السودان.. قتلى ومصابون في مظاهرات ضد قرارات البرهان والشرطة تنفي استخدام الرصاص (فيديو)

أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية، السبت، ارتفاع عدد قتلى المتظاهرين “برصاص المجلس العسكري” في مدينة أم درمان، غربي العاصمة الخرطوم، إلى 3 فيما أصيب نحو 110 آخرين في عدة مدن بعضهم بالرصاص الحي.

وقالت اللجنة (مستقلة) في تدوينة عبر صفحتها على فيسبوك، “تقوم مليشيات المجلس العسكري الانقلابي بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين بمنطقة أمدرمان ومناطق أخرى من العاصمة الثائرة، وارتقى إثر ذلك شهيدان كما أسلفنا قبلا، ويوجد عدد من الجرحى”.

وتابعت “الثورة مدها كاسح ورصدها مستمر ولن يفلت مجرم من عقابها القادم لا محالة”.

وفي تدوينة أخرى بصفحتها على فيسبوك، قالت اللجنة “ارتقاء روح شهيد ثالث لهذا اليوم (شاب 19 سنة) بمستشفى الأربعين (بأم درمان) بعد تعرضه لرصاص حي بالصدر من قبل مليشيات المجلس العسكري”.

وفي تدوينة ثالثة أيضا، أعلنت اللجنة 110 إصابات في حصيلة أولية “لقمع” المظاهرات في مدن أم درمان وبحري والقضارف.

وأوضحت اللجنة أن من الإصابات 5 بالرصاص الحي في أم درمان، إحداها غير مستقرة، وإصابة بالرصاص الحي في مدينة بحري (شرق).

وتوزعت بقية الإصابات وفق اللجنة بين الاختناق بالغاز المسيل للدموع وجروح وكسور نتيجة الضرب بالهراوات.

الشرطة تنفي

وقالت الشرطة السودانية إنها لم تستخدم الرصاص في فض مظاهرات اليوم، وذكرت أن أحد أفرادها أُصيب بطلق ناري يجري التحقق من مصدره.

وأكدت الشرطة في بيان أن نبأ مقتل اثنين من المتظاهرين بالرصاص الحي بمدينة أم درمان نُقل من مصادر غير دقيقة.

واتهمت الشرطة بعض المتظاهرين بالخروج عن السلمية ما استدعى استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.

وشددت الشرطة على أنها تتوخى سلامة المتظاهرين وحماية مؤسسات الدولة باستخدام الحد الأدنى من وسائل فض الشغب.

تجمع المهنيين يتهم الأمن

واتهم تجمع المهنيين السودانيين قوات الأمن بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في أم درمان.

وقال التجمع في بيان له إن قوات الأمن تمنع نقل المصابين إلى مستشفى السلاح الطبي في أم درمان.

ودعا التجمع المتظاهرين للتمسك بالسلمية والالتزام بتوجيهات القيادة الميدانية بشأن المسارات.

وناشد التجمع المنظمات الدولية تصويب أعينها إلى السودان ورصد ما سماها الجرائم بحق السودانيين.

وفي وقت سابق السبت، انطلقت مظاهرات احتجاجية عدة رفضا للإجراءات التي أعلنها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الإثنين الماضي، وشملت حل مجلسي السيادة والوزراء، وفرض حالة الطوارئ، وإعفاء الولاة، واعتقال وزراء ومسؤولين وقيادات حزبية في البلاد، وهو ما يعده المعارضون “انقلابا عسكريا”.

وأظهرت لقطات، تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي، قيام قوات الأمن السودانية بإطلاق قنابل الغاز لتفريق متظاهرين كانوا متجمعين على كوبري المنشية الرابط بين الخرطوم وشرق النيل.

وجاءت المظاهرات استجابة لدعوات قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وتجمع المهنيين السودانيين وقوى مدنية أخرى تطالب بعودة حكومة عبد الله حمدوك ومسار الفترة الانتقالية.

واستبقت السلطات السودانية التظاهرات بقطع خدمة الانترنت والاتصالات فضلا عن شنها حملة اعتقالات استهدفت ناشطين في لجان المقاومة الشعبية.

الحرص على السلمية

في السياق، طالب وزراء قوى الحرية والتغيير في الحكومة المعزولة – في بيان- شباب الثورة بالحرص على السلمية وألا يقبلوا جرهم إلى العنف.

واعتبر البيان أن من سماهم الانقلابيين يستهترون بمكاسب الشعب ويتلاعبون بأمنه بسبب مصالحهم ومخاوفهم الذاتية.

ودعا البيان القوات النظامية إلى عدم استخدام العنف لتفريق المتظاهرين السلميين.

وقال الوزراء إنهم قبلوا على مضض الشراكة مع من سموهم الانقلابيين لتقليل كلفة الدم والتهيئة للانتقال نحو الديمقراطية.

واتهم البيان من سماهم الانقلابيين بفض هذه الشراكة، مؤكدا أنهم لن يجدوا من يقبل الشراكة معهم سوى الذين يشاركونهم الخوف من الشعب لجناية اقترفوها، حسب تعبير البيان.

وقال شاهد من رويترز إن قوات الأمن أطلقت الغازات المسيلة للدموع والأعيرة النارية في العاصمة السودانية الخرطوم، اليوم، مع احتشاد مئات الآلاف للاحتجاج على ما وصفوه بـ”الانقلاب العسكري”.

وفي وسط الخرطوم، انتشرت بكثافة قوات مسلحة شملت جنودا من الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، وأغلقت قوات الأمن الطرق المؤدية إلى مجمع وزارة الدفاع والمطار، وكذلك معظم الجسور التي تربط بين الخرطوم ومدينتي أم درمان والخرطوم بحري.

