صرخات “ناجيات من التحرش” تهز مواقع التواصل في مصر.. من المسؤول؟

التحرش في مصر يضاعف هموم المرأة.. والسؤال: إلى متى تظل المرأة المجني عليه والجاني في الوقت نفسه؟
التحرش في مصر يضاعف هموم المرأة.. والسؤال: إلى متى تظل المرأة المجني عليه والجاني في الوقت نفسه؟ (رويترز)

جددت شهادات التحرش التي كشف عنها عددٌ من الناجيات من العنف الجنسي في مصر خلال الأيام القليلة الماضية ، حالة الجدل حول كيفية حماية الناجيات من التحرش.

وتعالت الأصوات الحقوقية بضرورة العمل على توفير بيئة أمانة وقانونية لحماية الناجيات ومحاسبة الجناة، كما طرح السؤال مرة أخرى عن هل تكشف الناجيات عن هوياتهن من عدمه وكيفية توفير حماية مجتمعية لهن .

جاء ذلك بعد نشر دفتر حكايات (مدونة معنية بشهادات الناجيات من العنف الجنسي) -شهادة عن فتاة تعرضت للتحرش الجنسي على يد ناشط حقوقي مصري يتمتع بشهرة واسعة على وسئل التواصل الاجتماعي، وكشفت الشهادة عن استغلال الناشط الحقوقي لشهرته على وسائل التواصل الاجماعي في استدراج الفتيات وتصوير أفلام جنسية لهن وابتزاز غيرهن بنفس المصير إذا لم يستجبن له.

في الوقت ذاته نشرت صفحة (Speak up) شهادة لفتاة من مدينة ميت غمر بمحافظة المنصورة؛ ذكرت أنها تعرضت لتحرش جماعي يوم الجمعة الماضي، وقامت الشرطة بالقبض على الجناة عقب تقديم بلاغ ضدهم؛ إلا أن الفتاة تتعرض منذ ذلك الحين للتهديد بالقتل والملاحقة بشكل علني على صفحات االتوانصل الاجتماعي.

حتي إن  محامي المتهمين بالتحرش قام ببث مباشر عبر صفحته، وقام بنشر صور شخصية للفتاة في محاولة للتشهير بها، بينما مارس أهل الشباب حملة تشويه واسعة من خلال نشر صور عارية للفتاة وكذلك اتهامها بأن ملابسها كانت مصدر إثارة الشباب.

هذا وأدت حملات النيل من الفتاة لإصابتها بحالة نفسية سيئة؛ في المقابل خرجت حملات دعم لها تحت وسم “ادعم بسنت” مطالبة بتوفير الدعم القانوني والنفسي والمجتمعي لها.

وقد نالت الشهادات الجديدة  التي جاءت بعد شهرين من شهادات التحرش التي نالت من صحفي مصري يعمل في مجال التحقيقات الاستقصائية واستغل مكانته المهنية في ارتكاب عدد من جرائم التحرش بحسب الشهادات التي نشرت في حقه.

دفعت تلك الشهادات القائمين على دعم الناجيات، إلى التحذير مجددا مما وصفوه بمستغلي دورهم في مجالات مهنية وعملية- سمعتهم ونجاحهم العملي ورأس مالهم الاجتماعي لاستدراج النساء.

كما يستخدمون “مصداقيتهم” التي يبنونها عبر “التضامن العلني” في قضايا العنف ضد النساء، ككارت ضغط لتشكيك النساء فيما يشعرن به في لحظة وقوع الاعتداء عليهن، أو لوصم النساء بالرجعية إذا لم “يقبلن” الاعتداء، على حد قولهم.

وقد شجعت ساحات الضمان الاجتماعي خلال الأعوام القليلة الماضية؛ الناجيات على التعبير عن قصصهن والإفصاح عن الجرائم التي ترتكب بحقهن.

كما فتحت المجال لسقوط ورقة التوت عن تلك الجرائم المنتشرة في العديد من الأوساط منها الصحافية والحقوقية وكذلك العمالية.. والتي لم توفر تلك الأوساط بيئة عمل أمنة للفتيات بحسب العديد من الشهادات.

فعدد من الفتيات تعرضن للفصل من أعمالهن؛ والبعض تعرضن للايذاء النفسي والجسدي من أسرهن، هذا بخلاف التشهير الذي يحلق الناجية… بل أن بعض الداعمات للناجيات تعرضن للحبس.

