بصناعة المعجنات.. ابنة وزير سابق تعيل أسرتها بعد فقدان زوجها

محل منار في العاصمة الأردنية عمان (الأناضول)

رغم أنها ابنة وزير سابق إلا أن ذلك لم يمنع عنها ضنك العيش، إذ عانت من ظروف قاسية دفعتها لوصف حياتها بأنها سواد، لكنها قاومت بعزيمة وإصرار قسوة الأيام التي مرت بها.

منار علاونة (46 عامًا) عاشت في كنف أبويها بمنطقة الطّيبة في محافظة إربد شمالي الأردن، إلى جانب أشقائها وشقيقاتها (4 ذكور و7 إناث)، لكن سرعان ما غادرتهم إلى بيت الزوجية وهي ابنة 14 عاما.

تحولت هي الأخرى إلى أم لـ3 أولاد وابنتين أنجبتهم في 8 سنوات من زواجها، وأصبحت بعدها جدة لـ5 أحفاد.

فقدت زوجها لتجد نفسها أما بكل مواصفات الأب، فلم تخضع لليأس لتعيل أسرتها الصغيرة أو تغض الطرف عن مساعدة أسرتها الكبيرة، فبدأت رحلة كفاح تكللت بالنجاح.

أثبتت منار أن الإصرار على تحدي الظروف وتحديد الوجهة الصحيحة عوامل مهمة لكي يحقق الإنسان ذاته ويصل لأهدافه.

منار تصنع المعجنات (الأناضول)

بداية المعاناة

تولّى والدها حقيبة وزارة الزراعة في الحكومة الرابعة لرئيس الوزراء الأسبق مضر بدران (1989- 1991)، لكنه لم يستمر سوى أشهرٍ قليلة بسبب استقالة الحكومة في يونيو/حزيران 1991.

ورغم قصر مدة حكم الوزير العلاونة إلا أن كثيرين يشيرون لمنزلته في العلم والدين ويصفونه بالمفكر الاقتصادي.

كان الوالد يعيل أسرته براتب تقاعدي بسيط حال دون كفاية أُسر أولاده وبناته، لكن ذلك لم يمنعه من مساعدتهم قدر المستطاع ولو على حساب نفسه، فعاطفة الأبوة حاضرة في كل حين.

فقدت منار زوجها عام 2018 فاضطرت إلى عيش واقع جديد، لتكون معه الأب والأم في آن واحد لأبنائها وبناتها الـ5، مراعية في الوقت ذاته ظروف والدها التي حرمته من مساعدة ابنته، باحثة عن عمل تؤمن من خلاله لقمة العيش لها ولهم.

وجدت في صناعة الكعك والمعجنات طريقا لها، فقررت أن تعيش مع هذه المهنة، متنقلة بين محافظات المملكة لتستقر أخيرا بالعاصمة عمّان، وتنشئ مكانا خاصا تعرض فيه منتجاتها.

عملت منار لمدة عامين في الشارع (الأناضول)

رحلة كفاح

في مكان عملها بمنطقة خلدا، قالت منار لمراسل الأناضول: قساوة الظروف التي مررت بها لا يتحملها أحد، حياة صعبة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لكن الحمد لله على كل شيء.

وأضافت “ذهبت إلى إربد (منطقة عيشها في الطيبة) عام 2015، وسكنت فيها 4 سنوات، وكنت طيلة تلك الفترة أعمل من البيت، وتمكنت من كتابة اسمي بين السيدات المتميزات في صناعة الكعك والمعجنات”.

وتابعت “تعلمت الصنعة من والدتي وجدتي، وساعدتني مشاركتي في العديد من المهرجانات المحلية على العمل، لكن الطلب تراجع بسبب زيادة المنافسة”.

لم تستسلم منار، فقررت التوجه إلى محافظة الزرقاء، لكنها أيضا واجهت صعوبة في تدبير مكان مناسب للعمل.

قالت “بالكاد كنت أجد مكانا لأنام فيه أنا وأولادي، لكني كنت مصرة على عدم الاستسلام، فأخذت فرنا للغاز ووضعته في أحد مواقف السيارات، وبدأت أبيع ما أصنعه في الشارع لمدة عامين”.

منتجات من صنع منار (الأناضول)

ثروة الكفاف

بعد عامين من العمل في الشارع، أشفق على منار أحد المارة فساعدها في الحصول على مكان لتصنع فيه منتجاتها وتقوم ببيعها بأحد المراكز التجارية.

قالت “ما زلت أعمل فيه هذا المكان حتى الآن بالفترة المسائية لأنها تشهد حركة نشطة للعوائل وبالتالي مزيدا من الإقبال، ووجدت أنه لا بد من التوسع في العمل فانتقلت للعيش بالعاصمة عمان وفتحت فيها محلا صغيرا، ومضى عليه 9 أشهر والإقبال جيد بحمد الله”.

إضافة إلى المعجنات والكعك (معمول)، ذكرت منار أنها تعد أطباقا أردنية تراثية معروفة مثل المكمورة واللزاقيّات وخبز العيد، وغيرها من الأطباق الأخرى، وأوضحت أنها تدير إنتاجها بحسب الطلب لأنه طازج ولا يحتمل المبيت والتخزين طويل الأمد.

وأضافت “الأسعار في متناول الجميع، فأنا لست طامحة في تحقيق ثروة، وإنما تأمين معيشة بأبسط المتطلبات لي ولأبنائي”.

ورغم ابتعادها عن والديها وأشقائها وشقيقاتها، إلا أن منار لم تتنكر لأسرتها، مؤكدة أنها على تواصل مستمر ودائم معهم دون انقطاع، قائلة “إنهم يفخرون بي وبما حققت، خاصة أن أبنائي استطاعوا إكمال دراستهم الجامعية رغم ضيق الحال”.

المصدر : الأناضول