تفاصيل مثيرة.. كارلوس غصن يتحدث عن كيفية هروبه من اليابان

كارلوس غصن
كارلوس غصن

كشف الرئيس السابق لتحالف شركتي رينو ونيسان، كارلوس غصن، تفاصيل جديدة عن هروبه من اليابان الذي كان يخضع فيها للإقامة الجبرية بسبب تهم تتعلق بالتهرب الضريبي.

وقال غصن، إنه لم يخطط في البداية للهرب من الإقامة الجبرية، لكنه كان يعرف أن هناك من يخطط لتهريبه.

وقال تقرير لصحيفة “الصنداي تايمز” البريطانية إن عددا من كبار رجال الأعمال في الشرق الأوسط بدأوا في التفكير “لإحضار أخوهم” بعد أنباء عن تعرضه لسوء المعاملة في السجن في اليابان.

وتقول الصحيفة إن رجل أعمال لبنانيا اتصل بتايلور، الذي خدم في القوات الخاصة الأمريكية في السابق، والذي تعرف عليه في العراق بعد سقوط صدام حسين عندما كان يبحث عن فرص للاستثمار هناك، بينما كان تايلور يعمل في مجال الخدمات الأمنية.

وتضيف أن رجل الأعمال سأل تايلور  إن كان يستطيع “مساعدة صديق في طوكيو”. ولم يأخذ الأمر طويلا من تايلور ليفهم ماذا كان يقصد رجل الأعمال أو يدرك أنها ستكون أصعب عملية يقوم بها، إذ كان غصن يخضع للإقامة الجبرية وكان منزله مراقبا بالكاميرات بينما يلاحقه أفراد الأمن الذين يرتدون زيا عاديا في كل مكان.

وذكرت الصحيفة أن تايلور وجد أن الخيار الأفضل هو تهريبه عبر الجو، ولكن يجب أن يسافر غصن بدون أن يراه أحد. وأشارت إلى أن تايلور قام بدراسة جميع المطارات التي تقع في دائرة قطرها 300 ميل من العاصمة اليابانية طوكيو وإجراءات الأمن بها. ووجد أن مطار “كانساي” في أوساكا ليسيت به أجهزة تصلح لفحص صناديق الشحن الكبيرة. وفكر تايلور في أن الصناديق الضخمة التي يتم شحن السماعات الموسيقية الكبيرة فيها ستكون كافية لوضع غصن بجسمه الصغير داخلها.

وتنقل الصحيفة عن مقابلة لتايلور مع مجلة “فانيتي فير” أنه طلب من شركة في بيروت تصنيع صندوق أكبر من تلك التي يمكن وضعها على أجهزة الفحص في مطار أوساكا، ولكن يمكن إدخاله من باب الشحن لطائرة خاصة وتم عمل فتحات لدخول الهواء اللازم للتنفس من الأسفل للخداع كما تم تزويده بعجلات من أجل السرعة.

الخطوة التالية كانت البحث عن شركة طيران يمكنها أن تنقل غصن في سرية تامة من إسطنبول إلى بيروت. وكاد تايلور أن يفقد الأمل، خاصة أن قسم الطيران الخاص في مطار إسطنبول يقوم بفحص كل الطرود من كل الأحجام، إلا أنه تلقى مكالمة من بيروت بأن هناك شركة يمكنها القيام بذلك.

وقالت الشركة لاحقا إنه تم خداعها من قبل موظف “مارق”.

وبعد حل مشكلة الرحلة، كان يجب على تايلور العثور على طريقة لنقل غصن إلى أوساكا. وكان تايلور محظوظا، بعد أن أبلغته مصادر في طوكيو أنه لا يتم ملاحظة الكاميرات التي تراقب منزل غصن بشكل فوري، ولكن يتم فحصها بعد أيام وهو الوقت الذي كان تايلور في حاجة إليه لتهريب غصن. فهل يمكنهم خداع أفراد الأمن الذين يراقبون غصن؟ رأى تايلور أنها مغامرة تستحق القيام بها.

وفي منتصف ليلة 27 ديسمبر/ كانون الأول 2019 تلقى غصن مكالمة من تايلور على هاتفه السري تم خلالها تحديد موعد ومكان اللقاء، وختم غصن المكالمة بالقول “أراك غدا”.

