“مواجهة جديدة”.. أوربا تدعو الصين لاحترام حقوق أقلية الإيغور المسلمة

مسلمون من الأويغور في الصين
منظمات حقوقية دولية تؤكد أن العديد من مسلمي الأويغور يعيشون في معسكرات اعتقال جماعي (غيتي-أرشيف)

أكد سفير الاتحاد الأوربي في الصين، اليوم الجمعة، أن دول الاتحاد لا تريد “تصعيدًا” مع بيجين بعد فرض عقوبات متبادلة على خلفية ما تتعرض له أقلية الإيغور الصينية المسلمة من انتهاكات.

وكانت دول الاتحاد قد وافقت، في مارس/آذار الماضي، على فرض عقوبات ضد أربعة مسؤولين صينيين علاوة على هيئة حكومية بسبب الحملة القمعية التي يمارسها النظام الصيني ضد الإيغور المسلمين في إقليم شينغيانغ شمال غربي البلد.

وردّت بيجين عبر فرض عقوبات على شخصيات أوربية من بينها أعضاء في البرلمان الأروبي.

وتشمل العقوبات منع المسؤولين الصينيين من السفر لدول الاتحاد وذلك “بسبب اتهامهم بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان”، حسب مصدر دبلوماسي أوربي.

ويبدو أن هذا الجدل  الدائر بين بروكسل وبيجين من شأنه أن يؤثر بصورة سلبية على الاتفاق المبدئي حول الاستثمار الصيني الأوربي المبرم، في 30 ديسمبر/كانون الأول 2020.

لكن السفير الأوربي في بيجين نيكولا شابوي بدأ متفائلا بخصوص مستقبل الاتفاق، حيث أكد في مؤتمر صحفي أن دول الاتحاد “لا تسعى إلى التصعيد، لكن لا شيء يمنعها من القول ما يشاء، في أي مكان في العالم”.

ورغم التوترات الحاصلة تتواصل الاتصالات على مستوى رفيع بين الصين والدول الأعضاء في الاتحاد.

وأشار السفير الأوربي إلى أن بيجين “تريد على ما يبدو مواصلة الحوار”.

وبشأن الاتفاق على الاستثمار، أقرّ السفير بأن العقوبات الصينية ضد برلمانيين أوربيين لا تساعد في المصادقة على الاتفاق، لكنه أوضح أن الأعمال متواصلة مع وزارة التجارة الصينية بشأن صوغ نصّ نهائي للاتفاق الذي قد يُقدّم إلى البرلمان في نهاية العام الحالي أو مطلع العام المقبل.

وبدا رئيس غرفة التجارة الأوربية في الصين يورغ فوتكيه المؤيد للاتفاق حول الاستثما، اليوم، أقلّ تفاؤلاً وقال في مؤتمر صحفي إن الاتفاق “لن يصبح ملموسًا قبل فترة طويلة”.

ورأى أن النظام الشيوعي وجّه ضربة “غير مناسبة” للنصّ باستهدافه نواباً في البرلمان الأوربي.

وقال “من الواضح أن البرلمان الأوربي لن يفعل شيئاً لإبرام هذا الاتفاق حول الاستثمار طالما العقوبات الصينية لم تُرفع”.

وأعرب فوتكيه عن قلقه بعد الجدل في حول شركات أوربية على غرار شركة “اتش أند إم” السويدية التي تعرّضت للمقاطعة في الصين لأنها تعهّدت بعدم شراء القطن من إقليم شينجيانغ حيث يخضع أفراد الإيغور للعمل القسري، بحسب منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان.

وأشار إلى أن الشركات الأوربية “بين المطرقة والسندان” وسيكون “من الصعب عليها المناورة في هذا الوضع.

الانتهاكات بحق المسلمين

وفي إبريل/نيسان الماضي، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية إن الحكومة الصينية ترتكب جرائم ضد الإنسانية بحق مسلمي الإيغور في إقليم شينغيانغ، داعية المجتمع الدولي إلى معاقبة الصين على تلك الانتهاكات.

ونشرت المنظمة تقريرا بشأن وضع حقوق الإنسان في إقليم شينغيانغ، حيث يعيش غالبية مسلمي الإيغور، رسم صورة قاتمة للانتهاكات التي يعيشها المسلمون هناك.

وقال التقرير إن القيادة الصينية مسؤولة عن السياسات الممنهجة واسعة النطاق للاعتقال الجماعي والتعذيب والاضطهاد الثقافي، إلى جانب جرائم أخرى.

وأشارت المنظمة إلى أن “هناك حاجة لتحرك دولي منسق لفرض عقوبات على هؤلاء المسؤولين والتأكيد على مبدأ المساءلة والمحاسبة والضغط على الحكومة الصينية لكي تعكس المسار”.

كما دعت المنظمة مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة للتحقيق في هذه الاتهامات.

وقال التقرير إن مسلمي الإيغور يتعرضون لمحو هويتهم الثقافية والدينية إلى جانب تعرضهم إلى العنف الجنسي.

وقالت صوفي ريتشاردسون مديرة قسم الصين بالمنظمة “بات واضحا بشكل متزايد أن هناك حاجة لاستجابة دولية منسقة من أجل وضع حد للجرائم ضد الإنسانية وضد المسلمين الإيغور” التي ترتكبها الصين.

وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي مؤخرا عقوبات على الصين بسبب انتهاكها لحقوق الإنسان في إقليم شينغيانغ وردت الصين بعقوبات مضادة.

وتتهم منظمات حقوقية الصين باحتجاز ما يصل إلى مليون شخص من الإيغور المسلمين، الذي يقترب إجمالي عددهم من 11 مليون شخص، بمعسكرات اعتقال في شينغيانغ منذ عام 2017، وإخضاع من لم يتم احتجازهم لمراقبة مكثفة، فضلا عن فرضها قيودا دينية عليهم، واستغلالهم في أعمال قسرية.

وتنفي الصين بشكل قاطع هذا الأمر، وتقول إن هذه المعسكرات هي “مراكز تدريب مهني” تهدف إلى إبعاد السكان عن “التطرف الديني والنزعات الانفصالية بعد ارتكاب أفراد من الإيغور العديد من الاعتداءات الدامية ضد مدنيين”.

المصدر : الجزيرة مباشر + الفرنسية