هجمات إلكترونية على أوكرانيا.. وأمريكا تحذر من غزو روسي وأوربا تهدد بعقوبات

مقاتل انفصالي في جبهة القتال شرقي أوكرانيا (رويترز)

أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، الجمعة، أن روسيا نشرت أفرادًا مدربين على المتفجرات لتنفيذ عملية “مموهة” لإيجاد ذريعة لغزو أوكرانيا.

وجاءت التصريحات كشفا لخلاصات استخباراتية أمريكية غداة تصريحات لمستشار الأمن القومي جيك سوليفان حملت الاتهامات نفسها.

وقالت جين ساكي للصحفيين إن روسيا قد تبدأ العملية قبل “أسابيع عدة من غزو عسكري قد ينطلق بين منتصف الشهر الجاري ومنتصف فبراير/شباط المقبل.

وأضافت أن هؤلاء الأفراد مدربون على حرب المدن وعلى استخدام المتفجرات لتنفيذ أعمال تخريبية ضد القوات الموالية لروسيا في أوكرانيا.

وشددت على أن روسيا كثّفت في الوقت نفسه إطلاق حملة تضليل على وسائل التواصل الاجتماعي تشمل منشورات تتهم أوكرانيا بانتهاك حقوق الإنسان والغرب بإثارة التوترات.

وكان جيك سوليفان أكد في تصريحاته للصحفيين أن روسيا استخدمت تكتيكات مماثلة عام 2014 عندما ضمّت شبه جزيرة القرم الأوكرانية ودعمت تمردا مستمرا في شرق البلاد.

ويأتي كشف الولايات المتحدة لخلاصاتها الاستخباراتية بعد أسبوع من محادثات مع روسيا في جنيف لنزع فتيل التوتر.

المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي (رويترز)

رفض روسي

من جهته، رفض الكرملين، اليوم الجمعة، الاتهامات الأمريكية وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف لوكالة تاس الرسمية للأنباء “حتى الآن، كل هذه التصريحات مجانية ولم تستند إلى أي دليل”.

لكن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية جون كيربي شدد على أن المعلومات الاستخباراتية “موثوقة للغاية”.

وأوضح أن هؤلاء الأفراد يمكن أن يكونوا من “المخابرات الروسية وأجهزة الأمن وحتى الجيش”.

وأضاف كيربي أن قوات روسيا غالبا ما تكون “مختلطة” لدرجة أن “انتماءها ليس بالضرورة واضحا وخصوصا في أكثر العمليات سرية”.

حشد عسكري روسي

ونشرت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، صورًا لمناورات عسكرية مقامة على بعد حوالي 50 كيلومترًا من الحدود الأوكرانية بمشاركة 2500 جندي ونحو 100 دبّابة.

وأظهرت الصور عربات مدرعة وعتادا عسكريا آخر يجري شحنه على قطارات في أقصى شرق روسيا، فيما وصفته روسيا “بتدريب على القيام بعمليات انتشار بعيدة المدى”.

وأجبر الحشد العسكري الروسي على الحدود مع أوكرانيا الولايات المتحدة وحلفاءها على الجلوس إلى مائدة التفاوض.

وقال وزير خارجية بولندا، أمس الخميس، إن أوربا تواجه خطر الدخول في حرب، بينما قالت روسيا إنها لم تتخل بعد عن الدبلوماسية، لكن خبراء عسكريين يجهزون خيارات تحسبا للفشل في تهدئة التوتر بشأن أوكرانيا.

وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان للصحفيين “خطر الغزو العسكري كبير”، وأضاف “لم يتم تحديد أي مواعيد لأي محادثات أخرى. يجب أن نتشاور مع الحلفاء والشركاء أولا”.

مناورات عسكرية روسية على الحدود مع أوكرانيا (رويترز)

عقوبات أوربية

من ناحية أخرى، بدأ الأوربيون في التحضير لعقوبات “شديدة” لتأكيد مصداقيتهم أمام حليفهم الأمريكي ولزيادة الضغط على موسكو.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي ترأس بلاده حاليا الاتحاد الأوربي خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد “لدينا رغبة في ردع روسيا وفي التوصل إلى تقارب في التحليل وتصميم جماعي على العمل والإرادة لجعل صوت الاتحاد الأوربي مسموعا”.

