مخاوف من أعمال شغب: الأمريكيون القلقون يختارون بين بايدن وترمب

الانتخابات الأمريكية
بروكينجز: "المخاطر كبيرة بالنسبة لهذه الانتخابات، والمزاج القومي يبدو قاتما".

تستعد العديد من المدن والشركات في الولايات المتحدة، لاحتمالية حدوث أعمال عنف وفوضى عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية 2020، التي يشوبها مخاطر كبيرة ومشاعر مشحونة.

ورغم أن حوالي 100 مليون أمريكي قد استفادوا من التصويت المبكر بالبريد، إلا أنه من المتوقع أن يدلي أكثر من 50 مليونًا بأصواتهم شخصيًا في الانتخابات، وهي زيادة كبيرة مقارنة بـ 139 مليونًا ممن أدلوا بأصواتهم في عام 2016.

لكن التهديد، الذي يلوح في الأفق بأعمال عنف وتخريب مرتبطة بالانتخابات في المدن والشوارع الأمريكية، دفع العديد من أصحاب الأعمال إلى تغطية نوافذهم كإجراء احترازي أو إغلاق متاجرهم.

وفي فلوريدا، كثفت بعض المتاجر الشهيرة، منها “Macy’s” و “Target” و”CVS” الإجراءات الأمنية لمنع إلحاق أي أضرار بمتاجرهم وسط مخاوف بوقوع أعمال عنف بعد الانتخابات.

وفي 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قالت مؤسسة “بروكينجز” البحثية، في تقرير لها، إن “المخاطر كبيرة بالنسبة لهذه الانتخابات، والمزاج القومي يبدو قاتما”.

وأضاف التقرير أن “العنف يمكن أن يظهر بطرق كبيرة وصغيرة”.

واحتمالية تأجيل نتائج الانتخابات، أو الطعن فيها، يثير مخاوف لدى الأمريكيين من احتمالية تعرض ممتلكات التجارية والسكنية للضرر في حالة حدوث أعمال شغب.

وعبر 16 ولاية أمريكية، تم نشر أكثر من 3 آلاف و600 من أفراد الخدمة في الحرس الوطني، فيما بقيت المكونات الاحتياطية للجيش الأمريكي والقوات الجوية في حالة تأهب بشأن الاضطرابات المحتملة.

وتشمل مهام أعضاء الخدمة مساعدة مراكز الاقتراع، وتوفير دعم الأمن السيبراني، والاستجابة للاحتجاجات يوم الانتخابات وبعده.

كما تم إنفاق حوالي 200 ألف دولار لشراء معدات واقية، وتدريب العناصر على أساليب التعامل مع الاحتجاجات، فيما تم نشر 300 من أفراد الحرس الوطني في كل من ألاباما وأريزونا، بينما أمرت ولاية ماساتشوستس ألف عنصر بالتأهب حال لازم الأمر.

وفي السياق نفسه، قالت تكساس إنها قد ترسل ما يصل إلى ألف جندي إذا لزم الأمر.

وأشار الديمقراطيون إلى تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب التي يبدو أنها ترحب بالعنف وتشجعه وتنذر به إذا فشل في الفوز.

وفي العديد من التصريحات، ألمح ترامب إلى أنه لن يلتزم بالتداول السلمي للسلطة إلا إذا كانت الانتخابات بعيدة عن “التزوير”.

انتخابات على وقع الانقسامات

وبعد حملة انتخابية عاصفة كشفت عمق الانقسامات السياسية في الولايات المتحدة، تدفق الأمريكيون على صناديق الاقتراع، الثلاثاء للاختيار بين الرئيس الحالي دونالد ترمب ومنافسه جو بايدن لقيادة دولة، تعاني من جائحة فيروس كورونا، على مدى السنوات الأربع المقبلة.

واصطف الناخبون أمام مراكز الاقتراع في شتى أنحاء البلاد للإدلاء بأصواتهم دون أن تظهر أي علامات على وجود مشكلات في مراكز الاقتراع كان البعض يخشى حدوثها عقب حملة ساخنة اتسمت بخطاب استفزازي.

وقبيل يوم الانتخابات، كان ما يزيد قليلا على 100 مليون أمريكي قد صوتوا مبكرا بالفعل إما شخصيا أو عن طريق البريد، وفقا لمشروع الانتخابات الأمريكية بجامعة فلوريدا، فيما يرجع إلى مخاوف من ازدحام مراكز الاقتراع خلال جائحة كورونا وكذلك إلى الحماس الشديد.