وكانت الصحفية مي الشامي صاحبة السبق في الكشف عن الانتهاكات الجسدية التي تتعرض لها بعض الصحفيات في المجتمع المصري إلا أن مي لم تجد الدعم المجتمعي والمهني الكافي لها. فقدت عملها بسبب مدافعتها عن حقها وحق الصحفيات في وقف التحرش.

مي لم تكن الصحفية الوحيدة لكنها الأكثر جراءة في الإفصاح عن هويتهن، لكن سبقها العديد من الصحفيات اللائي فقدن عملهن بسبب الإبلاغ عن وقائع تحرش تعرضن له.

تقول ن .ع صحفية مصرية “كنت أعمل صحفية بمؤسسات قومية وخاصة وفي أحدي المرات تعرضت للتحرش على يد رئيس التحرير وعندما قدمت شكوي ضده لمجلس الإدارة تم فصلي أنا ولم أجد أي بيئة أمنة لدعمي”.

وتضيف في تصريحات للجزيرة مباشر “لجأت لنقابة الصحفيين والعديد من الصحفيين الكبار للتدخل وقف تلك المهزلة.. لم أجد الدعم ومكثت في منزلي ٣ أعوام دون عمل مما دفعني لتغير المهنة والعمل”.

بينما ذهبت خ.ح إلي أن الكشف عن هوية الناجية، يؤدي إلى دخولها في دومة من الايذاء النفسي -على حد قولها- قد تسبب في انهيارها نفسيا أو الانتحار.

وتقول خ.ح “حاولت الانتحار أكثر من مرة بسبب أنني حاولت حماية نفسي من التحرش على يد زميل في شركة بترول لكنه كانت له علاقات واسعة مما تسبب في فصلي وتشويه سمعتي”.

ويعتبر التحرش الجنسي جريمة وفقا للقانون المصري، وقد تصل عقوبة مرتكب جريمة التحرش، سواء كان لفظيا، أو بالفعل، إلى السجن لمدة تتراوح بين 6 أشهر و5 سنوات، بالإضافة إلى غرامة مالية. ورغم ذلك، فإن أغلب الفتيات لا يحررن محاضر رسمية بوقائع التحرش، خوفا من الوصم المجتمعي.

في المقابل أعلن المجلس القومي للطفولة والأمومة علي العمل لتوفير الدعم القانوني للناجيات وخصصت خط ساخن للإبلاغ عن الوقائع كما أطلقت الشهر الماضي حملة تحت عنوان “بلغني علشان السكة تبقي أمان”.

كما ساهمت قضية ” فيرمونت ” المتهم فيها أبناء رجال أعمال يتمتعون بعلاقات واسعة مع بعض مسئولي النظام في مصر، حالة من القلق على مصير الناجيات والشهود على مثل هذه النوعية من الوقائع.

حيث فر الجناة وتم حبس ٦ من الشهود في القضية رغم حث النيابة لهم على الشهادة مع الوعد بتوفير بيئة آمنة لهم، مما دفع منظمة هيومن رايتس وتش بمطالبة السلطات المصرية بحماية ٦ من الشهود في القضية ، والإفراج الفوري عنهم.

وقالت المنظمة في بيان لها صدر في وقت سابق إن هذا التصرف يبعث برسالة قاسية إلى ضحايا وشهود العنف الجنسي مفادها أنهم قد يجذون أنفسهم في السجن إذا أبلغوا عن جرائم عنف.

وقد شهد العامان الماضيان العديد من الشهادات التي كشفت عن وتورط حقوقيين بارزين ومخرج وفنانين وصحفيين وإعلاميين في جرائم تحرش

في المقابل حدد نشطاء في هذا المجال مجموعة من النصائح للناجيات تتمثل في:

  • عدم الاستجابة لدعوات زيارات المنازل والمكاتب الخاصة ولو لشخصيات مشهورة.
  • عدم منح الثقة لأي شخص دون سابق معرفة.
  • عدم الكشف عن هوية الناجية من جريمة تعرض للعنف.
  • عدم الصمت على أي جريمة تحرش لفظي أو جسدي.
  • اللجوء للعلاج النفسي مبكرا وعدم الخوف من كشف والحديث عن هذا الأمر.
  • عدم لوم الضحايا على تعرضهم لمثل هذه الجرائم.
  • كما وجه مطالبة لأولياء الأمور باستيعاب أولادهم إذا تعرضوا لمثل هذا الموقف ودعمهم.
المصدر : الجزيرة مباشر