خبراء: مغامرة الرئيس التونسي محكوم عليها بالفشل في أقرب الآجال ولا مناص من حوار وطني عاجل (فيديو)

تواصل انقسام الشارع التونسي حيال قرارات الرئيس قيس سعيد الأخيرة، والممثلة في رفع الإقامة الجبرية عن عدد من الشخصيات العامة، ودعوة الرئيس السابق المنصف المرزوقي فرنسا لرفع يدها عن الانقلابيين في تونس.

وعبّر أحمد نجيب الشابي رئيس الهيئة السياسية لحزب أمل عن خيبة أمله جراء التخبط السياسي التونسي منذ انقلاب الرئيس سعيّد وجوره على باقي السلطات في البلاد وإقصاء الحكومة والبرلمان ليحتكر الدولة في شخصه، على حد تعبير الشابي.

وأكد أن خطاب سعيّد، السبت، يزيد الوضع سوءًا مع إصرار الرئيس على التحكم في مفاصل الدولة واحتكار جميع السلطات لخاصة نفسه، لا سيما وأنه تكلم عن “رجم الشياطين” و”الحشرات” وكذلك “الصواريخ الجاهزة على منصاتها”، فضلًا عن سخريته من وكالات التصنيف السيادي العالمية.

وعقد الشابي موازنة سريعة بين موقف سعيّد، أمس السبت، وما أقدم عليه اليوم من رفع الإقامة الجبرية عن 11 شخصية عامة، مضيفًا “كيف يمكن فهم العلاقة بين هذا وذاك؟ إنه من الصعب بمكان ويدل على تواصل التخبط”.

واستطرد “يبقى أن يتخيل الإنسان دوافع خطوة سعيّد الأخيرة، ولعل اجتماع لجنة الاستماع في الكونغرس حول الوضع في تونس، هذا الأسبوع، تحمل الجواب لهذا الإجراء غير المتوقع خصوصًا بعد خطاب أمس”.

وبرّر ذلك بأن الرئيس التونسي يخشى أن يحمل التقرير توصيات ليست في صالحه، ومن ثم فإنه استبق الأحداث ومرّر ورقة للأمريكان، لكن على المرء أن يتساءل عن موقف الصحفين الموقوفين، والقنوات الإعلامية المعلقة النشاط ومنها قناة الجزيرة، فضلًا عن حظر السفر، وعرض المدنيين على القضاء العسكري.

وخلص الشابي إلى أن الخطوة الأخيرة لا تحمل إشارة مؤكدة لتحسن الأوضاع، وإنما نوع من توفيق الأوضاع بطريقة ما، مضيفًا “لا يمكن اعتبار ما حدث اليوم منعطفًا في الحياة السياسية التونسية، ولكنه إجراء إيجابي لا يتناسق تمامًا مع مجريات الأمور التي تتسم بالإصرار على المضي قدمًا في طريقٍ محدودة ومسدودة انتهجها الرئيس سعيّد”.

وتابع “نحن في نهاية الطريق المسدودة، ليس أمامنا مهلة لنبلغ تلك النهاية، المالية التونسية على شفير انهيار العملة الوطنية وتضخم المديونية، وغلاء الأسعار يسوقنا إلى الوضعية اللبنانية وبخطى متسارعة جدًا”.

وقال الشابي “مغامرة سعيد محكوم عليها بالفشل وفي المدى القريب، الآن نواجه حصارًا دوليًا مضروب على تونس، مع تنامي رقعة الانتقادات داخل المجتمع التونسي والجمعيات المدنية والأحزاب السياسية، وثم حلٌ واحد لهذه الأزمة هو أن يتراجع السيد قيس سعيّد عما اتخذه من إجراءات عبر إجراء حوار وطني استشاري يتناول مسألة حكومة الإنقاذ التي تحتاجها تونس”.

وواصل “يتبع ذلك الحديث عن الإصلاح الدستوري، ثم نتناقش حول كيفية العودة إلى الشرعية الدستورية عبر انتخابات مبكرة، ومن دون تناول هذه القضايا المصيرية بالحوار وبشكل عاجل في وجود جميع الفرقاء لن نصل لحل بالجملة”.

وتابع الشابي “سعيد وأنصاره يمارسون إنكارًا للواقع مع هروب للأمام نحو طريق مسدود، وهو (سعيّد) جزء من الأزمة وليس فعالًا في الحل، ومن ثم فليس من المعقول ولا المقبول أن يُجرى حوار برعايته، وإنما يكون طرفًا في ذلك الحوار، ولن يقبل التونسيون بانهيار البلاد لأجل عيني السيد قيس سعيد”، على حد قوله.

متظاهرون تونسيون ضد قرارات سعيّد الاستثنائية
متظاهرون تونسيون ضد قرارات سعيّد الاستثنائية (AFP)

وارتأى حافظ السواري عضو المكتب السياسي لحزب الشعب أن الرئيس التونسي تأخر في تفعيل قرار تشكيل الحكومة وتشكيل حوار وطني بين مكونات الحراك السياسي وممثلي الشعب دون إقصاء أو تهميش، بغية إخراج تونس من وضعها الاستثنائي إلى وضع مستقر.

