لماذا يجدها البعض فجّة.. كلمة “لا” تحمي صحتك النفسية ومساحتك الخاصة

أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الناس يجدون صعوبة في قول "لا"، هو فشلهم في رسم الحدود بينهم وبين الآخرين. (غيتي)

يعتبر المختصّون النفسيون عدم قدرة الشخص على قول “لا” للآخرين إذا كان لا يستطيع تلبية طلباتهم أو لأنه لا يرغب في ذلك، مشكلة تستحق الوقوف عندها.

ويرون أن الرعاية الذاتية جزء من واجباتك للحفاظ على صحتك النفسية والبدنية.

وقد أرجع المختصّون عدم القدرة على قول “لا” إلى أسباب منها أنك لا تعرف كيف ترفض، وخوفك من أن تخيب آمال الآخرين، أو لأنك تشعر بالمسؤولية مقابل ما يقدمونه لك.

وضع الحدود

تقول دورية علم النفس (سيكولوجي توداي) إن من الأسباب الرئيسية التي تجعل الناس يجدون صعوبة في قول “لا” فشلهم في رسم الحدود بينهم وبين الآخرين.

فعلى الرغم من أن بعض الناس لا يجد حرجًا في الدفاع عن مساحاتهم الخاصة عبر الرفض لأن ذلك يُشعرهم بالتحرر، فإن آخرين يخشون إحباط أو إيذاء من يهتم بأمرهم.

ومضت المجلة إلى القول إنه إذا كنت ممن يشعرون بالخوف أو عدم الارتياح لإبلاغ الآخرين بالرفض، فإنك بحاجة إلى وضع حدود أولًا، معتبرة أن الحدود تحميك من تعريض صحتك ورفاهيتك للخطر.

ويوصي المختصّون بجعل هذه القيود مرنة بعض الشيء، مع الإشارة إلى اختلاف مساحاتها من شخص إلى آخر بحسب نوع العلاقة، مشددين على ضرورة التزامك بحدود الآخرين أيضا، وهو أفضل نوع من حب الذات، وفق المجلة.

يتعرض الإنسان لأزمة نفسية كبيرة بعد فقدانه لوظيفته وقد يفقد الثقة في قدراته ومهاراته
يخشى بعض الناس إحباط من يهتمون بأمرهم (غيتي)

قَول “لا” في العمل

يعتقد موقع (باور أوف بوزتيفيتي) الأمريكي أنه عليك أن تُفضل صحتك على المال الإضافي الذي قد يأتي من ساعات العمل الإضافية دون أن تشعر بالذنب، وإن كان مديرك قد طلب منك ذلك.

ويرى الموقع المهتم بالصحة النفسية، أنه بإمكانك إخبار الإدارة بأنه لا يمكنك الاستمرار في العمل ساعات متواصلة، وأنك على استعداد لفعل ذلك مرة في الشهر مثلا بهدف المساعدة.

ويقول إنك من خلال وضع حدود ثابتة، تسمح لهم بمعرفة حدودك، ويصبح بالتالي قول “لا” أمرًا معتادًا.

وتسمح لك هذه القواعد الذاتية الصغيرة برسم حدودك وعدم السماح لأي شخص آخر بتجاوزها.

لا يمكنك الاستمرار في العمل ساعات متواصلة (أرشيفية)

قل “لا” بلباقة

تساءل المقال عن سبب اعتبار هذه الكلمة المكونة من حرفين فجّة وجارحة، وشعور بعض الناس بالارتباك الشديد وبالقلق ونوبات الذعر من قولها.
ويوضح المختصّون النفسيون أنه ليست هناك حاجة لأن تكون متوترًا عندما تدافع عن نفسك، وأن ذلك أمر طبيعي إذا فعلته بلطف.

وينصح المرافقون النفسيون باستخدام إحدى الحيل للبدء بقول “لا”، عبر جعلها بين جملتين إيجابيتين، أي أن تخبر الشخص مثلا بأنك تود فعل ذلك وأنك ستكون سعيدا به لكنه لا يمكنك الآن، وتَعِدُه بمساعدته في المرة المقبلة إذا تمكنت من ذلك.

ويشدد السلوكيون على أنه لا ينبغي أن يكون قول “لا” أمرًا جللًا تحتاج إلى التفكير فيه طويلًا، وأنه عليك أن تتذكر أن رعايتك الذاتية وصحتك النفسية تأتي أولًا.

وينصحون بعدم السماح للآخرين بتغيير خططك عندما يكون ذلك أمرًا مزعجًا لك، فأنت بحاجة إلى الاعتناء بنفسك، ولن يبذل أيّ شخص آخر نفس القدر من الجهد لفعل ذلك مثلك.

ينصح المرافقون النفسيون باستخدام إحدى الحيل لتلطيف قول “لا” (غيتي)

ثق في نفسك

تقول المُعالجة النفسية باميلا مندلسون إن عليك أن تجعل كلمة “لا” نشيطة في مفرداتك المستخدمة، موضحة أن قول “لا” في رفض أمر معين يفسح أمامك المجال لقول “نعم” في أمور أخرى قد تفيد صحتك ونفسيتك وعائلتك.

واعتبرت أن العلاقات التي يجد فيها الطرفان قول “لا” دون حرج وبتقبّل هي علاقات صحية.

وأضافت: من يريد أصدقاء عليه أن يكون صادقًا معهم، سيكون من الأفضل أن تتحدث عما يدور في ذهنك ولا تقلق بشأن كيف سيتلقى الآخرون ذلك، كما أنك تحتاج إلى التأكد من إعطاء الأولوية لمشاعرك، لأنها ضرورية.

وتضيف المعالجة أنك إذا سمحت للناس بإيذائك ولو بغير قصد، فإنك ستكون في حالة نفسية وجسدية غير جيدة، وبالتالي فإن قول “لا” هو وسيلة يمكنك من خلالها التحكم في حياتك.

الاستعلاء والغضب واللطف الزائد.. أقنعة تخفي تدني الثقة في النفس
يعتبر البعض اللطف الزائد إخفاء لتدني الثقة في النفس (غيتي)

أفكار لقول لا

ينصح المختصّون النفسيون بالتدرّب على رفض الأشياء الصغيرة، وعندما تصبح أكثر ثقة في استخدام الكلمة، يمكنك الاستعانة بها في الأمور الأكثر أهمية.

بمجرد أن تتعلم كيفية وضع حدود لنفسك، يصبح من السهل كثيرًا إعادة أمور حياتك إلى نصابها عندما تزوغ عن الخط.

وإذا سئمت من التراكمات وكنت لا تجد الوقت أو الاحترام لمساحتك الشخصية، فقد حان الوقت لبدء تعلم قوة قول “لا”.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع أجنبية