كيف أثر الوجود الأمني “الأكثر صرامة” بمنطقة الكونغرس على حياة سكان “كابيتول هيل”؟

قوات الأمن تقف حراسة خارج مبنى الكابيتول الأمريكي قبل تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن ، في واشنطن (ر ويترز)

اختلفت ردود أفعال سكان حي “كابيتول هيل” الذي يقع به مبنى الكونغرس تجاه الوجود الأمني “الأكثر صرامة” في المنطقة.

فبينما قامت قوات أمريكية مسلحة أمس السبت بدوريات حول سياج أمني أقيم مؤخرا ليحيط بجزء كبير من الحي في واشنطن العاصمة، كان بعض القاطنين في المنطقة سعداء، بينما كان هناك آخرون قلقين من حجم استعراض القوة.

فقد انتشرت قوات الشرطة والحرس الوطني قبيل بدء مسيرات يحتمل أن تتسم بالعنف، ينظمها اليمين المتطرف وتيارات قومية.

ونقلت صحيفة “لوس أنجليس تايمز” عن الطبيبة جوليا سكابيك 41 عاما، التي تعيش بالقرب من مبنى الكونغرس (الكابيتول)، إن النشاط الشرطي الكثيف جعلها تشعر أنها أكثر أمانا، وبعث برسالة قوية إلى مثيري الشغب المحتملين، فحواها أنه “ليس هناك فرصة لكم هنا، لذا لا تكلفوا أنفسكم عناء مجرد المحاولة”.

(ر ويترز)

وقالت جوليا إن بعض جيرانها قد غادروا المنطقة، بينما قام آخرون بغلق أبواب منازلهم ووضعوا قوالب من الطوب في الساحات الخلفية لمنازلهم، خوفا من أن يقوم مهاجمون محتملون بقذفهم بالحجارة، بعد ما شهدته المنطقة مؤخرا من أعمال التمرد الدموية التي وقعت في مبنى الكابيتول على أيدي متطرفين موالين للرئيس الامريكي المنتهية ولايته دونالد ترمب، وبتشجيع منه.

أمر مقلق

في الوقت نفسه، قالت جارتها إدنا بون (57 عامًا) التي كانت تقف بجانبها، وهي تعمل أيضا في مجال الرعاية الصحية، إنها تتفهم الحاجة إلى توجيه رسالة قوية، إلا أنها في الوقت نفسه منزعجة بسبب استعراض القوة، إذ إنها لم تستطع أن تغفو في ظل استمرار وصول مركبات القوات ليلا، ونقلت الصحيفة عن إدنا القول “إنه أمر مقلق”.

وكان مكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي) حذر في الأسبوع الماضي وكالات إنفاذ القانون في أنحاء البلاد من أن الجماعات اليمينية تخطط لتنظيم احتجاجات في واشنطن وعواصم الولايات، الأحد.

كما حثت منشورات تم تداولها عبر الإنترنت المواطنين على التجمع ظهرًا “مسلحين وفقًا لتقديركم الشخصي”.

وكان مدير مكتب التحقيقات الاتحادي، كريستوفر راي، قال الخميس الماضي إن المكتب يرى “قدرا كبيرا من الأحاديث المقلقة عبر الإنترنت” التي تدعو إلى احتجاجات مسلحة مع اقتراب تنصيب الرئيس المنتخب، جو بايدن في العشرين من الشهر الجاري.

وأوضح راي أنه يتم حاليًا تحليل التعليقات المنشورة على الإنترنت والتحقيق فيها لمعرفة ما إذا كانت تمثل تهديدًا حقيقيًا.

وأضاف “نحن قلقون بشأن احتمالية اندلاع أعمال عنف في العديد من الاحتجاجات والتجمعات المخطط لها هنا في العاصمة وفي مباني الكابيتول الحكومية في جميع أنحاء البلاد الأيام المقبلة”.

وأشار المسؤول إلى أنه يشتبه في أن أكثر من 200 شخص يخططون لأحداث على غرار أعمال الشغب التي وقعت في مبنى الكابيتول مؤخرا، وحذر من أن أي شخص يخطط لأعمال عنف خلال الأيام المقبلة عليه أن ينتظر زيارة من “إف بي آي”.

سيارة تابعة للحرس الوطني في محيط مبنى الكابيتول (ر ويترز)

ومن جانبهم، قال القادة الديمقراطيون في أربع لجان بالكونغرس أمس السبت، إنهم تواصلوا مع مكتب التحقيقات الاتحادي ووكالات أخرى، وبدأوا إعادة النظر في واقعة اقتحام مبنى الكابيتول في السادس من يناير/ كانون الثاني، لتحديد ما إذا كان هناك معرفة مسبقة بتلك التهديدات، وما إذا كان قد تم تبادل قدر كاف من المعلومات بشأنها، وما إذا كان هناك تأثير أجنبي كان له أي دور فيما حدث.

