مخاوف بين الجاليات العربية مع تشديد الإجراءات على المهاجرين غير النظاميين في تركيا

“مواطنونا سيشعرون خلال فترة وجيزة بالتغييرات الواضحة فيما يتعلق بالمهاجرين غير النظاميين، فالأجهزة الأمنية شددت الإجراءات والأنشطة بهذا الخصوص”.

هكذا صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال عودته من قمة الناتو، بعد أيام قليلة من قراره بإعادة هيكلة مديرية الهجرة في وزارة الداخلية. وتضمن القرار تعيينات جديدة شملت معظم المناصب القيادية، تزامنًا مع حملات تفتيش وترحيل واسعة استهدفت مهاجرين غير نظاميين في تركيا.

وقالت إدارة الهجرة في أحدث إحصائية نشرتها، الأحد، إن إجمالي عدد المهاجرين في عموم البلاد بلغ حتى اليوم 4 ملايين و893 ألفا و753، مضيفة أن نسبة المهاجرين في 1169 حيًّا بعموم تركيا، تجاوزت حتى الآن 20% من إجمالي عدد السكان الأتراك في تلك الأحياء، 52 حيًّا منها في إسطنبول.

وأشار البيان إلى إغلاق باب تسجيل الأجانب الجدد في تلك الأحياء بهدف تقليل الكثافة المتركزة فيها.

بدوره، قال وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، إن أجهزة الشرطة زادت عمليات التفتيش بشأن المهاجرين غير الشرعيين الأسبوع الماضي في ولاية إسطنبول بشكل خاص وباقي الولايات التركية بشكل عام، متعهدا بإنهاء وجود المهاجرين غير الشرعيين في المدن التركية خلال 4 أو 5 أشهر.

وأضاف كايا، في تصريحات صحفية: “تم ترحيل 46 ألفا و633 شخصا دخلوا البلاد بشكل غير قانوني منذ بداية هذا العام”.

وفي سياق متصل، أفاد وزير الداخلية في تغريدة، بأن عدد المهاجرين غير النظاميين الذين تم ضبطهم في يونيو/ حزيران الماضي بلغ 15 ألفا و591 مهاجرا غير نظامي، ورُحِّل 6883 منهم، وتتواصل عمليات ترحيل البقية، وأضاف أنه تم منع 23 ألفا و450 مهاجرا من عبور الحدود التركية في نفس الشهر.

كما أعلنت مديرية أمن إسطنبول، عبر حسابها على تويتر، ضبط 1034 مهاجرا غير نظامي خلال عمليات تفتيش واسعة يومي 8 و9 يوليو الجاري، وأعلنت الداخلية التركية، الأحد، ترحيل 138 مهاجرا غير نظامي يحملون الجنسية الأفغانية.

في المقابل، أثارت هذه الحملات المتزايدة لضبط المهاجرين غير النظاميين مخاوف قطاع عريض من الجاليات العربية، نظرًا إلى أن الأغلبية العظمى منهم من السوريين الفارين من الحرب.

موقع الجزيرة مباشر التقى عددا من ممثلي الجاليات العربية في تركيا لسؤالهم عن مخاوفهم من تلك الحملات، ومطالبهم من السلطات التركية.

في البداية، قال الإعلامي السوري المستقل والناشط في قضايا حقوق اللاجئين، عمار خيرا، إن حملة السلطات التركية لضبط المخالفين ركزت على أماكن تجمع السوريين في بلديتي إسينيورت والفاتح.

وأضاف لموقع الجزيرة مباشر أن حملة التدقيق كانت قائمة من قبل ولكن التشديد جاء بعد الانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى أن المخالفين يُرحّلون إلى الشمال السوري، مؤكدا عدم وجود إحصاء بعدد المرحّلين.

واتهم الناشط قوى المعارضة السورية والائتلاف الوطني السوري، الممثل الرسمي للسوريين أمام السلطات التركية، بتجاهل هذا الملف. واعتبر أنه لا يمكن تصنيف الشمال السوري بأنه منطقة آمنة، نظرا إلى تعرضه للقصف من قبل النظام السوري، وصعوبة الوضع الاقتصادي هناك.

وفي السياق ذاته، قال مصدر بإحدى الجمعيات المعنية برعاية شؤون المصريين في تركيا، رفض كشف اسمه، إن السلطات التركية أوقفت ما يزيد على خمسين مصريا مقيما في تركيا -خلال حملات التفتيش- لانتهاء إقامتهم القانونية، مضيفا أن الجمعيات المصرية بالتنسيق مع السلطات التركية تعمل على تقنين أوضاعهم، وأنهم نجحوا بالفعل في إطلاق سراح عدد كبير منهم، وسيُطلق سراح البقية خلال الأيام القليلة المقبلة.

