لوموند الفرنسية تكشف أسباب تورط ماكرون في أزمة مع الجزائر.. إليك التفاصيل

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (غيتي - أرشيفية)

كشفت صحيفة لوموند الفرنسية أن المنظور السياسي الذي اعتمده الرئيس إيمانويل ماكرون لتحقيق شروط المصالحة مع الذاكرة الجماعية لحرب الجزائر قاده إلى التسبب في أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين باريس والجزائر.

وأوضحت الصحيفة أنها ليست المرة الأولى التي يثير فيها الخطاب الرئاسي لماكرون ارتباكًا وعدم فهم على الساحة الدولية، ما دفع الإليزيه إلى بذل جهود شاقة لتوضيح “سوء التفاهم” ومحاولة إعادة العلاقات الفرنسية الجزائرية إلى سابق عهدها.

وأضافت الصحيفة أن الرئيس الفرنسي يدفع اليوم ثمن سنوات من عدم المعرفة بطبيعة النظام الجزائري.

وتابعت “أنه لطالما اعتقد ماكرون أو أراد أن يصدق أن نظيره في الجزائر عبد العزيز بوتفليقة حتى أبريل/نيسان 2019، وعبد المجيد تبون منذ ديسمبر/كانون أول 2019، يمكن أن يكونا شريكين في مصالحة الذاكرة بين فرنسا والجزائر.

وأضافت “ماكرون كان يحلم بأن يكون وريث فرانسوا ميتران إلى جانب الرئيس شارل ديغول في السماح لشعبين أن يعيشا في سلام وأمن والتطلع إلى مستقبل مشترك”.

وأكدت الصحيفة أن الرئيس ماكرون قد وصف، في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، نظيره الجزائري بـ “الشجاع” متناسيًا أن تبون اتهم قبل ذلك بسبعة شهور، فرنسا بارتكاب “مذبحة ضد سكان الجزائر”، وهو الأمر الذي تسبب في إلغاء زيارة رئيس الوزراء الفرنسي للجزائر في أبريل/نيسان من العام نفسه، وسط بيان مناهض لفرنسا لأحد أعضاء الحكومة، ما ألقى الضوء على هشاشة رهان ماكرون على تبون.

وأردفت الصحيفة أن الرئيس الفرنسي انتهز فرصة مأدبة غداء بقصر الإليزيه، في 30 من سبتمبر/أيلول الماضي، مع “أحفاد” مقاتلي الحرب الجزائرية ليصف “النظام السياسي العسكري”  بأنه “متعب” و “صعب جدا”، و “مبني على إيجار الذاكرة”.

ومن الطبيعي أن تثير هذه التصريحات حفيظة السلطات الجزائرية، مع استدعاء السفير الجزائري في باريس ومنع الطائرات الفرنسية العاملة في منطقة الساحل من التحليق فوق الجزائر.

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (يمين) ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون (غيتي – أرشيفية)

ووقفت الصحيفة الفرنسية عند رد فعل رئيس الدبلوماسية الجزائرية وتصريحاته العلنية بـأن “إفلاس الذاكرة الفرنسية يتوارى خلفه عدد معين من الفاعلين في الحياة السياسية الفرنسية، وأحيانًا على أعلى المستويات”.

وتابعت الصحيفة أنه في الجزائر العاصمة، تم إطلاق العنان للصحافة الموالية للحكومة ضد تصريحات الرئيس ماكرون المرتبطة بسبب الحرب والذاكرة، واعتبرتها شكلا من أشكال التعصب والكراهية ضد الجزائر والجزائريين.

ولم تكن المعارضة الجزائرية أقل قسوة ضد الرئيس الفرنسي الذي تساءل في 30 سبتمبر “هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟”، واعتبرت أن هذا التساؤل عن وجود أمة جزائرية بحد ذاته، والذي لم يكن ليحققه إلا المستعمر الفرنسي، أدى إلى إجماع جزائري ضد ماكرون.

وأكدت الصحيفة أن ماكرون ربما يأمل من خلال هذه المعارك الكبرى الانتصار في معركته الانتخابية، ما جعله في رأي بعض الساسة الجزائريين متورطا وممارسا لنوع من “الانتهازية السياسية” التي تتغذى على “الأكاذيب التاريخية”.

وخلصت الصحيفة إلى أن الجميع ينتظر بفارغ الصبر الكلمات التي سيلقيها إيمانويل ماكرون في 17 من أكتوبر/تشرين الجاري احين تحل الذكرى السنوية الستين لمداهمات شرطة باريس والتي قُتل فيها عشرات الجزائريين، ويمكن بالفعل أن تتخللها لفتات تذكارية بعيدة المدى.

واوضحت الصحيفة “سسنتظر ما إذا كانت ستكون الكلمات كافية لتهدئة الاضطرابات العميقة السائدة الآن في العلاقات الفرنسية الجزائرية”.

المصدر : الجزيرة مباشر + صحيفة لوموند الفرنسية