“إسلام فرنسا عند مفترق طرق”.. رئيس أعلى هيئة للمسلمين يدعو لحلها وتأسيس أخرى بتشاور مع السلطات

محمد موسوي رئيس مجلس الديانة الإسلامية في فرنسا مع إيمانويل ماكرون خلال توقيع "ميثاق المبادئ" في يناير 2021 (رويترز)

قال رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية محمد موسوي إن هذه الهيئة “لم تعد قادرة على البقاء” ودعا إلى تأسيس أخرى جديدة بالتشاور مع “منتدى الإسلام في فرنسا” الذي أعلنت عنه حكومة باريس أمس الجمعة.

وأوضح موسوي أن المجلس في شكله الحالي “لم يعد صالحًا” في إشارة إلى الانقسام الذي حدث داخله بعد أن رفضت اتحادات التوقيع على “ميثاق المبادئ” الذي صاغته السلطة التنفيذية في فرنسا، والذي عدّته مخالفا للتعاليم الإسلامية.

وأطلقت الحكومة “منتدى الإسلام في فرنسا” ومن المقرر أن يُعقد في الأسابيع المقبلة، ويهدف إلى تمثيل الإسلام على أساس الإدارة المحلية المعيّنة من السلطات الفرنسية، وليس تحت إشراف اتحادات المساجد التابعة للدول الثلاث التي تشكل المجلس (الجزائر والمغرب وتركيا).

وكانت اتحادات داخل المجلس قد اعترضت على حظر الميثاق ما سمّاه “تدخل دول أجنبية في شؤون مسلمي فرنسا” بجانب اعتراضها على ما تطالب به السلطات الفرنسية وهو تأكيد “توافق الإسلام مع الجمهورية الفرنسية والمساواة بين الجنسين”.

“مفترق طرق”

ورأى محمد موسوي أن “هناك إمكانية لتأسيس منظمة جديدة للديانة الإسلامية بتنسيق مع السلطات العامة، يشرعها الفاعلون في الميدان”.

وقال إن الهيئة الجديدة “يجب أن تكون نتيجة استشارة بين المنتدى والهياكل الإدارية القائمة للديانة الإسلامية”.

وأضاف “يمكن حل المجلس بعد تأسيس الهيئة الجديدة، وفقًا لنظامه الأساسي”.

ودعا موسوي -الذي تنتهي ولايته في 19 يناير/كانون الثاني الجاري- جميع مكونات المجلس الأعلى للدين الإسلامي للانضمام إلى هذه العملية و”العمل على هذا التوجه خلال جمعية عمومية غير عادية يمكن عقدها قريبًا”.

وتابع “على كل طوائف بلادنا أن تتكيف في لحظة تاريخية، إن إسلام فرنسا عند مفترق طرق”.

وأضاف أن “طي الصفحة عن الشكل الحالي للهيئات التمثيلية للديانة الإسلامية وابتكار أشكال جديدة من الهيئات تتماشى مع المجتمع الفرنسي، هو استجابة أولى للتحديات العديدة التي يواجهها الإسلام في فرنسا”.

انقسام داخلي

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كانت اتحادات تضم مسلمي فرنسا من بينها “مسجد باريس الكبير” و”اتحاد مسلمي فرنسا” قد أعلنت تشكيل المجلس الوطني للأئمة في البلاد.

وعقدت الاتحادات أول مؤتمر لها بحضور وجوه عدة تمثل الدين الإسلامي في فرنسا، واضعة حجر الأساس من أجل إنشاء المجلس الوطني للأئمة الذي سيُعنى بتنظيم مسألة انتداب الأئمة خاصة من الدول العربية والمغاربية بجانب تأهيلهم.

ويعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تشكيل مجلس وطني يكون مسؤولًا عن إصدار الاعتمادات للأئمة المسلمين وسحبها منهم “إذا اقتضت الحاجة” وذلك في تصعيد مستمر ضد الإسلام في فرنسا.

وكانت 3 هيئات في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية قد تراجعت عن قرارها الرافض لـ”ميثاق مبادئ الإسلام في فرنسا” بعد أن ألحت الحكومة على أنه “الحل الوسط المثالي”.

وقررت هيئة “اللجنة التنسيقية للمسلمين الأتراك في فرنسا” و”الاتحاد الإسلامي مللي غوروش” وحركة “إيمان وممارسة” التوقيع على الميثاق الذي رفضته في يناير/كانون الثاني 2021.

ودعت الهيئات في بيان مشترك “جميع الإخوة في الهيئات الأعضاء بالمجلس إلى التجمع” ردًّا على تصريحات لوزير الداخلية جيرالد دارمانين في 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال فيها إن “المجلس مات” تعبيرًا عن الانقسام الذي حدث داخله بسبب الميثاق.

وفي يناير الماضي، أعلن قادة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية التوصل إلى اتفاق بشأن الميثاق، بينما انتقدت الهيئات الثلاث عدم التشاور بشأنه، وقالت إنه يتضمن فقرات من شأنها “إضعاف أواصر الثقة بين مسلمي فرنسا والأمة”.

وأضافت “بعض العبارات الواردة في الميثاق تمس شرف المسلمين ولها طابع اتهامي وتهميشي”.

ورغم رفضها التوقيع على الميثاق فقد استمرت الهيئات الثلاث داخل المجلس، بينما قررت 4 أخرى بما فيها “مسجد باريس” إنشاء تنسيقية جديدة.

بنود الاختلاف

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد طالب -في خضم حملة قادها للتصدي لما سمّاها النزعة “الانعزالية” في البلاد- بوضع هذه المبادئ التي وقعتها 5 هيئات بالمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بعد خلافات داخلية استمرت أسابيع عدة.

وأشاد ماكرون بتبنّي المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية “الميثاق” وعدّ الخطوة “تشكل التزامًا صريحًا ودقيقًا تجاه الجمهورية”.

وعبّرت هيئات عن رفضها المبادئ التي نصت على “مبدأ المساواة بين الرجال والنساء، وتوافق الشريعة الإسلامية مع مبادئ الجمهورية، ورفض توظيف الإسلام لغايات سياسية، وضرورة عدم تدخل دول أجنبية في شؤون الجالية”.

المصدر : الجزيرة مباشر + وسائل إعلام فرنسية