وقد حطم مجمل المصوتين الأرقام القياسية ودفع بعض الخبراء إلى توقع أعلى معدلات للتصويت منذ عام 1908.

وحقق بايدن، نائب الرئيس الديمقراطي السابق الذي أمضى نصف قرن في الحياة العامة، تقدما ثابتا في استطلاعات الرأي في أرجاء الولايات المتحدة على الرئيس الجمهوري.

لكن ترمب ينافسه في عدد من الولايات الحاسمة بدرجة قد تمكنه من تكرار ما فعله عام 2016 عندما هزم الديمقراطية هيلاري كلينتون على الرغم من خسارته في التصويت الشعبي الوطني بنحو ثلاثة ملايين صوت.

وقال ترمب خلال ظهوره في أرلينجتون بولاية فرجينيا في الجهة المقابلة من واشنطن عبر نهر بوتوماك، حيث شكر العاملين في الحملة الانتخابية “أعتقد أننا سنقضي ليلة رائعة.. لكنها سياسة وانتخابات ولا تعرف أبدا (كيف ستسير الأمور)”.

وأضاف ترمب “الفوز سهل. الخسارة ليست سهلة أبدا- ليست كذلك بالنسبة لي”.

وبدا ترمب متعبا بعض الشيء وأقر بأن صوته كان “متقطعا بعض الشيء” بعد إلقاء خطابات في العديد من التجمعات الصاخبة في الأيام الأخيرة من الحملة.

وإذا كانت نتيجة الانتخابات متقاربة، فمن المحتمل ألا تظهر قبل أيام، خاصة بالنظر إلى الزيادة الهائلة في التصويت عبر البريد بسبب الجائحة. وقال ترامب إن النتيجة قد تعرف مساء الثلاثاء. وأضاف أنه لن يعلن الفوز قبل الأوان.

وظهر بايدن، صباح أمس الثلاثاء، في ولاية بنسلفانيا المهمة. وقال عبر مكبر للصوت في مدينة سكرانتون مسقط رأسه إنه يعدهم بأن يوحد الأمريكيين ويعيد للبيت الأبيض احترامه.

وتوقف في منزل طفولته، حيث وقع على أحد جدران غرفة المعيشة وكتب “من هذا المنزل إلى البيت الأبيض بفضل الله. جو بايدن 2020-11-3”.

وكان توقف بايدن المحدود النطاق في سكرانتون يتناقض بشدة مع ظهور ترمب هناك، الاثنين الماضي، عندما ألقى خطابا أمام أكثر من خمسة آلاف من أنصاره في لقاء في الهواء الطلق.

ويتفق أنصار المرشحين فيما يبدو على أن الانتخابات استفتاء على ترمب وولايته الأولى المضطربة. ولم يخسر أي رئيس أمريكي محاولة الفوز بفترة ثانية منذ جورج بوش الأب عام 1992.

وتوجهت مونيك كينج (54 عاما) مباشرة إلى مركز الاقتراع الخاص بها في صالة لكرة السلة بكلية في سانتا مونيكا بكاليفورنيا في السابعة صباحا بعد الانتهاء من نوبة عمل ليلية لمدة 12 ساعة في مستشفى، حيث تعمل ضمن طاقم العمل الجراحي.

وقال كينج “أعتقد أن أسلوب التعامل مع فيروس كورونا كان سيئا.. أعتقد أن لدينا الكثير من الوفيات. لا يمكنني أن أتحمل أربع سنوات أخرى من حكم ترامب.. كذبة تلو كذبة تلو كذبة”.

وفي مكونيلسبورج بولاية بنسلفانيا، اصطف الناخبون مرتدين سترات وواضعين قبعات في صباح بارد.

وقال مارتن سيلار، وهو عامل لحام يبلغ من العمر 45 عاما كان انتهى لتوه من نوبة عمله، عن ترمب، مرشحه المفضل “إنه لا ينجز كل ما يقول، لكني أرى أنه يحاول خلافا للجميع الذين يخدعوننا”.

ومن الولايات الأكثر احتداما في المنافسة والتي من المتوقع أن تحدد النتيجة، بنسلفانيا وفلوريدا وويسكونسن وميشيجان ونورث كارولاينا وأريزونا وجورجيا. ويأمل الديمقراطيون أن يتمكن بايدن حتى من تهديد ترامب في ولايات معروفة بتصويتها للجمهوريين مثل أوهايو وأيوا وتكساس.

