“آية” دُفنت يوم خطبتها.. فاجعة وفاة 3 أطباء أشقاء تهز مصر والناجي الوحيد يروي تفاصيل اللحظات الأخيرة (فيديو)

الأشقاء الثلاثة (مواقع مصرية)

في مساء الأربعاء ليلة العشرين من شهر رمضان المعظّم، فُجع المصريون بنبأ مصرع 3 أشقاء جامعيين (طبيبان وصيدلانية) في حادث سير مروّع أثناء عودتهم إلى قريتهم بمحافظة دمياط شمالي البلاد.

القصة -بحسب الصحافة المصرية- بدأت من العريش، حيث يدرس اثنان منهم في جامعة سيناء وهناك زارتهم شقيقتهم الكبرى، ثم قرّر الأشقاء الثلاثة قضاء العشر الأواخر من رمضان مع أسرتهم وأحبائهم في قرية “أم الرزق”، فاستقلوا سيارتهم (الملّاكي) رفقة زميل رابع وانطلقوا نحو رحلتهم الأخيرة.

فاجعة هزت مصر

الأشقاء الثلاثة هم آية أحمد عثمان (24 عامًا) الطالبة في كلية الصيدلة، وأحمد (22 عامًا) الطالب بكلية طب الأسنان، وآلاء (19 عامًا) الطالبة بكلية طب الأسنان، وكان بصحبتهم زميلهم محمود الكحلاوي (20 عامًا) الطالب بكلية الهندسة.

وفي لحظات قال القدر كلمته فتوفي الأشقاء الثلاثة وأصيب زميلهم، حينما انقلبت السيارة على طريق “القنطرة شرق العريش” في ترعة السلام، ونُقلوا جميعًا إلى مستشفى جامعة قناة السويس.

في ذلك الوقت كانت الأسرة تستعد لاستقبال أبنائها مساءً، لكنها تلقّت الفاجعة التي طرقت بابها من دون مقدمات وواجهت ما لم يتحمله الصخر، وعلى الفور توجّه الأبوان إلى موقع الحادث بحثًا عن جثث أبنائهما واستخلاص إجراءات الدفن، وسط حالة من الصدمة والألم والانهيار.

وكالصاعقة، تلقّى أهالي القرية النبأ الحزين بالذهول وعدم التصديق بسبب ما تركه الأشقاء الثلاثة من ذكريات طيبة، وهرعوا إلى منزل والد الضحايا الثلاثة للتأكد من الخبر وسرعان ما اتشحت القرية كلها بالسواد وسط عويل وبكاء.

المكالمة الأخيرة

وعن تفاصيل المكالمة الأخيرة، قال والد الأطباء الثلاثة إن آخر مكالمة أجراها معهم كانت عصر يوم الحادث حين أخبره محمود -الابن الأوسط- بأنه سيعود رفقة شقيقتيه وصديقه عقب تناول الإفطار، لكنه تلقى اتصالا بشأن الحادث عقب صلاة التراويح من والد زميلهم رفيق سفرهم.

استُخرج جثماني محمود وآلاء ليلًا لكن جثمان آية لم يستخرَج إلا صباح اليوم التالي حيث جرفتها مياه الترعة بعيدًا عن موقع الحادث. ولعدم وجود مقبرة لدفن الثلاثة معًا طلب الأب بناء 3 مقابر بأرضه لتكون هديته لهم عوضًا عن العيادات التي كان يجهزها ليهديها لهم.

ابنة برنامج العباقرة التي دُفنت يوم خطبتها

الأشقاء الثلاثة كانوا غاية في التفوق والأخلاق -وفق أهالي القرية وشهادات أصدقائهم وزملائهم- لكن هناك سرًا آخر يتعلق بالابنة الكبرى “آية” التي كانت تنتظر قرار تعيينها معيدة في كلية الصيدلة بجامعة الدلتا وشاركت مدة عامين في برنامج العباقرة ولها موقع لشرح المواد العلمية على الإنترنت، فقد قررت زيارة شقيقيها في شمال سيناء لقضاء عطلة نهاية الأسبوع والعودة معهم.

يقول الأب “راحت لهم عشان يموتوا الثلاثة سوا.. الخميس الذي دُفن به الثلاثة كان مقررًا لقراءة فاتحة آية وخطبتها لطبيب أسنان”، لكنه بقلب صابر محتسب ينتظر العوض من الله في بقية أبنائه الصغار. وبث أصدقاء آية مقطع فيديو لها حظي بانتشار واسع أثناء حفل تخرجها وسط فرحة وتصفيق زملائها.

الناجي الوحيد

أما زميل سفرهم والناجي الوحيد من الحادثة المؤلمة فقد روى تفاصيل اللحظات الأخيرة قائلًا “عندما سقطت السيارة في الترعة حاولنا الخروج من النوافذ، سألتهم إذا كانوا يجيدون العوم فكانت الإجابة بلا”، ولأنه الوحيد الذي يستطيع السباحة فقد أعطاهم بعض الإرشادات وسط الظلام الدامس وتيارات المياه التي تقاذفتهم.

كانت آية قريبة منه بعض الوقت لكنها سرعان ما فلتت منه فماتت وسحبتها دوامات المياه واختفت عن نظره، وحاول نداء محمود وآلاء فلم يرد عليه أحد ففقد الأمل في نجاتهم، وبعدما أنهكه التعب واكتشف أنه كان يسبح عكس التيار ترك جسده نائمًا على الماء ليحركه التيار إلى أقرب يابسة وهو ينطق الشهادتين.

“ماتوا الدكاترة”.. مشهد الأم

وفي مشهد مهيب لم تشهده قرى محافظة دمياط من قبل، توافد الآلاف على قرية “أم الرزق” من المدينة والقرى المجاورة وزملاء الأشقاء الثلاثة، منذ صباح الخميس غير عابئين بمشاق الصيام والحرارة لانتظار الجثث، وخيّم الحزن على القرية التي لم تستفق من صدمتها بعد.

واصطف الجميع على مداخل القرية وجنبات الطريق المؤدي إلى المقابر لتشييع الضحايا -بين زغاريد وبكاء- في جنازة حاشدة حضرتها الأم الثكلى التي فقدت أبنائها الثلاثة.

سارت الأم بين موكب الجنازة وسط النساء المتشحات بالسواد تجر رجليها بقلبها المفجوع، انهمرت دموعها فانسكبت كالأنهار من عيون كل من حولها باكين زهور شباب بلدتهم، رفعت يدها متضرعة بالدعاء وبُحّ صوتها من كثرة ترديد “يا رب” لتصبح بالفعل هي بطلة ذلك اليوم العصيب بلا منازع وعنوان الصبر والصمود والسكينة رغم حالة الانهيار.

وبدلًا من الاحتفال بخطبة آية ثم العيد، دُفن الأشقاء الثلاثة في أيام مباركات وفي مشهد تعاطف معه ملايين المصريين وانتقل صداه على المنصات العربية وسط دعوات لم تنقطع للأم بالصبر والاحتساب على هذا المصاب الجلل الذي ترك ندبة في قلوب الجميع.

المصدر : الجزيرة مباشر + وسائل إعلام مصرية