثير في فكر الناظر التساؤل عن كيفية إدخال هذه القطع وتثبيتها بمسامير معدنية داخل زجاجة لا تحتوي إلا على فتحة صغيرة بقطر لا يتجاوز الثلاثة سنتيمترات.

بداية الفكرة

في ورشة صغيرة بمراكش، احترف عمر (43 عامًا) مهنة النجارة لمدة 20 عامًا متخذًا منها موردًا رئيسيًا لرزقه، قبل أن يشاهد في أحد الأيام برنامجًا على قناة تركية جعله يغير كليًا مساره المهني.

وقال “في يوم من الأيام شاهدت على إحدى القنوات التركية شخصًا يقوم بملء قوارير زجاجية بالرمل الملون ويرسم فيها ثم يبيعها للزبائن، وقلت لنفسي لم لا أقوم بشيء مشابه لما يقوم به هذا الشخص، ويكون قريبًا من مهنتي، ومن هناك بدأت الفكرة”.

وما إن اهتدى عمر إلى فكرته حتى شرع في تنفيذها من خلال إحضار قوارير زجاجية فارغة، وإدخال قطع خشبية داخلها، ثم الشروع في بناء هذه القطع وتثبيتها بواسطة مسامير معدنية.

فكرة لم يمارسها إلا من باب الهواية فقط، ولم يكن يعتقد يومًا بأنها ستصبح شغله الشاغل ومورد رزقه الرئيسي.

وأضاف “كنت أنهي عملي في ورشة النجارة ثم أذهب إلى المنزل وأشرع بممارسته هوايتي ببناء أشكال ومجسمات داخل القوارير الزجاجية الفارغة، وعندما أنتهي من البناء أقوم بجمع هذه القوارير داخل غرفة صغيرة في بيتي، ولم أكن أفكر في تسويقها أو عرضها للبيع”.

مهنة حياة

ظل عمر منهمكًا في العمل بالنجارة في ورشته بالتزامن مع ممارسته هوايته الجديدة مع القوارير الزجاجية، وبعد أن تكدست هذه الأخيرة في منزله، فكّر في عرض إبداعه هذا للناس أملًا أن يلقى إقبالًا منهم على اقتنائه.

وشرح “بعد أن جمعت في منزلي عددًا من القوارير الزجاجية المبني داخلها، فكرت أن أعرض هذا المنتج الجديد غير المعروف لدى المواطنين”.

فكرة إخراج المنتج إلى السوق لاقت رواجًا كبيرًا وإقبالًا من مرتادي واحدة من أشهر المدن السياحية بالمغرب، وهو ما دفع عمر إلى التفرغ للعمل في مهنته الجديدة، والابتعاد عن النجارة التي احترفها لقرابة عقدين من الزمن.

البناء بالمسامير

لعل أكثر ما يثير الدهشة في المنتجات التي يصنعها ابن مدينة مراكش، هو وجود قطع خشبية مبنية ومثبتة بواسطة مسامير حديدية داخل الزجاجات، وهو ما يثير تساؤلات عن كيفية إدخال هذه المسامير ودقها وطويتها داخل قوارير زجاجية لا تحتوي إلا على فتحه صغيرة لا يتجاوز قطرها الثلاثة سنتيمترات.

فسر عمر ذلك بالقول “عندما أقوم ببناء شكل أو مجسم من الخشب داخل الزجاجة أحتاج في كثير من الأحيان أن أقوم بتثبيت هذه القطع بواسطة مسامير حديدية، وهذه العملية مرهقة للغاية وتستغرق وقتًا كبيرًا للغاية.

وتابع “عملية إدخال المسمار وتثبيته ودقه تحتاج الكثير من الصبر والجهد فضلَا عن أن زجاجة واحدة يمكن أن تحتوي على عدد لا بأس به من المسامير.

ولم يكتف عمر بعرض منتجه في السوق بل وظف منصات التواصل الاجتماعي للترويج له، إذ لاقى بدوره تفاعلًا واسعًا من قبل مرتادي هذه المواقع.

وأشار عمر إلى أن “بعض الأفراد بدول أخرى لهم نفس التجربة، إلاّ أنه الأول الذي يقوم بالبناء دخل القوارير الزجاجية باستخدام المسامير”.

هذا الإبداع الذي أثار إعجاب الكثيرين، أثار في المقابل بعض الشكوك أيضًا، إذ هناك فئة لم تصدق فكرة بناء مجسمات بكل هذه التفاصيل وتثبيتها بمسامير، ويقولون إن عمر يبني داخل زجاجات مقسومة لنصفين، ثم يقوم بإلصاقها بعد إكمال البناء.

ولإثبات العكس، يقول عمر “أقوم أمام الزبائن بالبناء داخل قوارير بلاستيكية باستخدام المسمار أيضًا لأثبت لهم العكس”.

وليبرهن على أن المسامير المستخدمة في عمله حقيقة وليست مجرد رسم أو ديكور فقط، أصرّ أمام الكاميرا على كسر زجاجة بنى فيها مجسمًا خشبيًا وأخرج منها المسامير المعدنية المثبتة فيه.

وأكد عمر “يمكن أن أبني أي شيء يخطر على البال، كالكراسي مثلًا أو العربات، فضلًا عن أني أتلقى العديد من طلبات الزبائن الذين يطلبون مني بناء شكل معين أو شعارًا لشركة أو أي شيء آخر.

المصدر : الأناضول