وبشأن الزيارة المرتقبة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا، قال عادل راشد، رئيس الجالية المصرية في تركيا، إن افتراض أن حملة توقيف المصريين مرتبطة بزيارة السيسي، غير صحيح؛ لأن الحملة تشمل جميع الجنسيات بحسب ما أعلنته وزارة الداخلية لمواجهة الهجرة غير النظامية.

وأضاف لموقع الجزيرة مباشر: “فيما يتعلق بادعاء استهداف المصريين دون غيرهم في ظل التقارب المصري التركي فهذا أمر يكذبه الواقع، فربما يكون عدد من تم توقيفه للتثبت من صحة وضعه القانوني من المصريين هو الأقل، ولا يوجد ما يشاع عن مداهمة أو اعتقال أحد يحمل إقامة صحيحة وسارية، ومن يتم توقيفه من المخالفين يطلق سراحه بعد يومين أو ثلاثة على ذمة قضية متعلقة بتقنين وضعه أو المغادرة بعد استنفاد كل وسائل التقاضي، وهو ما لم يحدث حتى الآن، كما لم يتم قطعًا تسليم أي شخص للسلطات المصرية”.

واستطرد راشد: “مطلوب من المصريين -كغيرهم- مراعاة أن تركيا دولة لها مصالحها التي تقدرها وسياستها وقوانينها وينبغي احترام ذلك والعمل وفقًا له ومحاولة تقنين الأوضاع ما وسعنا ذلك”، مطالبًا السلطات التركية بمراعاة ما وصفه بالتدرج في تطبيق القانون ووضع حلول للمقيمين بالفعل على أراضيها الذين ارتبطت مصائرهم بها.

وختم قائلا: “نحن من جانبنا نحاول وضع رؤية للمشاكل القائمة وتصور لحلها لنضعها بين يدى المسئولين آملين النظر فيها والأخذ منها بما لا يعارض مصالح الدولة ولا يضر بالأشخاص”.

من جانبه، طالب شمس الدين علوي، رئيس اتحاد شباب مصر في الخارج، السلطات التركية بتحسين ظروف الموقوفين وتسهيل شروط الإقامة الإنسانية لمن انتهت صلاحية جوازات سفرهم وعدم ترحيل أي مصري إلى بلاده لما في ذلك من خطر على حياته، منتقدًا ما وصفه بسوء تعامل قوات الشرطة مع من يتم ضبطهم من المهاجرين المخالفين.

أما الدكتور نبيل الغزي رئيس الجالية اليمنية في تركيا فقال إن “للحملة دوافعها وبالتأكيد سيكون لها أثر على وضع الجاليات العربية، ونأمل ألا يكون الترحيل هدفا بحد ذاته بقدر ما يكون آخر وسيلة بعد استنفاد كافة وسائل تصحيح أوضاع المخالفين بالإجراء المناسب لكل حالة بما يحفظ لتركيا أمنها واستقرارها ويحفظ للمهاجرين كرامتهم وحقهم الإنساني في اختيار البلد الذي يرغبون في العيش فيه”.

بدوره، قال رامي يعقوب زقّوت، الناطق الإعلامي باسم رابطة الجالية الفلسطينية في إسطنبول، إن تركيا “كانت وستبقى حاضنة المظلومين من كل أصقاع الأرض والناصرة لكل أصحاب الحقوق، ولكن هذا لا يعني أن لا يكون هناك قانون صارم وسياسة حازمة يلتزم بها الأجانب”، مؤكدا أن “على الجميع أن يحترم القانون، فهذا شأن داخلي يخص سياسات وقوانين الدولة المضيفة”.

وطالب زقوت السلطات التركية بأن “ترأف بمن تقطعت بهم السبل واضطروا للبقاء في البلاد وأن يراعوا عواقب الترحيل لمن ينطبق عليهم ذلك وأن يطبقوا القانون من أجل تصحيح المسار وليس لإرضاء تيار معين”، على حد تعبيره.

وأضاف: “يُقال إن هناك قرارا سياسيا بعدم ترحيل الفلسطينيين، لكن ما شهدناه خلال الأيام الأخيرة من إجراءات حجز وترحيل جعلنا نشعر بخطورة الوضع، وكل ما نتمناه، ترسيم أسس العدل حتى يشعر الجميع سواء كان تركي الأصل أو أجنبيا بالأمان والاستقرار”.

المصدر : الجزيرة مباشر