 

وهتف المحتجون الذين رفعوا العلم السوداني “حكم العسكر ما بيتشكر” و”البلد دي حقتنا، مدنية حكومتنا”، وساروا في أحياء العاصمة، كما خرج المحتجون إلى الشوارع في مدن بوسط وشرق وشمال البلاد.

وتشهد العاصمة السودانية الخرطوم إغلاقا لجسور رئيسية بينما أغلقت غالبية المحلات التجارية أبوابها خشية وقوع أعمال عنف، ورفع محتجون صور البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو والبشير مغطاة باللون الأحمر، وهتفوا “اقفل شارع.. اقفل كوبري.. يا برهان جايينك دوغري”.

وكان الآلاف قد خرجوا إلى الشوارع، الأسبوع الماضي، احتجاجا على إطاحة البرهان بحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في خطوة دفعت الدول الغربية إلى تجميد مساعدات بمئات الملايين.

وقال البرهان إنه أقال الحكومة لتفادي نشوب حرب أهلية بعد أن أجج سياسيون مدنيون العداء للقوات المسلحة، مضيفًا أنه ما زال ملتزما بالانتقال الديمقراطي بما في ذلك إجراء انتخابات في يوليو/تموز 2023.

ومع مقتل 11 محتجا على الأقل في اشتباكات مع قوات الأمن، الأسبوع الماضي، يخشى معارضو المجلس العسكري من حملة قمع شاملة وإراقة المزيد من الدماء.

وفي الأحياء، أغلقت مجموعات من المحتجين الطرق أثناء الليل بالحجارة وقوالب الطوب وفروع الشجر والأنابيب البلاستيكية في محاولة لإبقاء قوات الأمن على مبعدة.

واشنطن تحذر من العنف

بخلاف الاحتجاجات السابقة، حمل الكثيرون صور حمدوك الذي ظل يحظى بشعبية على الرغم من أزمة اقتصادية تفاقمت خلال حكمه.

وقالت الولايات المتحدة، التي تدعو إلى إعادة الحكومة التي يقودها المدنيون إلى الحكم، إن رد فعل الجيش، اليوم ، سيكون اختبارا لنواياه.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن على قوات الأمن السودانية احترام حقوق الإنسان، مضيفا أن أي عنف مع المتظاهرين السلميين “غير مقبول”.

وجمدت الولايات المتحدة والبنك الدولي بالفعل المساعدات للسودان الذي يشهد أزمة اقتصادية ونقصا في السلع الأساسية بما في ذلك الغذاء والدواء ويحتاج ما يقرب من ثلث السكان إلى دعم إنساني عاجل.

ومع فرض السلطات قيودا على الإنترنت وخطوط الهاتف، سعى معارضو الانقلاب إلى التعبئة للاحتجاج باستخدام المنشورات والرسائل النصية القصيرة والكتابات على الجدران والتجمعات في الأحياء.

ولعبت لجان المقاومة في الأحياء دورا محوريا في التنظيم على الرغم من اعتقال سياسيين بارزين، ونشطت هذه اللجان منذ الانتفاضة على الرئيس المخلوع عمر البشير التي بدأت في ديسمبر/كانون الأول 2018.

وتم احتجاز حمدوك في منزل البرهان، الإثنين الماضي، لكن سُمح له بالعودة إلى منزله تحت الحراسة، الثلاثاء.

في السياق، أكدت وزيرة الخارجية السودانية المقالة مريم الصادق المهدي، اليوم السبت، أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الموضوع قيد الاقامة الجبرية “لن يكون جزءًا من مهزلة الانقلابيين”، ودعت إلى “إبطال كل الإجراءات” التي أنهت الشراكة مع المدنيين.

وأوضحت المهدي في مقابلة -أجرتها معها فرانس برس عبر الهاتف من القاهرة- أنه لا أساس من الصحة للتقارير الصحفية التي تتحدث عن إمكانية تعاون جديد بين حمدوك والبرهان الذي أطاح، الإثنين الماضي، بشركائه المدنيين في مؤسسات الحكم الانتقالي التي شكلت عقب اسقاط عمر البشير، عام 2019.

ودفعت التطورات الأخيرة في السودان عددًا من الدبلوماسيين إلى الانشقاق عن المكوّن العسكري ودعم المتظاهرين، ورد البرهان بإقالة ستة من سفراء البلاد بينهم سفراء الولايات المتحدة والصين وفرنسا وسويسرا وقطر.

ونقلت صفحة وزارة الثقافة والإعلام المقالة بيانا لوزارة الخارجية أكدت فيه المهدي “افتخر بسفراء السودان الذين أتوا من رحم ثورة الشعب المجيدة وصمودها الباسل وكل سفير حر رفض الانقلاب نصرا للثورة”.

وكانت وزارة الثقافة والإعلام في حكومة عبد الله حمدوك السابقة قد دعت، اليوم السبت، منسوبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية السودانية إلى الامتناع عن استخدام العنف تجاه المحتجين.

 

وفي أغسطس/آب 2019، اتفق العسكريون -الذين تولوا السلطة بعد الإطاحة بالبشير- والمدنيون -الذين قادوا تلك الاحتجاجات- على تقاسم السلطة من خلال وثيقة دستورية لمرحلة انتقالية يتم في نهايتها تسليم الحكم إلى حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيًا.

وقبل إجراءات الإثنين، كان السودان يعيش فترة انتقالية تستمر 53 شهرا، منذ 21 أغسطس/ آب 2019 ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020، وتنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع التواصل + وكالات