أوكرانيا تواصل التقدم ميدانيا وروسيا ترد على “مسوّدة أمنية” نشرها زيلينسكي

سيارات مدنية مدمرة بالقرب من بلدة بالاكليا التي استعادتها القوات الأوكرانية في منطقة خاركيف (رويترز)

وضعت أوكرانيا نصب عينيها استعادة جميع الأراضي التي استولت عليها القوات الروسية بعد دفعها للانسحاب في هجوم مضاد سريع في شمال شرق البلاد، وهو هدف قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن طريق تحقيقه سيكون طويلًا.

وفي كلمة له مساء، أمس الثلاثاء، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن قوات بلاده استعادت نحو 8 آلاف كيلومتر مربع حتى الآن هذا الشهر، وكلها على ما يبدو في منطقة خاركيف الشمالية الشرقية.

وأضاف أن إجراءات إعادة الاستقرار اكتملت في نحو نصف تلك الأراضي ولا تزال جارية في منطقة محررة بالحجم نفسه. وتبلغ المساحة الإجمالية التي ذكرها زيلينسكي تقريبا حجم جزيرة كريت اليونانية.

ومع استمرار الهجوم الأوكراني المضاد بشمال شرقي البلاد، أعلنت هانا ماليار نائبة وزير الدفاع أن أوكرانيا استعادت 3800 كيلومتر مربع من أراضيها في منطقة خاركيف منذ السادس من الشهر الجاري، وأضافت في كلمة متلفزة أن الأراضي “المحررة” تضم أكثر من 300 تجمع سكاني ويقطنها حاليًا نحو 150 ألفًا من السكان.

“معاهدة كييف الأمنية”

ونشر مكتب الرئيس الأوكراني على موقع الرئاسة الثلاثاء مسودة بشأن الضمانات الأمنية “المؤكدة” التي تطلبها بلاده، تحت عنوان “معاهدة كييف الأمنية”، وتحدد الوثيقة الالتزامات التي ستتعهد بها مجموعة الدول الضامنة أمام أوكرانيا.

وتنص الوثيقة على أن الدول الضامنة يمكن أن تشمل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وأستراليا وتركيا وكندا وبولندا وإيطاليا وألمانيا، إضافة إلى دول شمال أوربا وأوربا الوسطى والشرقية ودول البلطيق. وبحسب هذه المسودة، يتعين على الدول الموقعة عليها تقديم الدعم العسكري لكييف إذا تعرضت لاعتداء.

مقدمة لحرب

وقال ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي -ردًا على هذه الوثيقة- إن مشروع الضمانات الأمنية هو في الواقع “مقدمة للحرب العالمية الثالثة”، مضيفًا أن “الأمر يتعلق مباشرة بحرب هجينة من قبل حلف شمال الأطلسي (ناتو) ضد روسيا”.

وحذر المسؤول الروسي من أن إرسال “أخطر أنواع الأسلحة إلى أوكرانيا بلا قيد” سيؤدي إلى انتقال الحملة العسكرية إلى مستوى آخر، على حد قوله.

ومنذ تخلّي الروس عن معقلههم الرئيسي في شمال شرقي أوكرانيا يوم السبت -في أسوأ انتكاسة لموسكو منذ الأيام الأولى للحرب- استعادت القوات الأوكرانية السيطرة على عشرات البلدات في تحول لافت لمجريات المعركة. وقالت رويترز إن أنباء الهزائم الميدانية أثارت تذمرًا غير مألوف على شاشات قنوات روسيا الرسمية.

وكان البيت الأبيض، الذي قدم أسلحة ودعما بمليارات الدولارات، قال في وقت سابق إن الولايات المتحدة من المرجح أن تعلن عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا في الأيام المقبلة.

وقال متحدث أمريكي إن القوات الروسية تركت مواقع دفاعية، لا سيما في خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، وما حولها.

الرئيس الأمريكي جو بايدن  (غيتي)

ولا تزال القوات الروسية تسيطر على حوالي خُمس مساحة أوكرانيا في الجنوب والشرق، لكن كييف الآن في حالة هجوم في كلا المنطقتين.

