أول انتخابات منذ انفجار بيروت والانهيار المالي.. اللبنانيون يختارون ممثليهم في البرلمان (فيديو)

فتحت مراكز الاقتراع في لبنان أبوابها أمام الناخبين، صباح الأحد، في انتخابات برلمانية تأتي وسط أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، بجانب شح في الوقود والأدوية وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

ومنذ الانتخابات السابقة في عام 2018، هز لبنان انهيار اقتصادي أنحى البنك الدولي باللوم فيه على النخبة الحاكمة، وشهد مرفأ بيروت انفجارًا ضخمًا في 2020.

وفُتحت صناديق الاقتراع عند الساعة السابعة (04:00 بتوقيت غرينتش) في كامل الأراضي اللبنانية على أن تُقفل عند الساعة 19:00 بالتوقيت المحلي (16:00 بتوقيت غرينتش). وشهدت المراكز الانتخابية وباحاتها زحامًا لمندوبي ومتطوعي اللوائح المتنافسة، على وقع انتشار أمني.

وتتنافس في الانتخابات 103 قوائم انتخابية تضم 718 مرشحًا موزعين على 15 دائرة انتخابية لاختيار 128 نائبًا في البرلمان. ويبلغ إجمالي عدد الناخبين اللبنانيين 3.9 ملايين ناخب ممن تزيد أعمارهم على 21 عامًا (أكثر من نصفهم نساء) بينهم 225 ألف ناخب في الخارج أدلوا بأصواتهم الأسبوع الماضي.

وتُعد الانتخابات أول اختبار حقيقي لمجموعات معارضة ووجوه شابة أفرزتها احتجاجات شعبية غير مسبوقة في أكتوبر/تشرين الأول 2019 طالبت برحيل الطبقة السياسية.

رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي يدلي بصوته في مركز اقتراع خلال الانتخابات البرلمانية في طرابلس (رويترز)

توقعات بعدم تغيّر المشهد العام

وتجري الانتخابات وفق قانون أُقِر عام 2017 يستند إلى النظام النسبي واللوائح المقفلة. ويقول محللون إنه مُفصَّل على قياس الأحزاب النافذة. ويتوقعون ألا تغيّر الانتخابات المشهد العام، خصوصًا بعد فشل الأحزاب المعارضة والمجموعات الناشئة في الانضواء ضمن لوائح موحدة.

ويضم البرلمان 128 نائبًا، والغالبية في المجلس المنتهية ولايته هي لحزب الله وحلفائه، وأبرزهم التيار الوطني الحر الذي يتزعمه رئيس الجمهورية ميشال عون وحركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري الذي يشغل منصبه منذ 1992.

وتجري الانتخابات في غياب أبرز مكون سياسي سني بزعامة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري الذي أعلن مقاطعة الاستحقاق، بعدما احتل الواجهة السياسية سنوات طويلة إثر مقتل والده رفيق الحريري في 2005.

ويتوقع محللون أن يحتفظ حزب الله وحركة أمل بغالبية المقاعد المخصصة للطائفة الشيعية (27 مقعدًا) إن لم يكن كلها، لكنْ لا يستبعدون أن يخسر حليفه المسيحي الأبرز (التيار الوطني الحر) عددًا من مقاعده بعدما حاز وحلفاؤه 21 مقعدًا عام 2018.

ويبدو عدد كبير من الناخبين -وفق استطلاعات الرأي- غير آبه بالاستحقاق الانتخابي ونتائجه، لكنّ آخرين يتطلعون إلى تحقيق تغيير -ولو محدود- لصالح مجموعات معارضة.

ولا يتوقع أن يحصل تغيير في المشهد السياسي يتيح معالجة القضايا الكبرى في البلد ذي الموارد المحدودة والبنى التحتية المهترئة والفساد المستشري، وفق باحثين.

أشخاص يصطفون في طابور للتصويت في مركز اقتراع خلال الانتخابات البرلمانية في الحولة جنوبي لبنان (رويترز)

أزمة اقتصادية طاحنة

ويعاني لبنان انهيارًا اقتصاديًّا صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850. وبات ما يزيد على 80% من السكان تحت خط الفقر، وخسرت الليرة اللبنانية نحو 90% من قيمتها أمام الدولار، ولامس معدل البطالة نحو 30%.

كما تأتي بعد نحو عامين على انفجار الرابع من أغسطس/آب 2020 الذي دمر جزءًا كبيرًا من بيروت، وأودى بحياة أكثر من 200 شخص وتسبّب في إصابة أكثر من 6500 آخرين. ونتج الانفجار -وفق تقارير أمنية وإعلامية- عن الإهمال وتخزين كميات ضخمة من مواد خطرة تدور تحقيقات حول مصدرها، من دون أي إجراءات وقاية.

وأسهمت الأزمات والتدهور المعيشي في إحباط شريحة واسعة من اللبنانيين الذين هاجر آلاف منهم خلال السنتين الماضيتين، لا سيّما الشباب منهم.

ومن المقرر أن يصوت مجلس النواب المقبل على إصلاحات رئيسية يطلبها صندوق النقد الدولي للسماح بتوجيه مساعدات مالية تخفف الأزمة اللبنانية. كما سينتخب مجلس النواب رئيسًا جديدًا للبلاد ليحل محل ميشال عون الذي تنتهي فترته الرئاسية في 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

ويقول محللون إنه بغض النظر عن نتيجة الانتخابات، فمن المحتمل أن يواجه لبنان فترة من الشلل السياسي مع بدء الأحزاب مفاوضات بشأن الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة، وهي عملية قد تستمر شهورًا.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات