كابوس التحرش في مصر.. هل المرأة الضحية والجاني معًا؟

التحرش في مصر يضاعف هموم المرأة.. والسؤال: إلى متى تظل المرأة المجني عليه والجاني في الوقت نفسه؟
التحرش في مصر يضاعف هموم المرأة.. والسؤال: إلى متى تظل المرأة المجني عليه والجاني في الوقت نفسه؟

تحدثت عشرات المصريات، الشهر الماضي، على وسائل التواصل الاجتماعي عن اعتداءات جنسية تعرضن لها، استشعر الناشطون أنها لحظة انتصار بعدما عانت المرأة طويلًا من وطأة شعور بالظلم.

وعلى غرار محاكمات سلطت عليها الأضواء في الولايات المتحدة وأطلقت العنان لوسم (#مي تو) في العالم، وجهت النيابة في مصر اتهامات في أشهر قضية أثيرت في الآونة الأخيرة، وهي قضية طالب من أسرة ثرية يواجه اتهامات عدة.

وفي خطوة لتشجيع الضحايا على التقدم ببلاغات أو الإدلاء بشهادات، وافقت الحكومة على مشروع قانون يوفر مزيدًا من الحماية من خلال حجب الهوية.

وبالرغم من ذلك، عندما حاولت مديرة صفحة إنستغرام (التي اجتذبت الشهادات الأولى) الكشف عن قضية كبرى أخرى، وصلتها تهديدات بالقتل؛ فعلَّقت الحساب في نهاية يوليو/ تموز الماضي بدافع الخوف، على حد قولها.

ومن جانب آخر، وفيما اعتبره ناشطون خطوة تقوض حقوق المرأة، اتهمت النيابة مؤخرًا عددًا من النساء “بالتحريض على الفجور” من خلال أغانٍ ورقصات في مقاطع فيديو على موقع تيك توك.

وكانت إحداهن قد نشرت مقطعًا تقول فيه إنها تعرضت للاغتصاب والابتزاز وتطلب المساعدة، ووجدت دراسة مسحية للأمم المتحدة في عام 2013 أن 99 في المئة من المصريات تعرضن للتحرش.

ويقول ناشطون إنه لا يزال هناك تحيز متغلغل في المجتمع يكيل اللوم على المرأة وسلوكها، الذي يعتبره مثيرًا للغرائز بدلًا من أن يتهم الرجل.

وقالت صانعة محتوى على الإنترنت تدعى أمينة صلاح الدين (25 عامًا)، وهي ضحية تحرش خلال العام الماضي: “إحنا أساسًا بنتربى أو معظمنا بيتربى على إننا مهما حصل فينا فاحنا السبب، أنت مش ضحية.. أو أنت بشكل ما سبب في اللي حصل، سواء باللبس اللي أنت لابساه، سواء بالمكان اللي أنت رحتيه، المفروض البنت ماتمشيش لوحدها في مكان زي دا، ما أنت عارفة إن دا ها يحصل لك”.

أمينة صلاح الدين (رويترز)

وتوالت الشهادات بعد القضية المتهم فيها أحمد بسام زكي، وهو طالب سابق بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في أوائل العشرينيات من العمر، وُجهت إليه الشهر الماضي اتهامات بالاعتداء على ثلاث فتيات على الأقل.

وكانت الاتهامات المنسوبة إليه قد نشرت في السنوات الماضية على صفحة مجموعة خاصة على موقع فيسبوك يديرها طلاب من الجامعة الأمريكية بالقاهرة. 

واستجابت السلطات بعد أن ظهرت الاتهامات على حساب على موقع إنستغرام يحمل اسم (أسولت بوليس)، أي شرطة مكافحة جرائم الاعتداء الجنسي.

كان حجم الشهادات واستهدافها شخصًا من الطبقة الراقية أمرًا غير عادي.

وقالت الناشطة والمحامية عزة سليمان، والتي ساعدت في توثيق الشكاوى، إن هناك صورة نمطية بأن “التحرش بييجي في بيئات معينة”.

لم يتحدث زكي عن الاتهامات علنًا، لكنه نفى بعضها أثناء الاستجواب حسب بيان النيابة، ورفض والده التعليق عندما اتصلت به رويترز.