وجاءت طلبات الحصول على المعلومات من اللجنة الدائمة المختارة للاستخبارات بمجلس النواب ولجنة الأمن الداخلي ولجنة القضاء ولجنة  الرقابة والإصلاح.

وسعت تلك اللجان للحصول على الوثائق، في رسالة إلى مكتب التحقيقات الاتحادي ومكتب الاستخبارات والتحليل التابع لوزارة الأمن الداخلي، والمركز الوطني لمكافحة الإرهاب، ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية.

فحص الأسلحة

من ناحية أخرى، رصدت شركات الطيران التجارية زيادة طرأت مؤخرًا على عدد الركاب الذين يخضعون لفحص الأسلحة النارية أثناء سفرهم إلى منطقة واشنطن بحسب نشرة صادرة عن وزارة العدل، وأعلنت العديد من شركات الطيران أنها لن تسمح للركاب بتسجيل دخول الأسلحة النارية.

وقد تم إرسال أكثر من 25 ألف فرد من قوات الحرس الوطني لتأمين مبنى الكابيتول هذا الأسبوع، بحسب ما ذكرته صحيفة “لوس أنجليس تايمز”.

كما نشر حكام الولايات في كاليفورنيا وأكثر من ست ولايات أخرى، قوات الحرس الوطني لحماية عواصم ولاياتهم.

في الوقت نفسه، أرسلت بعض الجماعات اليمينية القومية، ومن بينها “بوغالو بويز”، و”براود بويز”، و”أوث كيبرز”، و”ثري برسنترز”، تحذيرات إلى أتباعها بعدم المشاركة في احتجاجات مطلع الأسبوع.

واتهمت السلطات الاتحادية أشخاصا في العديد من الولايات بتشكيل تهديدات، أو بمحاولة خرق الأمن المتعلق بالاحتجاجات المتوقعة في مطلع الأسبوع.

وفي وقت متأخر من مساء أمس الأول الجمعة، تم إيقاف ويسلي ألين بيلر 31 عاما، المنحدر من منطقة “فرونت رويال” في ولاية فيرجينيا، ببطاقة مرور غير مصرح بها عند نقطة تفتيش أمنية عند الكابيتول، وتم إلقاء القبض عليه بعد أن عثرت السلطات على مسدس معبأ بالرصاص عيار 9 ميليمتر، وأكثر من 500 طلقة ذخيرة في شاحنته الصغيرة.

ومثل بيلر أمام المحكمة العليا في واشنطن العاصمة أمس السبت، حيث أمره القاضي بالابتعاد عن واشنطن وأخلى سبيله بضمانه الشخصي.

تهديد بالعنف

وفي فلوريدا، وقع الحاكم الجمهوري رون ديسانتيس، الجمعة، على أمر تنفيذي لتنشيط الحرس الوطني في العاصمة تالاهاسي، وذلك بعد ساعات من اعتقال مكتب التحقيقات الاتحادي رجل محلي بسبب مزاعم التهديد بالعنف هناك في مطلع الأسبوع.

وتم اتهام دانيال بيكر 33 عاما، وهو من المحاربين القدماء في الجيش، بنقل تهديد بالخطف أو إحداث إصابة، واتُهم بـ “الدعوة إلى حمل السلاح” على الإنترنت يوم الخميس الماضي، بحسب سجلات المحكمة.

وفي بيان له، قال لورانس كيف، وهو المدعي العام الأمريكي للمنطقة الشمالية في فلوريدا “هذا الاعتقال بمثابة رسالة إلى أي شخص ينوي التحريض على العنف أو ارتكابه… إذا كنت تمثل تهديدا للسلامة العامة، فسنأتي إليك، وسنعثر عليك، وسنحاكمك”.

ومن جانبه، شكر عمدة تالاهاسي، جون إي دايلي، ديسانتيس على لتنشيط الحرس الوطني.

وكتب دايلي في تغريدة على تويتر “إذا تعلمنا أي شيء من أحداث الأسبوع الماضي، فهو أنه لا يمكننا المخاطرة بأن نكون غير مستعدين للتهديد المحتمل الذي يمثله أولئك الذين يرغبون في مهاجمة قلعة الديمقراطية في ولايتنا، والذين قد يكونوا قد تشجعوا بسبب أحداث الأسبوع الماضي”.

المصدر : الألمانية + الجزيرة مباشر