ما السيناريوهات المحتملة التي قد تتجه إليها الأزمة السياسية في تونس؟

الرئيس التونسي قيس سعيد (يمين) ورئيس الوزراء هشام المشيشي (مواقع التواصل)

نشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تقدير موقف بعنوان (تونس: أزمة سياسية بغطاء دستوري) تناولت أزمة التعديل الوزاري ورفض الرئيس دعوة الوزراء لأداء اليمين الدستورية وسيناريوهات الحل الممكنة للأزمة.

وبحسب الورقة يعد رفض الرئيس التونسي قيس سعيد للتعديل الوزاري انعكاسًا لأزمة سياسية أوسع، نابعة من الخلاف بين الرئاسة والأغلبية البرلمانية على شكل النظام السياسي وتوزيع الصلاحيات بين أركانه.

ففي السادس عشر من يناير/كانون الثاني 2021 أعلن رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي عن تعديل في تركيبة فريقه الحكومي شمل 11 حقيبة وزارية.

وكانت حكومة المشيشي قد حازت في مطلع سبتمبر/أيلول 2020 على ثقة البرلمان، خلفًا لحكومة إلياس الفخفاخ الذي استقال تحت ضغوط واتهامات بالفساد وتضارب المصالح.

البرلمان التونسي منح الثقة لحكومة المشيشي (رويترز)

 

سيناريوهات ممكنة

مر على التعديل الوزاري الذي أجراه المشيشي على حكومته شهر كامل، وإلى الآن يرفض رئيس الدولة دعوة الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية حتى يتمكنوا من مباشرة أعمالهم.

فما الاحتمالات والسيناريوهات التي يمكن لهذه الأزمة أن تتجه إليها؟

السيناريو الأول

استمرار رئيس الدولة في التمسك بموقفه الرافض لأداء اليمين وفيه 4 خيارات أمام رئيس الحكومة كلها صعبة بحسب الورقة:

  • الأول: خيار “المرور بقوة” واللجوء إلى ما يسميه فقهاء القانون “الإجراء المستحيل” لتجاوز عقبة أداء اليمين أمام رئيس الجمهورية، وهذا الخيار يسنده تأويل دستوري لا يعطي الرئيس حق الامتناع عن دعوة الوزراء لأداء اليمين تحت أي ذريعة، ولكن تعترضه صعوبات عملية يمكن أن تؤدي لاحقًا إلى تعطيل سير عمل المؤسسات وإلى قطيعة تامة بين رأسي السلطة التنفيذية.
  • الثاني: خيار تجميد التعديل مؤقتًا أو العودة عنه نهائيًّا وتقليص حجم الفريق الحكومي من خلال التخلص من الوزراء المقالين، وهذا الخيار مضى فيه المشيشي بالفعل فقام بإعفاء 5 وزراء ولكن هذا الحل مؤقت ولا يمكن أن يستمر طويلًا في ظل التجاذبات والأجواء المتوترة، كما أن التخلص من هؤلاء الوزراء تحديدًا يُنظر إليه في قصر قرطاج على أنه تصعيد للأزمة وليس حلًّا لها.
  • الثالث: خيار إعفاء الوزراء المتهمين بتضارب المصالح وتعويضهم بوزراء آخرين، هذا الخيار هو الأقل كلفة ويحفظ ماء وجه الطرفين، ولكن تنفيذه مستبعد لأن الرئيس يرفض تقديم أسماء هؤلاء الوزراء رغم طلب المشيشي المتكرر بهذا الشأن.
  • الرابع: خيار استقالة رئيس الحكومة وإعادة الأمر إلى رئيس الدولة لاختيار شخصية أخرى لتشكيل الحكومة، وهذا الخيار مستبعد في الوقت الراهن لأن المشيشي وحزامه السياسي كليهما يعارضانه علنًا ويعتبران أن رئيس الدولة هو سبب الأزمة وعليه هو أن يتنازل.

السيناريو الثاني

تراجع الرئيس عن موقفه الرافض لأداء الوزراء الجدد اليمين إما تراجعًا كاملًا أو تراجعًا جزئيًّا. التراجع الكامل وقبول الفريق الجديد بكل وزرائه مستبعد نظرًا لطبيعة الرئيس ومزاجه الصدامي ورغبته في الثأر من الحكومة وحزامها السياسي.

ولكن التراجع الجزئي برفض الوزراء الذين يتهمهم بتضارب المصالح وقبول البقية يظل ممكنًا، خاصة إذا أدرك الرئيس أنه بتعطيل اليمين يعطِّل سير عمل الحكومة ومؤسسات الدولة، وهو المؤتمن على ذلك بحسب نص الدستور.

الرئيس التونسي قيس سعيد خلال افتتاح مستشفى جديد بمدينة صفاقس
الرئيس التونسي قيس سعيد (الأناضول)

السيناريو الثالث

سحب البرلمان الثقة من الحكومة والاتفاق على ترتيبات جديدة، وهذا السيناريو مستبعد حدوثه في وقت قريب لأن حزب الأكثرية وحلفاءه هم من يشكِّل الحزام السياسي للحكومة وهم من منحها الثقة قبل أسابيع قليلة، فليس هناك ما يبرر سحبها قبل أن يباشر الوزراء مهامهم.

ولكن هذا السيناريو يظل ممكنًا إذا اتفق الجميع على الدخول في حوار وطني لحلحلة الأزمة بما فيها أبعادها الاقتصادية والاجتماعية.

السيناريو المؤجل

تشكيل المحكمة الدستورية لتحسم مسألة التعديل، وهذا السيناريو مستبعد في الوقت الراهن لصعوبة التوافق على أعضائها بين الكتل البرلمانية في هذه الأجواء السياسية المشحونة.

هذا السيناريو وإن كان جزءًا من الحل الجذري لهذه يظل مؤجلًا إلى وقت غير معلوم، أما إذا انعقد الحوار الوطني وشملت مداولاته حزمة متكاملة من الحلول بما في ذلك المحكمة الدستورية، فقد ترى هذه المؤسسة النور.

أما الجزء الثاني من الحل الجذري والذي يظل بدوره مؤجلًا، فهو تغيير القانون الانتخابي حتى يمكن للانتخابات القادمة أن تفرز أغلبية واضحة وقادرة على الحكم، تنفذ برنامجها ثم تُحاسب عليه.

المصدر : الجزيرة مباشر