حالات متزايدة

بعد أن حثّ الأزهر الشريف والمجلس القومي للمرأة (تديره الدولة) المزيد من الضحايا على التقدم ببلاغات والإدلاء بشهادات، ظهرت اتهامات ضد ثلاثة حقوقيين، اعترف أحدهم علنًا وعُزِل، كما فُصِل قسيس من الكنيسة القبطية.

وجذبت قضية أخرى اهتمامًا كبيرًا بعدما ترددت مزاعم عن حادثة اغتصاب جماعي في فندق فيرمونت بالقاهرة عام 2014، وتواترت الشهادات على (أسولت بوليس) قبل إغلاق الحساب. 

رغم ذلك، استمرت الروايات على صفحات أخرى، وأعلنت النيابة العامة فتح تحقيق، الأربعاء الماضي.

لكن السلطات القضائية لا تزال غير جاهزة للتعامل مع جرائم التحرش والاعتداء الجنسي، حسبما يقول نشطاء سلط بعضهم الضوء على مشاكل الاعتداء في مصر قبل زمن طويل من انتشار حركة (#مي تو) في الغرب.

وسنّت مصر عام 2014 عقوبات بالسجن لستة أشهر على الأقل، أو غرامات لا تقل عن 3000 جنيه مصري (188 دولارًا) في جرائم التحرش، بعد الاعتداء على نساء بالقرب من ميدان التحرير في القاهرة خلال الاحتفالات بتنصيب الجنرال عبد الفتاح السيسي رئيسًا.

وباتت ضابطات شرطة يقمن الآن بدوريات في أيام العطل الرسمية أو الاحتفالات، لكن نشطاء يقولون إن تعريفات الاغتصاب والاعتداء والتحرش لا تزال تسمح للجناة بالإفلات بسهولة.

ويوصف الاغتصاب بأنه ممارسة الجنس الكامل بالقوة، فيما تُعرّف الأشكال والصور الأخرى بأنها تحرش جنسي.

 

وقال عضو البرلمان محمد فؤاد، وهو يضغط من أجل اتخاذ إجراء في قضية زكي: “المشكلة خاصة بشكل كبير جدًا بالبيئة التشريعية، البيئة التشريعية نفسها تحد من قدرة النظام التشريعي على التعامل مع الحدث”.

ولم يتسن الوصول لمتحدث باسم وزارة العدل للتعليق، ولم يرد المركز الصحفي ولا المتحدث باسم وزارة الداخلية على الأسئلة.

ولاحق ممثلون للنيابة نساء ظهرن على موقع (تيك توك) وهن يرتدين ملابس اعتُبرت مثيرة، ويقول ناشطون إن تلك المحاكمات تنتهك حرية التعبير.

وتُظهر قضية أمينة صلاح الدين كيف أن الإبلاغ عن التحرش أو الاعتداء ليس بالأمر اليسير على المرأة التي تواجه حينها وصمة اجتماعية عادة.

وقالت إنها خلال مطاردتها للرجل الذي اعتدى عليها خارج شقتها في القاهرة، اضطرت إلى اتهامه بالسرقة لتشجيع المارة على الإمساك به.

بعد ذلك واجهت صعوبة في إقناع الشرطة بالتعامل مع القضية، رغم أن المتهم صدر عليه حكم بالسجن ثلاث سنوات في نهاية الأمر.

وقالت في مقابلة مع إحدى وسائل الإعلام “هما فاهمين إن دا محضر فريد من نوعه، وماحدش بيكمل فيه؛ فطبيعي إني أنا هاتنازل، أو ها أقدم بلاغ بسرقة”.

 

اقرأ أيضًا:

مصر.. القبض على شاب متهم باغتصاب العشرات ومظاهرة إلكترونية ضد التحرش

“جريمة الفيرمونت”: اغتصاب جماعي لفتاة في فندق يهز مصر.. ما القصة؟

بتهم أخلاقية.. حملة في مصر على ناشطات “تيك توك”

بسبب “فيديوهات مثيرة”.. السجن 3 سنوات لفتاة تيك توك جديدة في مصر

المصدر : الجزيرة مباشر + رويترز