ووصل تايلور إلى طوكيو على متن طائرة خاصة قادما من دبي ومعه شخص لبناني، و طلب من الطيارين التزود بالوقود فور الوصول إلى طوكيو والاستعداد للمغادرة في ظرف ساعة. وأبلغ تايلور الحمالين خلال إنزال الصندوق الثقيل أنه سيشارك في حفل موسيقي في المساء، بل قام بشراء تذاكر لحفل حقيقي لإظهارها إذا ساورت أحدهم الشكوك.

وفي الساعة 2.30 ظهر يوم 29 ديسمبر/ كانون الأول، غادر غصن منزله لتناول وجبة الغداء وذهب إلى فندق “غراند هيات”، الذي كان مسموحا له بالذهاب إليه، ولكن بدلا من الذهاب لأحد مطاعم الفندق، صعد إلى الغرفة رقم 933 والتي كانت محجوزة باسم بيتر، ابن تايلور، وكان مايكل والشخص اللبناني في انتظاره هناك.

وقام غصن بتغيير ملابسه وارتدى قبعة بيسبول ونظارة وقناعا طبيا، وهو أمر معتاد في اليابان حتى قبل انتشار جائحة كوفيد-19.

وانتقل الثلاثة إلى أوساكا باستخدام القطار السريع ثم انتقلوا إلى فندق، حيث كان تايلور الأب في انتظارهم.

وفتح تايلور الصندوق بعد أن أفرغه من المعدات الموسيقية ليدخل فيه غصن. وبعدها تم نقله إلى المطار الذي وصله تايلور قبل إقلاع الطائرة بعشرين دقيقة، وأبلغ الموظفين أن الحفل انتهى في وقت متأخر، وكان يأمل في ألا يدقق الموظفون في فحص الطرد بعد يوم عمل طويل، وكان هذا ما حدث بالفعل، إذ سمحوا له بالمرور وتم وضع الصندوق داخل الطائرة.

وتقول الصحيفة إن غصن تنفس الصعداء عندما سمع صوت إغلاق باب الطائرة وصوت المحركات وهي تعمل، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يشعر فيها غصن بالراحة خلال أكثر من عام.

وأضافت أنه عندما كانت الطائرة فوق روسيا وعلى ارتفاع 39 ألف قدم في الطريق إلى تركيا، فتح تايلور الصندوق وأخرج غصن.

وهبطت الطائرة في إسطنبول قبل الخامسة والنصف فجرا بقليل، وكان على غصن أن يعبر مدرج الطائرات لركوب طائرة ثانية تقله إلى بيروت، بينما يركب تايلور والشخص اللبناني طائرة عادية.

وبالرغم من الثقة التي كان غص يشعر بها، إلا أنه شعر بالقلق من اكتشاف اليابانيين لغيابه لكنه واصل السير وصعد إلى الطائرة الثانية وطلب من المضيفة أن تغلق الباب وأن تقلع الطائرة.

وفور هبوط الطائرة في مطار رفيق الحريري في بيروت، فتح غصن جواز سفره الفرنسي، الذي سمحت له السلطات اليابانية بالاحتفاظ به.

ولم يحاول غصن فتح الجواز قبل ذلك بسبب وجود قفل إلكتروني، خشية أن يرسل إشارة إلى السلطات اليابانية.

وفي الساعة السادسة وعشر دقائق من صباح 30 ديسمبر/ كانون الأول، تلقت كارول، زوجة غصن مكالمة تطلب منها الذهاب لمنزل والديها لأن “هناك مفاجأة لها”.

وهناك تفاجأت كارول عندما رأت زوجها ينزل من سيارة مرسيدس سوداء معتمة النوافذ.

وقال تقرير الصحيفة إن غصن والمقربين منه دفعوا نحو ما يوازي 800 ألف جنيه إسترليني لشركة تايلور التي قامت بعملية التهريب، التي يعتقد أنها تكلفت أضعاف هذا المبلغ، بالإضافة إلى نحو 11 مليون جنيه ككفالة للإفراج عن تايلور.

المصدر : صنداي تايمز