وأبعدت الجائحة، التي أودت بحياة أكثر من 231 ألف أمريكي وأفقدت الملايين وظائفهم، يوم الانتخابات عن مساره المألوف، إذ يضع موظفو الاقتراع والناخبون الكمامات ويبتعد الناس عن بعضهم البعض.

ويتوقع الخبراء أن يصل إجمالي الأصوات إلى 160 مليونا، متجاوزا 138 مليون بطاقة اقتراع في عام 2016.

وتحسبا للاحتجاجات المحتملة، أغلقت السلطات بعض المباني والمتاجر في مدن منها واشنطن ولوس أنجليس ونيويورك. وأقامت السلطات الاتحادية سياجا جديدا حول محيط البيت الأبيض.

وأمر قاض خدمة البريد الأمريكية بتفقد بعض منشآت فرز وتوزيع البريد بعد، ظهر أمس الثلاثاء، من أجل إرسال بطاقات الاقتراع المتأخرة على الفور لتسليمها في ولايات مهمة مثل بنسلفانيا وفلوريدا.

وفي غضون ذلك، يحقق مكتب التحقيقات الاتحادي في سلسلة من المكالمات الآلية الغامضة التي تحث الناس على البقاء في منازلهم في يوم الانتخابات.

وقفزت مؤشرات الأسهم الرئيسية في وول ستريت، حيث راهن المستثمرون على أن الانتخابات قد تنتهي بانتصار واضح لبايدن واتفاق سريع على المزيد من التحفيز المالي المرتبط بالجائحة.

الانتخابات عرضة للتزوير

يسعى ترمب (74 عاما) للفوز بأربع سنوات أخرى في المنصب بعد فترة رئاسية صاخبة غلبت عليها أزمة فيروس كورونا واقتصاد رزح تحت وطأة الإغلاق بسبب الوباء والمساءلة بغرض عزله والتحقيقات في التدخل الروسي في الانتخابات والتوترات العرقية وسياسات الهجرة المثيرة للجدل.

أما بايدن (77 عاما) فيتطلع للفوز بالرئاسة في ثالث محاولة له بعد مسيرة سياسية لخمسة عقود منها ثماني سنوات عمل خلالها نائبا للرئيس السابق باراك أوباما.

وسيقرر الأمريكيون أيضا اليوم أي الحزبين السياسيين الرئيسيين سيسيطر على الكونغرس خلال العامين المقبلين، في ظل ضغط الديمقراطيين لاستعادة الأغلبية في مجلس الشيوخ وتوقعات بأن يحتفظوا بسيطرتهم على مجلس النواب.

ووعد بايدن، الذي وضع طريقة تعامل ترمب مع الجائحة في قلب حملته، ببذل جهود جديدة لمكافحة الأزمة الصحية وإصلاح الاقتصاد ورأب الصدع السياسي في البلاد، التي هزتها كذلك على مدى أشهر احتجاجات بسبب العنصرية ووحشية الشرطة.

وقلل ترمب مرة أخرى، الثلاثاء، من شأن الجائحة، قائلا إن الأزمة في البلاد “تقترب من نهايتها” حتى مع تسجيل العديد من الولايات أرقاما قياسية للإصابات الجديدة في الأيام الأخيرة من الحملة.

وستبدأ النتائج في الظهور بعد السابعة مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة (2400 بتوقيت جرينتش)، عندما تغلق صناديق الاقتراع في ولايات مثل جورجيا.

وتبدأ بعض الولايات الحاسمة، مثل فلوريدا، في إحصاء الأصوات التي أُدلي بها قبل يوم الانتخابات ويمكن أن تعلن النتائج بسرعة نسبيا ليل الثلاثاء. ومُنعت ولايات أخرى، ومنها بنسلفانيا وميشيجان وويسكونسن، من إحصاء الغالبية العظمى من بطاقات الاقتراع عبر البريد حتى يوم الانتخابات، مما يزيد من احتمال أن تمتد عملية الإحصاء لعدة أيام.

وأكد ترمب دونما دليل أن بطاقات الاقتراع عبر البريد عرضة للتزوير. وقد دفع أيضا بأنه يجب حساب الأصوات مساء يوم الانتخابات فقط. وأشار إلى أنه قد يحاول استخدام المحاكم لوقف الفرز.

ومن المتوقع أن يقضي ترمب معظم اليوم في البيت الأبيض، حيث جرى التخطيط لحفل ليلة الانتخابات لنحو 400 ضيف، سيتم فحصهم جميعا للكشف عن مرض كوفيد-19.

        

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات