شاهد: “الجنائية الدولية” تحكم على “جزار البلقان” بالسجن مدى الحياة

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، الأربعاء، حكما بالسجن مدى الحياة على جنرال صرب البوسنة راتكو ملاديتش وأدانته بالتورط في أعمال إبادة جماعية وجرائم أخرى خلال حرب البوسنة.

ودانت المحكمة التابعة للأمم المتحدة، القائد العسكري السابق المعروف بلقب “جزار البلقان”، بالسجن المؤبد بعد إدانته بـ10 اتهامات بارتكاب جرائم إبادة ومذابح وعمليات تطهير عرقي وجرائم حرب وضد الإنسانية، ارتُكبت خلال حرب البوسنة.

وقال رئيس المحكمة ألفونس أوري خلال تلاوته الحكم “الجرائم المرتبكة تصنف ضمن أبشع الجرائم التي عرفها الجنس البشري وتضمنت الإبادة الجماعية والإبادة كجريمة في حق الإنسانية، والمحكمة تحكم على راتكو ملاديتش بالسجن المؤبد لارتكابه هذه الجرائم”.

من جهتها، رحبت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، بالحكم معتبرة أنه انتصار مهم للعدالة.

وصرح زيد رعد الحسين المفوض السامي لحقوق الانسان إن “ملاديتش تجسيد للشر”.

وأضاف زيد، الذي كان عضوا في قوة الحماية التابعة للأمم المتحدة في يوغوسلافيا السابقة بين 1994 و1996، أن الحكم بمثابة إنذار لمرتكبي مثل هذه الجرائم بأنهم لن يفلتوا من العدالة أيا كان نفوذهم “ومهما طال الزمن، سيحاسبون جميعا”.

وجاءت تلاوة الحكم في قضية “جزار البلقان” اليوم، أمام المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة لتطوى بذلك صفحة من النزاعات التي شهدتها تلك المنطقة.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة حكمها بحق ملاديتش المتهم بأنه “العقل المدبر وراء مقتل آلاف الأشخاص” والملاحق بتهم ارتكاب إبادة وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب.

وأصر ملاديتش على حضور الجلسة خلافًا لنصيحة الأطباء بسبب مخاوف على وضعه الصحي، لكن سرعان ما أمره القضاة بمغادرة القاعة.

ويعتبر القائد العسكري الصربي السابق آخر المتهمين البارزين أمام هذه المحكمة التي أنشئت عام 1993 لمحاكمة الأشخاص الذين يُشتبه بارتكابهم جرائم حرب خلال حرب البلقان.

ويعتبر المدعي سيرج براميرتس “أنه أحد أول الملفات التي بررت إنشاءها”.

وبعدما حاكمت خلال السنتين الأخيرتين راتكو ملاديتش وحكمت على رفيقه السياسي رادوفان كرادجيتش بالسجن 40 عاما، تغلق المحكمة الدولية أبوابها نهائيا في 31 ديسمبر/كانون الأول، بعدما مثل أمامها 161 متهمًا.

وبذلك تُطوى صفحة من التاريخ بالنسبة ليوغوسلافيا السابقة، شهدت محاكمة أهمّ مرتكبي الجرائم فيها ومثولهم أمام القضاء الدولي.

وكان الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش، الذي عُثر عليه ميتا في زنزانته عام 2006 خلال محاكمته، أول رئيس دولة يمثل أمام محكمة دولية.

والجنرال ملاديتش متهم بقيادة حملة “تطهير عرقي” في جزء من البوسنة لإقامة دولة صربية عظمى نقية عرقيًا.

وقد وجهت إليه تهم ارتكاب جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وقعت خلال حرب البوسنة (1992-1995) وأسفرت عن سقوط أكثر من مئة الف قتيل ونزوح مليونين و200 ألف شخص.

وطالب الادعاء بإنزال عقوبة السجن المؤبد بحق ملاديتش، ويقول الدفاع أن القائد العسكري السابق لم يعترف يومًا بذنب اقترفه حتى ولو عبر عن “أسفه لمقتل كل بريء في جميع المعسكرات، وفي كل الاتنيات في يوغوسلافيا السابقة”.

ملاديتش ذاته

وبعد أيام على مقتل نحو ثمانية آلاف رجل وشاب في سريبرينيتشا في شمال البوسنة، وجهت اليه في 25 تموز/يوليو 1995 تهمة ارتكاب مجزرة.

ودانت المحكمة الدولية ستة متهمين من بينهم رادوفان كرادجيتش في مأساة سريبرينيتشا التي تعتبر أسوأ مجزرة في أوربا منذ الحرب العالمية الثانية.

ويلاحق ملاديتش أيضا لدوره في حصار ساراييفو الذي دام 44 شهرًا وقتل خلاله عشرة آلاف شخص معظمهم مدنيون ولاحتجاز مئتي جندي ومراقب تابعين للأمم المتحدة العام 1995.

واعتُقل ملاديتش في 2011 بعد تواريه لأكثر من عشر سنوات، في منزل أحد أفراد عائلته في صربيا ونقل الى لاهاي ليمثل للمرة الأولى أمام المحكمة بعد أيام.

وبدا نحيل الجسم وعجوزًا، وقالت أرملة أحد ضحايا سريبرينيتشا إن ملاديتش نظر إليها واضعًا إصبعه تحت حلقه مشيرًا إلى حكم إعدام بحقه.

ورفض الإدلاء بشهادته أمام ما اعتبره “محكمة شيطانية”، بعد طلب مثوله عام 2014 أمام القضاة خلال محاكمة رادوفان كرادجيتش.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع فرنسية