هل يجوز للمسلم في أوربا أكل اللحوم غير المذبوحة وفق الشريعة الإسلامية؟

أدت ضعف حركة الاستيراد والتصدير إلى وجود ندرة باللحوم الحلال في بعض المناطق الأوربية بسبب قرارات الحظر ومنع الطيران على خلفية تفشي فيروس كورونا.

هذا الوضع دفع البعض إلى طرح السؤال: هل يمكن أكل اللحوم غير المذبوحة على الشريعة الإسلامية خاصة في الدول الأوربية؟
وعن ذلك يجيب الدكتور  خالد حنفي  -الأمين العام المساعد للمجلس الأوربي للافتاء ورئيس لجنة الفتوى في ألمانيا في تصريحات للجزيرة مباشر قائلا: قضية الطعام والذبح الحلال ليست مسألة ثانوية في حياة المسلم. ولكنها قضية دينية شديدة الأهمية. قال تعالى “فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ” وقال المفسرون: أى: اجعلوا أكلكم مقصوراً على ما ذكر اسم الله عليه ولا تتعدوه إلى الميتة، فالمؤمنون مأمورون بأن يأكلوا مما ذكر أسم الله عليه وبغير ذلك لا يكونون مؤمنين.
وعن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تخفروا الله في ذمته .رواه البخاري.
 فعطف أكل الذبيحة على الصلاة واستقبال القبلة لأهميته، والذي أُرجحه هو أن لا يأكل المسلم في الغرب إلا اللحم والطعام الذي تمت مراقبته من قِبل هيئة إسلامية معتبرة وأعطته خاتم (حلال)، وذلك لأن شرائط الأكل الحلال لا تتوفر في اللحم والطعام المطروح في الأسواق الأوربية، مثل التأكد من عدم موت الحيوان قبل الذبح نتيجة التخدير أو الصعق، والتأكد من عدم اختلاطه بمحرَّم سواء في الذبح بنفس الأدوات، أو خط الإنتاج دون تطهير، أو إضافة مواد محرمة في عملية التصنيع التى تتم بعد الذبح، وكذا عدم التأكد من كتابية الذابح، والتسمية وغير ذلك من الشروط المفقودة في طرائق الذبح وإنتاج اللحوم في أوربا.

إن مسألة الذبح واللحم الحلال تتصل بأمر الهوية بالنسبة لمسلمي أوربا، والتهاون فيها يضر بهوية الوجود الإسلامي في الغرب خاصة الأجيال الجديدة، ولولا تمسك المسلمين بنظام الذبح الشرعي ما وُجدت المطاعم والمجازر الإسلامية التى تقدم وتراقب اللحم والتصنيع في أوربا.

وأذكر جملةً قالها بن غوريون “ليس اليهود هم الذين حافظوا على السبت، ولكن السبت هو الذي حافظ على اليهود” في إشارة إلى أهمية عنصر الدين في الحفاظ على اليهود وهويتهم، فالتعاليم الدينية والعادات التي يتمسك بها مسلمو أوربا تسهم بشكل مباشر في تشكيل وحفظ هويتهم.

ومنظومة الأكل الحلال في الإسلام تهدف إلى تحقيق السلامة الصحية للآكل، والرفق والرحمة بالحيوان المذبوح وعدم تعذيبه، والارتفاق والتوازن البيئي، وتقديم منهج الإسلام وفلسفته في الطعام والذبائح لا يتم مع القول بجواز وإمكانية أكل اللحوم المطروحة في الأسواق الأوربية وإن لم تأخذ خاتم الحلال.

وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخرج قوما من السوق لعدم خبرتهم بشرائط ونظام الذبح في الإسلام وهم مسلمون فكيف بغير المسلمين؟ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ قَوْمًا كَانُوا فِي السُّوقِ، وَكَانَ إِسْلَامُهُمْ حَدِيثًا لَا فِقْهَ لَهُمْ لَا يُحْسِنُونَ يَذْبَحُونَ قَالَ: «فَأَخْرَجَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنَ السُّوقِ، وَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِمْ».

ووجود بعض الأخطاء أو صور الغش في عملية مراقبة اللحوم أو توزيعها كونها غير محمية قانوناً في أوربا لا يعني صحة القول باستواء ما وُضع عليه خاتم حلال مع غيره في الإباحة، وعلى عموم المسلمين أن يبذلوا جهدهم لإيجاد مؤسسات اللحم الحلال، وأن يقوّموا أخطاءها ويصلحوا عيوبها بأسلوب حضاري وقانوني.  

لمزيد من الفتاوى
-ما هو نصاب الزكاة في الدول الأوربية؟ وهل يختلف بإختلاف الوضع الاقتصادي للبلدان؟
-لماذا حرّم الصيام على المرأة خلال الحيض والنفاس؟
–خد مسافتك….هل يحل أزمة التراويح ؟
المصدر : الجزبرة مباشر