وبخصوص قرارات سعيّد الاستثنائية في 25 يوليو المنقضي، قال السواري إن الرئيس التونسي صحّح مسار الثورة في البلاد، مستدركًا أن الوقت الآن حساس جدًا ويستلزم الإسراع في مهمة تشكيل الحكومة منعًا لتصاعد الاحتناق وظهور فرص للاحتراب الداخلي.

وأدان عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الاعتداء على طاقم قناة (الوطنية) التونسية، مشيرًا إلى أن وصف الرئيس التونسي للمتظاهرين ضده -بصفات مثل “الحشرات” والمأجورين”- لا معنى لها على الإطلاق.

وواصل “الحض على التدخل الخارجي في الشأن التونسي (في إشارة لحديث المنصف المرزوقي) يعد خطيرًا جدًا، هذا استقواء بالأجنبي بل ويصل إلى حد الخيانة العظمى”، على حد قوله.

وقالت لمياء الخميري الأمين العام لحزب حراك تونس الإرادة إن حراك، اليوم الأحد، عبّرت عن غضب الشارع التونسي وتبرمه من قرارات الرئيس قيس سعيد، منذ 25 يوليو/تموز الماضي، وأن الأعداد التي خرجت إلى الشارع في تنامٍ.

وأكدت أن الشعب التونسي سجل رفضه الانقلاب على الدستور وترفّع عن خلافاته مُسطّرًا ملحمة حقيقية في التصدي للمنقلبين، على حد تعبيرها.

وأشارت إلى التضييقات الأمنية التي مورست على المتظاهرين عبر وضع المتاريس والحواجز الأمنية، وتحصين الشوارع الكبرى -ومنها شارع الثورة- والمسارات المحتملة للمتظاهرين، مضيفة أن هذه التضييقات لم تُشاهد خلال مظاهرة أنصار سعيّد، الأسبوع الماضي.

متظاهرون تونسيون ضد قرارات سعيّد الاستثنائية (AFP)
متظاهرون تونسيون ضد قرارات سعيّد الاستثنائية (AFP) (AFP)

وفي معرض ردها على التصور المفترض لمسار الأحداث في تونس مع تمسّك بسعيد بموقفه، قالت لمياء “يبدو أن الرئيس ماضٍ في انقلابه، ولا نملك إلا حناجرنا ومقاومتنا السلمية والنزول إلى الشارع للتعبير عن موقفنا الرافض للانقلاب”.

وكان الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي قد دعا فرنسا للتدخل وإنهاء الانسداد السياسي الناجم عن تصلّب موقف سعيّد، وطالبها بالضغط على الرئيس الحالي لتفادي تفاقم الأزمة والمساعدة في تراجع سعيّد عن إجراءاته الاستثنائية.

وردت الخارجية التونسية في بيان أدانت فيه دعوة المرزوقي قائلة “ندين التصرفات المشينة بدعوة أطراف أجنبية لتعطيل المسار التصحيحي للتجربة الديمقراطية”.

 

 

في حين قالت لمياء الخميري “إن الرئيس الأسبق لم يخطئ في حديثه، وإنما قال إن الصداقة التونسية الفرنسية مشروطة بعدم مناصرة الانقلاب، وعلى قصر الإليزيه الامتناع عن تقديم يد العون للانقلاب الفاشل، وإن فرنسا الديقراطية لا يمكن أن تكون بحال في صف الانقلاب”، وتساءلت “ما المشكلة في هذا الطرح؟ وما التحريض الذي رآه أنصار سعييّد في هذه الكلمة؟”.

واستطردت “لقد رأينا موقف ماكرون وعدد من الصحفيين الفرنسيين بعد أحداث 27 يوليو الماضي، وكيف وقفوا مع الانقلاب، ومن ثم جاءت كلمة الرئيس المرزوقي دعوة لرفع يدهم عن الانقلابيين في تونس، لكن مفهوم التدخل الأجنبي مختلط في ذهن قيس سعيّد”، على حد تعبيرها.

وبخصوص القراءة التونسية لخطوة رفع سعيّد الإقامة الجبرية عن عدد من الشخصيات العامة، قال زهير مخلوف النائب السابق عن قلب تونس وأحد الذين رُفعت عنهم الإقامة الجبرية، اليوم الأحد، إنها خطوة إيجابية غير أنها ليست كافية.

وأضاف “كان يمكن أن تأتي في وقت مبكر، لا سيما وأننا مكثنا في إقامة جبرية أكثر من شهرين، ولم تُقدم مبررات حقيقية لهذه الخطوة”.

وفي السياق، قال الناشط السياسي إسكندر علواني للجزيرة مباشر “لا أحد يفهم النواميس في مؤسسات الدولة سوى من وزارة الداخلية والقصر الرئاسي، إذ يحكم على عدد من الشخصيات بتحديد الإقامة، وبمجرد هاتف تُزال عنهم الإقامة الجبرية”.

ودعا الأطراف كافة وفي مقدمتها رئاسة الجمهورية إلى الاهتمام بمستقبل تونس في الوقت الراهن أكثر من أي مكاسب سياسية أخرى.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع التواصل