ماذا يعني التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى وكيف يسعى الاحتلال لفرضه؟
لم يكن سرًّا طموح إسرائيل منذ احتلال القدس عام 1967 لتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا، بل من حيث العمر أيضا.
وعلى ضوء تجربتها في تقسيم المسجد الإبراهيمي في الخليل، سيقع المسجد الأقصى ضحية للاحتلال فيمنع المسلمين من دخوله متى شاء وكيف شاء.
ويرى الفلسطينيون أن إسرائيل تعمل على فرض واقع التقسيم بشكل تدريجي، إذ قررت الشرطة بشكل أحادي عام 2003 السماح لليهود باقتحام المسجد الأقصى بحراستها، رغم احتجاجات دائرة الأوقاف الإسلامية.
وبعد أن كانت الاقتحامات تتم بشكل متباعد وعلى مدار أيام مختلفة، أصبحت تتم بشكل يومي على شكل مجموعات حتى وصل عدد المقتحمين العام الماضي إلى 34 ألف شخص، ويتوقع أن يكون العدد قد ازداد العام الجاري.
التقسيم الزماني والمكاني
يحمل مشروع التقسيم الإسرائيلي الذي بدأ بالفعل شقّين، شقّ زماني وآخر مكاني.
ويعني التقسيم الزماني تخصيص أوقات محددة لدخول المسلمين للمسجد الأقصى، وأوقات أخرى خاصة باليهود، بحيث يتم اقتسام الساعات والأيام طوال العام بين المسلمين واليهود.
وترى الحكومة الإسرائيلية أنه على المسلمين إفراغ المسجد الأقصى يوميا من الساعة 07:30 حتى 11:00 صباحا، وفي فترة الظهيرة من الساعة 1:30 حتى 2:30، وفي فترة ثالثة بعد العصر، لتكون هذه الأوقات مخصصة لليهود فقط.
كما تسعى لتخصيص المسجد الأقصى لليهود خلال أعيادهم التي تصل إلى 100 يوم، بالإضافة إلى جميع أيام السبت، وبذلك يصل عدد الأيام المخصصة لليهود قرابة 150 يوما.
ويعني التقسيم المكاني تخصيص مناطق وزوايا معينة من المسجد الأقصى لكلٍّ من الطرفين، حيث تسعى الحكومة الإسرائيلية لاقتطاع أماكن من المسجد وتحويلها إلى كنائس يهودية تقام فيها الصلوات.
السيطرة بالقوة
ولإحكام السيطرة على المسجد، عادة يمنع الاحتلال الإسرائيلي من تقل أعمارهم عن 40 عاما من دخول المسجد، وتحظر المخابرات الإسرائيلية ما تسميه تنظيم المرابطين والمرابطات في إشارة للمصلين المسلمين هناك الذين يقومون على خدمة المسجد.
كما منعت إسرائيل مشاريع لخدمة الأقصى منها مشروع مصاطب العلم في الأقصى.
وتبلغ إسرائيل عددا كبيرا من أبناء القدس والداخل الفلسطيني المحتل ممن يواظبون على الصلاة في المسجد الأقصى بشكل منتظم، بالإبعاد عنه مدة ما تزيد على 6 أشهر تجدد بعد انتهاء كل فترة.
الهيكل المزعوم والوضع التاريخي
وتقول الجماعات الدينية اليهودية صراحة، إنها تسعى لإقامة الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى. وتزعم أن المسجد الأقصى بُنيَ على أنقاض معبد الهيكل، وهو الأمر الذي يرفضه ويفنده الفلسطينيون.
ويقول الفلسطينيون إن السماح بهذه الاقتحامات والحديث عن أداء صلوات في ساحات المسجد أو تقسيم المسجد زمانيا ومكانيا، هو انتهاك للوضع التاريخي القائم في المسجد.
والوضع التاريخي القائم هو الوضع الذي ساد في فترة الحكم العثماني ثم الانتداب البريطاني والحكم الأردني، وصولا إلى بداية الاحتلال الإسرائيلي عام 1967.
وبموجب الوضع التاريخي القائم فإن الصلاة في المسجد تقتصر على المسلمين وحدهم، في حين يمكن غير المسلمين زيارته سياحًا فقط، وتكون المسؤولية فيه حصرا لدائرة الأوقاف الإسلامية.
وفي سنوات عديدة، أدت كثافة الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد، إلى تفجير مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وعقب تلك الاقتحامات تصدر التنديدات والاستنكارات من المسؤولين الفلسطينيين الرسميين، وقد دخلت المقاومة في غزة على خط الدفاع عن المسجد الأقصى فردت على الخطوات الإسرائيلية العام الماضي بإطلاق صواريخ على المناطق المحتلة عام 1948.
وقبل أيام حذرت الفصائل الفلسطينية، إسرائيل من اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى عبر “مسيرة الأعلام”، وقالت حركة حماس إن المخطط الإسرائيلي سيكون بمثابة برميل بارود سينفجر ويُشعل المنطقة بأكملها.
بدوره قال القائد العام للشرطة الإسرائيلية “يعقوب شبتاي” نحن اليوم في ذروة الاستعداد للأحداث، مع انتشار معظم قواتنا العملياتية في حالة تأهب قصوى”.
كما نشر الجيش الإسرائيلي منظومة “القبة الحديدية” في أنحاء البلاد، تحسبًا لإطلاق صواريخ من قطاع غزة أو جنوب لبنان.