تقرير: أجهزة الاستخبارات الأمريكية لا تثق بترمب المتقلب

رصدت وكالة “فرانس برس” للأنباء العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وأجهزة الاستخبارات الأمريكية، قائلة إن العلاقة يشوبها التوتر.

وقالت الوكالة إن علاقة الرئيس الأمريكي بأجهزة الاستخبارات الأمريكية لم تكن يومًا أكثر توترا مما هي عليه الآن، فالرئيس لا يصغي إلى رؤساء الأجهزة ويتجاهل أهمية المصادر ويأخذ قرارات مفاجئة من دون تنبيهها.

وكثيرا ما تصادم الجانبان، كما حدث في مايو/آيار عندما وافق ترمب في إطار مساعيه للدفاع عن نفسه بوجه اتهامات بالتواطؤ، على رفع السرية عن ملفات التحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية عام 2015.

بعد بضعة أسابيع، أعلن مدير الاستخبارات الوطنية دان كوتس عزمه الاستقالة من رئاسة 17 وكالة تشكل مجتمع الاستخبارات.

واقترح ترمب خلفا لكوتس هو جون راتكليف عضو الكونغرس المعروف بترديده نظريات المؤامرة على شبكة فوكس نيوز الاخبارية. لكن راتكليف اضطر لسحب ترشحه أمام الانتقادات الحادة له.

لكن الرئيس تخطى سو غوردون، نائبة كوتس، التي كانت أولى بمنصب المديرة بالإنابة.

وقالت غوردون التي أمضت ربع قرن في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) لمجموعة “ويمنز فورين بوليسي” هذا الشهر إن ترمب أول رئيس “في تجربتي لم يكن لديه أسس أو إطار لفهم ما هي حدود الاستخبارات، وما هو الهدف منها وطريقة مناقشتنا لها”.

وقالت إن جواب ترمب كان كالمعتاد: “لا أعتقد أن هذا صحيح”.

وأكد تلك التجربة محلل سابق في “سي آي أيه” يعمل حاليا لدى معهد مرموق في واشنطن    

وقال المحلل “عندما كنت في سي آي إيه، كان الأهم تقديم مادة في الإيجاز الصحفي الرئاسي اليومي. كان ذلك دائما مسألة كبيرة”.

وأضاف المحلل السابق الذي عمل في عهد الرئيسين جورج بوش الابن وباراك أوباما “كنت أعلم أن كليهما كان يأخذ هذه المسألة ببالغ الجدية”.

وتابع “الآن، لدي الانطباع بأن (ترمب) لا يأبه بما يقدم إليه مهما كان، والحقيقة أنه يحصل على إيجازه الصحفي من فوكس آند فريندز” أحد برامجه التلفزيونية المفضلة.

ومع ذلك فإن وزير الخارجية الحالي مايك بومبيو كان أول مدير لـ”سي آي إيه” في فترة ترمب.

وأصبح شخصية محورية في الإدارة ويواظب على زيارة البيت الأبيض لتقديم الإيجازات، وهو ما يقدره ترمب.

لكن الرئيس يعتبر مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) الذي فتح التحقيق بشأن تدخل روسيا في انتخابات 2016، من خصومه.

والأسبوع الماضي قال ترمب إن مدير “إف بي آي” الذي عينه بنفسه كريستوفر راي “لن يتمكن على الإطلاق من إصلاح” الوكالة التي تعاني من “خلل كبير”. وكان لتصريحاته أثرها.

وفي نهاية 2018 استقال وزير الدفاع جيم ماتيس على خلفية خطة ترمب سحب الجنود الأمريكيين من سوريا.

ومع وصف الرئيس ماتيس، الجنرال السابق في المارينز الذي شارك في معارك، بأنه “أكثر جنرال أعطي أكثر من حجمه في العالم”، شعرت كافة الأجهزة الاستخبارية والعسكرية بالإهانة.

وقال براين بيركينز، محلل الإشارات السابق في سلاح البحرية الذي يعمل حاليا لدى معهد “جيمس تاون” للأبحاث “الناس مستاؤون بشكل غير عادي”.

وأضاف “إنهم يعرضون ما يعتقدون أنها أكبر مخاوفهم، وكيفية التصرف، ويتم تجاهلهم كليا”.

وغادر العديد من عناصر مجتمع الاستخبارات، بحسب بيركينز، لشعورهم بالقلق خصوصا إزاء الاستياء الذي واجهه ماتيس بشأن سوريا وأفغانستان.

وقال بيركينز إن “الاستخبارات ينبغي أن تكون موضوعية لكن إن لم يتم استيعاب الأمور والإصغاء لها بعقلية منفتحة، فما الهدف؟”.

في يناير/كانون الثاني وصف الرئيس أجهزة الاستخبارات بـ”الساذجة” حيال التهديد الذي تمثله إيران.

وكتب على تويتر “ربما يتعين على الاستخبارات أن تعود إلى المدرسة”، لكنه أكد في وقت لاحق أنه يتفق معها في المواضيع الرئيسية.

ومؤخرا قرر ترمب بشكل مفاجئ في أكتوبر/تشرين الأول سحب الجنود الأمريكيين من الحدود التركية السورية، تاركا حلفاء واشنطن الأكراد في مواجهة الهجوم التركي.

والنتيجة كانت فوضى تامة. فإلى جانب تقويض تحالف مهم، عزز الانسحاب الأمريكي الموقع الإقليمي لروسيا، المنافس الاستراتيجي لواشنطن.

ويعد تشارك في المعلومات بين الدول أمراً بالغ الأهمية في “الحرب ضد الإرهاب”، لكن فورات ترمب تترك تداعياتها.

وقال الخبير في “مكافحة الإرهاب” بجامعة “جورج تاون” في واشنطن دانيال بايمان “من الصعب من الناحية السياسية التعاون مع الولايات المتحدة”.

وأضاف “ترمب يساهم في إثبات أن الغرب يخوض حربا ضد الإسلام”. وتابع “هذه بعض الطرق كما أظن التي تظهر أن تجاهل المستشارين مسألة خطيرة”.

ومع دخول الولايات المتحدة التي تشهد استقطابا حادا سنة الانتخابات، تتصاعد المخاوف. ومع ذلك فإن مجتمع الاستخبارات ملتزم باحترافيته وبحس الواجب تجاه البلاد.

وقال سيث جونز الذي خدم في أفغانستان وهو حاليا خبير بشؤون “مكافحة الإرهاب” في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية “يمكن للاستخبارات أن تستمر بالتأثير على كبار صناع القرار. الرئيس لم يكن إطلاقا المستهلك الوحيد للمعلومات الاستخباراتية”.

وأضاف “ما زال من المهم جمع وتحليل المعلومات الاستخبارية، والولايات المتحدة لا تزال منخرطة في العديد من العمليات التي لا تتطلب تفويضا رئاسيا”.

المصدر : مواقع فرنسية