في شمال غزة.. حين تكون بقايا المساعدات “كنزا” (فيديو)

يمنحهم فرصة جديدة للحياة ولو لأيام معدودات

في ظل استمرار سياسة الحصار والتجويع المتعمد من قبل الاحتلال الإسرائيلي على شمال غزة، لجأت دول عدة إلى إسقاط المساعدات الإنسانية جوًّا عبر الطائرات، لتبدأ رحلة جديدة من معاناة الأهالي تصل أحيانا إلى إلقاء أنفسهم في البحر أو الشجار فيما بينهم من أجل الظفر بأي شيء يسد جوعهم ويمنحهم فرصة جديدة للحياة ولو لأيام معدودات.

بعض المواطنين قرر دخول هذا الصراع من أجل البقاء مهما كلفه ذلك ولو كان الثمن حياته، مثلما حدث مرات عديدة عندما فتحت قوات الاحتلال النيران على الأهالي الذين تجمعوا للحصول على المساعدات فأردتهم بين شهيد وجريح.

وبعض آخر ينأى بنفسه عن الدخول في حرب لا قبل له بها منتظرا أن ينفض المشهد ليبدأ فصلا جديدا في معركة البقاء متمثلا في جمع الفتات الذي خلفته الفئة المنتصرة وراءها.

جمع الغذاء من الركام والرمال

“لما راحوا الناس جيت ألقط الحبوب عشان نوفر لقمة للأولاد”، بهذه الكمات عبر فرحان رحمي أحد سكان حي الرمال بمدينة غزة عن معاناته في رحلة البحث عن توفير طعام لأسرته، وأوضح خلال حديثه للجزيرة مباشر أنه يضطر إلى الانتظار عند إسقاط المعونات الإنسانية حتى ينصرف الأهالي بسبب عدم قدرته على الركض لإصابته في قدمه جراء إحدى الغارات الإسرائيلية على منزله.

بعد ذلك يبدأ رحمي وأولاده جمع بقايا الحبوب والمواد الغذائية من الركام والرمال، لافتا إلى أن غالبية الأهالي لا يستطيعون الحصول مثله على المساعدات بسبب حالة الزحام الشديدة والفوضى التي تحدث، وأعرب عن حزنه الشديد للحال الذي وصلوا إليه قائلا: “إحنا مش حيوانات، الحيوان بيلاقي عشب ياكله إحنا مبنلاقيش”.

في شمال غزة.. حين تكون بقايا المساعدات "كنزا"
فلسطيني يجمع فتات ما بقي من المساعدات (الجزيرة مباشر)

فرحة الأولاد بالكنز

ورغم كل هذه الظروف الصعبة وصف أبو مصطفى فرحة زوجته وأولاده عند دخوله عليهم ببقايا الحبوب بأنها فرحة “بالكنز”، خاصة أنهم طوال 5 أشهر لم يأكلوا المعكرونة، ولا الأرز، ولا العدس، مضيفا “في نهاية اليوم تقوم زوجتي بجمع الحبوب من الركام والرمال بعد فرزها وغسلها”.

واستنكر رحمي طريقة إيصال المساعدات إليهم من خلال الجو حيث أكد أنه وكثيرين غيره لا يستطيعون الحصول عليها بسبب الفوضى التي تحدث عند إلقائها، وطالب بضرورة تأمينها.

وأشار إلى أنه يضطر أحيانًا إلى الذهاب إلى دوار الكويت للحصول على بقايا المواد المعلبة رغم خطورة ذلك عليه حيث يقوم الاحتلال بفتح النيران عليهم وقصفهم، وأضاف أنه فقد الكثير من وزنه بسبب قلة الغذاء، وهو ما يصيبه بالإرهاق والتعب عند بذل أي مجهود.

فلسطيني يجمع فتات ما تبقى من المساعدات
فلسطيني يجمع فتات ما بقي من المساعدات (الجزيرة مباشر)

أكل الشعير وعلف الحيوانات

أما الزوجة أم مصطفى فاشتكت من قلة الطعام، وأضافت أنهم اضطروا إلى أكل الشعير وعلف الحيوانات بسبب الجوع، وأشارت إلى أنهم لم يتمكنوا من الحصول على أي مساعدات غذائية سواء برا أو جوا منذ بداية الحرب بسبب إصابة زوجها في قدمه جراء إصابته بصاروخ من طائرة “زنانة”، فهو لا يستطيع الركض مثل الآخرين للحصول على المعونات.

وأوضحت أنها تقوم بفرز وتنقية الحبوب التي يحضرها زوجها وتغسلها لتتمكن في النهاية من تحضير وجبة معكرونة أو حساء لأطفالها الصغار.

وكشفت أن أطفالها ينامون أياما عدة دون طعام ولا يجدون حتى الخبز ليأكلوه، وعن أقصى أحلامها قالت إنها تتمنى أن تهبط إحدى المظلات على منزلهم لتحصل على ما بها من مواد غذائية ومعلبات لتطعم أطفالها، واختتمت حديثها قائلة “تعبنا واتخنقنا من هذا الوضع ما في حدا سائل فينا لكن ربنا بيرزق، ربنا رحيم بعباده، ما بينسى حدا، الحمد لله على كل حال”.

المصدر : الجزيرة مباشر