وحشدت روسيا حوالي 100 ألف جندي ودبابات ومدفعية على حدود أوكرانيا، وتنفي موسكو اعتزامها تنفيذ غزو لكييف إلا أنها لم تستطع حتى الآن إقناع الولايات المتحدة والغرب بذلك.

وقال مسؤول أوربي إن “بوتين لاعب شطرنج”، وأضاف شارحا مخاوفه التي تعززها الحوادث المتكررة “لا يمكن توقع تحركاته، لكن الآن هو وقت مناسب للتحرك لأنه إذا انتظر أكثر، ستكون أوكرانيا أقوى”.

وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان (رويترز)

هجمات إلكترونية

وأعلن حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الجمعة، نيّته توقيع اتفاق مع أوكرانيا لتعزيز تعاونهما في مجال مكافحة الهجمات السيبرانية، وذلك بعد ساعات من تعرّض مواقع إلكترونية حكومية في أوكرانيا لهجوم معلوماتي كبير.

ويتمحور الاتفاق الذي سيُوقّع في الأيام المقبلة على منح “أوكرانيا حقّ الوصول إلى منصّة تابعة لحلف الأطلسي لمشاركة معلومات بشأن البرامج الخبيثة”، بحسب بيان الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ.

وأوضح ستولتنبرغ أن خبراء من الحلف موجودون في أوكرانيا يقدّمون “دعمًا ميدانيًا للسلطات الأوكرانية”.

وسارع الاتحاد الأوربي إلى إدانة الهجوم، وصرّح جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد أن كلّ الامكانات قد حشدت لمساعدة كييف، قائلًا “لكم أن تتصوّروا من قام بالأمر”، دون توضيحات.

وقال أندري إيرماك رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية إن الاستخبارات الغربية والأوكرانية ترجّح أن تكون الهجمات المعلوماتية جزءًا من مخطّط يرمي إلى “زعزعة الاستقرار في أوكرانيا”.

واتّهمت أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون موسكو مرّات  بشنّ هجمات معلوماتية منسّقة على مواقع إلكترونية وبنى تحتية تابعة لهم، الأمر الذي نفته روسيا.

الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ (رويترز)

ونشر مدبّرو هذا الهجوم رسالة تهديد بالأوكرانية والروسية والبولندية على الصفحة الرئيسية لموقع وزارة الخارجية الأوكرانية.

وجاء في هذه الرسالة المرفقة برموز عدّة بينها علم أوكراني مشطوب “أيها الأوكرانيون، تهيّبوا وتحضّروا للأعظم. فكلّ بياناتكم الشخصية حمّلت من الشبكة”.

ونفت السلطات من جهتها أيّ سرقة للبيانات.

وأكّد جهاز الأمن الأوكراني أن “محتوى المواقع لم يتبدّل ولم تسجّل تسريبات لبيانات شخصية”، مشيرًا إلى أن المواقع الإلكترونية عُطّلت عن قصد لتفادي “اتّساع نطاق الهجمات”.

وقال الجهاز إنه رصد بعض الدلائل على أن الهجوم الإلكتروني الأخير على الشبكة الحكومية الأوكرانية مرتبط بمجموعات قراصنة ذات صلة بأجهزة المخابرات الروسية.

ويرى خبراء أن هجمة معلوماتية واسعة النطاق تطال البنى التحتية الأساسية لأوكرانيا بهدف زعزعة الاستقرار وتحمل مؤشّرًا ينذر بغزو عسكري وشيك.

وسبق أن أعلنت روسيا أنها لا ترى سببًا لإجراء جولة جديدة من المحادثات مع الدول الغربية “في الأيام المقبلة”، مؤكدة أن لا “نيّة” لديها لغزو جارتها.

وكانت روسيا ضمّت إلى أراضيها شبه جزيرة القرم بعد ثورة مؤيّدة للغرب سنة 2014 في أوكرانيا، وتعدّ موسكو الراعي العسكري للانفصاليين الموالين لها الذين يحاربون القوات الأوكرانية منذ 2014.

المصدر : وكالات