فرنسا.. تخريب لوحة فنية للأمير عبد القادر الجزائري قبل تدشينها.. ما القصة؟

تمثال الأمير عبد القادر بعد تخريبه
اللوحة الفنية للأمير عبد القادر الجزائري بعد تخريبها (مواقع التواصل)

تعرضت لوحة فنية لتخليد ذكرى البطل الوطني الأمير عبد القادر الجزائري للتخريب قبل تدشينها في فرنسا، اليوم السبت، كما ذكر صحفيون من وكالة فرانس برس.

وأصيب الجزء السفلي من المنحوتة بأضرار كبيرة، وهي معروضة في بلدة أمبواز (وسط) موضع اعتقال الأمير عبد القادر مع بعض أفراد عائلته خلال السنوات من 1848 إلى 1852.

وندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالتخريب، وقال “لنتذكر ما يوحدنا، فالجمهورية لن تمحو أي اسم أو أثر من تاريخها ولن تنسى أيًّا من إنجازاتها. لن تزيل أي تمثال”.

وكان المؤرخ بنيامين ستورا قد اقترح هذه المنحوتة بمناسبة الذكرى الستين لاستقلال الجزائر في تقريره عن “تنقية الذاكرة المتعلقة بالاستعمار والحرب في الجزائر” الذي سلّمه للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في يناير/كانون الثاني 2021.

وندد ستورا بـ”ظلامية وجهل” من خرّب اللوحة الفنية قائلًا “كان للأمير حيوات مختلفة، فقد حارب فعلًا فرنسا لكنه كان صديقها أيضًا. من فعل هذا لا يعرف شيئًا عن تاريخ فرنسا، إنهم أمّيون بلا ثقافة لا يعرفون من هو الأمير عبد القادر الجزائري”.

وفي السياق، دعا سفير الجزائر في فرنسا محمد عنتر داود إلى “مزيد من الحوار والتفاهم”.

ولم يتغيّر موعد تدشين المنحوتة التي أعرب رئيس بلدية أمبواز تياري بوتار عن “سخطه” لتخريبها.

وقال “شعرت بالعار للتعامل مع قطعة فنية وفنان على هذا النحو، والشعور الثاني بالطبع هو السخط، إنه يوم توافق من شأنه التوحيد ومثل هذا السلوك لا يوصف”.

وأضاف “هذه مرحلة تتميز بالتوتر ويزيدها بعض الناس توترًا، سنقاوم هذه التصريحات الكاذبة وهذه الأفعال التي تتسم بالعنصرية وعدم التسامح”.

وصرّح رئيس فرقة الدرك هوج لويز لوكالة فرنس برس “اللوحة كانت في حالة جيدة منذ وضعها قبل 10 أيام، وعاينت الشرطة هذا الصباح التخريب من دون تسجيل أي تبنٍّ للعملية”، وأشار إلى أن شرطة البلدية لاحظت الضرر بعد الساعة السابعة بتوقيت غرينتش.

وأعلن النائب العام لمدينة تور (غريغوار دولان) فتح تحقيق بشأن “تخريب خطير لملك المصلحة العامة وملكية شخص عمومي”.

وأثار تخريب اللوحة سخطًا واسعًا وتنديدًا في أمبواز، واكتُشف التخريب قبل حفل التدشين بقليل، إذ لاحظ المارة والحاضرون أن اللوحة الفنية للأمير -من إنجاز الفنان ميشال أوديار- تعرضت للتخريب وأصيب الجزء السفلي منها بأضرار كبيرة.

وأبدى الفنان ميشال أوديار أسفه لرؤية عمله محطمًا جزئيًّا، وقال “هذا تخريب مع سبق الإصرار والترصد. تحتاج إلى قاطعة كهربائية لقطع وثني الحديد، هذا عمل جبان لا يحمل أي توقيع. كنا هنا من أجل الاحتفاء بالتسامح مع شخصية فذة، وها نحن نشهد عملًا يتعارض مع قيم التسامح. أشعر بالخوف”.

وقالت الفرنسية من أصل جزائري وسيلة سوم (37 عامًا) إنها تشعر “بحزن عميق”.

وأضافت “لقد تم ذلك بآلة وهذا التخريب لا يقف وراءه أولاد، إنه لأمر مخزٍ، وفي الوقت نفسه ليس مستغرَبًا مع خطاب الكراهية والأجواء الحالية المشحونة”، وترى في هذه المنحوتة “رمزًا للتقارب بين الشعوب والحضارات”.

والأمير عبد القادر بن محيي الدين (1808-1883) شخصية في تاريخ الجزائر، وأدى الرجل -الملقب بـ”أفضل عدو لفرنسا”- دورًا كبيرًا في رفض الوجود الاستعماري الفرنسي، ويُعد من مؤسسي الجزائر الحديثة.

وبعد استسلامه، سُجن في تولون (جنوب شرق) وبو (جنوب غرب) ثم في شاتو دامبواز حتى إطلاق سراحه في 1852. وعاش بالمنفى في دمشق، وتميز في 1860 بالدفاع عن مسيحيي سوريا الذين كانوا يتعرضون للاضطهاد، مما جعله رمزًا للتسامح وحاز وسام جوقة الشرف من فرنسا.

المصدر : الجزيرة مباشر + الفرنسية