وتحدث المستشار الرئاسي الأوكراني أوليكسي أريستوفيتش عن احتمالات التحرك في مقاطعة لوجانسك الشرقية، والتي تُعرف مع دونيتسك باسم دونباس، وهي منطقة صناعية رئيسية قريبة من الحدود مع روسيا.

وقال أريستوفيتش في مقطع مصور نشر على موقع يوتيوب يوجد الآن هجوم على ليمان ويمكن أن يكون هناك تقدم في سيفرسك، في إشارة إلى بلدتين، وتوقع معركة من أجل السيطرة على بلدة سفاتوفو، حيث قال إن للروس مستودعات للتخزين.

وقال “وهذا هو أكثر ما يخشونه، أن نأخذ ليمان ثم نتقدم على ليسيتشانسك وسيفيرودونيتسك، وسيعزلون عن سفاتوفو”.

ضربات مكثفة

من جانبه أعلن الجيش الروسي الثلاثاء أنه يشن ضربات مكثفة على كل الجبهات ردا على هجوم القوات الأوكرانية التي اتهمها الكرملين بارتكاب فظائع في المناطق التي استعادت السيطرة عليها، بينما تنسب كييف إلى الجنود الروس ما يصل إلى 200 جريمة حرب في اليوم.

وقال دينيس بوشلين، زعيم جمهورية دونيتسك الشعبية التي يديرها وكلاء لروسيا، في مقطع مصور إن ليمان لا تزال في أيديهم. وأضاف استقر الوضع، العدو يحاول بطبيعة الحال التقدم في مجموعات صغيرة لكن قوات الحلفاء بقيادة روسيا تصده تماما.

مبنى مدرسة مدمر في قرية فيربيفكا التي حررتها القوات االأوكرانية مؤخرًا في منطقة خاركيف (رويترز)

دعوة للانسحاب

وعلى الصعيد الدبلوماسي دعا المستشار الألماني أولاف شولتس الثلاثاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سحب كامل قواته من أوكرانيا.

وجاء في بيان للمستشارية أنه خلال مكالمة هاتفية استمرت 90 دقيقة، شدد شولتس في حديثه مع الرئيس الروسي على إيجاد حل دبلوماسي في أسرع وقت ممكن بالاستناد إلى وقف إطلاق النار، وسحب كامل للقوات الروسية واحترام وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها، وطلب شولتس أيضا من بوتين تطبيقًا كاملا لاتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية.

وتزداد الضغوط على شولتس في كييف وفي صفوف ائتلافه الحكومي لإرسال دبابات قادرة على تعزيز نجاحات الهجوم الأوكراني المضاد.

ودعت رئيسة الوزراء الأستونية كايا كالاس والرئيس الليتواني غيتاناس نوسيدا الثلاثاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى زيادة المساعدة العسكرية لأوكرانيا، وذلك خلال اتصال هاتفي بمبادرة من باريس.

وأمام البرلمان الأوربي، أعلن وزير خارجية الاتحاد الأوربي جوزيب بوريل الثلاثاء أنه سيقترح على الدول الأعضاء إقرار تمويل جديد لإرسال أسلحة إلى أوكرانيا.

وفي كييف قال وزير الدفاع الدنماركي مورتن بودسكوف لوكالة ريتزو الدنماركية إن بلاده ستدرب جنودا اوكرانيين على أراضيها.

ودعت رئيسة الوزراء الفنلندية سانا مارين الثلاثاء إلى وحدة الاتحاد الأوربي وإلى فرض عقوبات جديدة ضد روسيا في مواجهة الابتزاز الذي تمارسه في مجال الطاقة.

ويعقد وزراء الطاقة في دول الاتحاد الأوربي اجتماعا في 30 سبتمبر/ أيلول لتقييم تدابير الطوارئ التي اقترحتها المفوضية بهدف كبح ارتفاع أسعار الغاز الكهرباء الناجم عن الحرب في أوكرانيا.

المصدر : وكالات