“ثمرات”.. هل تنجح خطة الـ 5 دولارات في الوصول إلى الأسر الأكثر فقرا بالسودان؟
بعد إطلاق الحكومة السودانية العنان للعملة المحلية وتحرير سعر الصرف، أعلنت الثلاثاء 23 من فبراير/شباط إطلاقا تجريبيا لبرنامج دعم بتمويل دولي يهدف إلى تخفيف الصعوبات المعيشية للأسر.
البرنامج الذي أطلق عليه (ثمرات) قالت وزارة المالية في بيان إنه سيمول من قبل الحكومة وشركاء دوليين من أصدقاء السودان.
وأوضح د. حمدوك أن #ثمرات يعتبر من أهم برامج الحكومة ومصمم لمعالجة قضايا معاش الناس وتلبية لتحقيق شعار الثورة حرية سلام وعدالة، ولتخفيف تبعات الإصلاحات الاقتصادية على المواطنين، مُبيِّناً أن برنامج ثمرات تجسيد عملي لارتباط الحكومة بشعبها، ويقوم على تكاتف ومشاركة كل أجهزة الدولة.
— مكتب رئيس الوزراء – السودان (@SudanPMO) February 24, 2021
شراكات
وقالت المالية إن شراكة ستجمع بين وزارتي المالية والتخطيط الاقتصادي، والداخلية، وبنك السودان المركزي، وجهاز تنظيم الاتصالات والبريد، وشركات الاتصالات السودانية وبنوك محلية، وبدعم فني من برنامج الأغذية العالمي والبنك الدولي لإنزال البرنامج على أرض الواقع.
وأشار بيان الوزارة إلى أن المرحلة التجريبية تستهدف نصف مليون شخص من أصل 7 ملايين في 11 ولاية هي “سنار، شمال كردفان، البحر الأحمر، غرب كردفان، الشمالية، كسلا، النيل الأزرق، شمال دارفور، جنوب دارفور، جنوب كردفان، والخرطوم”.
ومن المقرر أن يغطي البرنامج 80٪ من أصل السكان بمنحة 5 دولارات شهرية لكل فرد.
دعوة للتحلي بالصبر
وقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك -بينما كان يدشن البرنامج في أحد أحياء الخرطوم- إن البرنامج مصمم لمساعدة المواطنين في مجابهة الضائقة المعيشية، مقرا بالبداية البطيئة للبرنامج ومناشدا المواطنين التحلي بالصبر، بينما تعالت هتافات منددة خلال التدشين مرددة “تسقط بس”.
وأضاف:"نطمح لانتقال يحقق دولة الرفاه لينعم المواطنين بالأمن والاستقرار والنماء الاقتصادي"، مُوضحاً أن #ثمرات يحتاج لتضافر الجهود على كافة المستويات ليحقق النتائج المرجوة، داعياً الأسر للمبادرة بالتسجيل بالرقم الوطني لتساعد الجهات القائمة على أمر البرنامج في تحقيق أهدافه وبفعالية. pic.twitter.com/vBTlLffz8K
— مكتب رئيس الوزراء – السودان (@SudanPMO) February 24, 2021
مشاريع بخمسة دولارات
وقال وزير المالية المعين حديثا جبريل إبراهيم إن وزارته تحاول جاهدة الحول دون حدوث المزيد من الزيادات في الأسعار لكنه استدرك بالقول إنه حال حدوث زيادات فستتمكن الأسر من مواجهتها بسلاح الخمسة دولارات.
ودعا جبريل الأسر إلى استثمار الدولارات الخمس في مشاريع إنتاجية صغيرة!
المواعين الرسمية تبتلع السوق السوداء
أجرت “الجزيرة مباشر” اتصالات هاتفية كشفت عن خمول حاد أصاب السوق السوداء بعد قرار تعويم الجنيه السوداني وبدء المصارف في شراء الدولار بسعر يفوق المعروض في السوق الموازية لأول مرة منذ سنوات.
وبحسب خبراء اقتصاديين فإن المواءمة بين أسعار السوق الرسمية والسوداء تعد أمرًا أساسيًا لنجاح خفض قيمة العملة، وهو إصلاح يهدف إلى إخراج السودان من أزمة اقتصادية وحصوله على إعفاء من الديون وهي خطوة أشاد بها المانحون ومن بينهم الولايات المتحدة.
ويُعد برنامج دعم الأسر واحداً من برامج الحكومة الانتقالية للإصلاح الاقتصادي ويهدف لمساعدة الأسر ورفع قدرات المواطن المعيشية عبر بناء شبكة الحماية الاجتماعية الذي تنفذه وزارة التنمية الاجتماعية بالإضافة للدعم المالي الشهري لامتصاص الآثار السالبة على المواطنين .
— مكتب رئيس الوزراء – السودان (@SudanPMO) February 24, 2021
أكبر برامج التحويلات النقدية
وعلقت مفوضية الأمانة الاجتماعية للتكافل وخفض الفقر أن (ثمرات) من أكبر البرامج للتحويلات النقدية في أفريقيا عبر وسائل البطاقات البنكية، ونقاط البيع، ومحفظة الجوال، لضمان وصول التحويلات المالية الي مستحقيها الأشد فقرًا.
وأوضحت المفوضية أن برنامج الغذاء العالمي قدر أن 1.1 مليون أسرة سودانية بحاجة لمساعدات عاجلة، ناهيك عن النازحين المقدر عددهم بأربعة ملايين نسمة.
وشددت المفوضية على المواطنين الإسراع بالتسجيل عبر المحليات والوحدات الإدارية المختلفة لتحديد الأسر الأشد فقرًا.
وأوضحت المفوضية أن (ثمرات) يبدأ بالولايات الأكثر فقرًا بالعاصمة الخرطوم، وكسلا، والبحر الأحمر وجنوب دارفور إضافة إلى 7 ولايات أخرى.
من جانبه أوضح وزير المالية والتخطيط الاقتصادي د. جبريل إبراهيم أن من أولويات الحكومة معالجة التشوهات الهيكلية التي لحقت بالاقتصاد الوطني وذلك بوضع حزمة سياسات تسعى لإصلاح الاقتصاد الكلي بطريقة جذرية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي… pic.twitter.com/ZrxnGP0qG6
— مكتب رئيس الوزراء – السودان (@SudanPMO) February 24, 2021
برنامج حفظ ماء الوجه
ويشدد الخبير الاقتصادي محمد الناير على عدم جدوى (ثمرات) وعجزه عن التماهي مع الأسعار الآخذة في الارتفاع. ويعقد مقارنة بين مستوى الفقر في السودان وغيره من بلدان العالم، إذ يعيش فقراء العالم بأقل من 60 دولارا شهريا، بواقع دولارين في اليوم.
ويضيف أنه يراد لفقراء السودان الذين يواجهون شبح زيادة الأسعار يوميًا أن يعيشوا بخمسة دولارات شهريًا، وهو رقم يعادل إعاشة يومين ونصف لدى فقراء العالم.
ويتحدث الناير عن أن نسبة الفقر في السودان تتراوح بين 60 إلى 80٪ وحتى لو تمت تغطية ما نسبته 80٪ من فقراء السودان فالأمر لن يجدي نفعًا ولن يتيح للفقير أن يصل إلى الحد الأدنى لمستوى المعيشة.
ويتابع قائلًا إنه بالفرضية الجدلية المطالبة بدفع 60 دولارا شهرية للشرائح الضعيفة، فإن الحكومة لن تستطيع الإيفاء بهذا الرقم، ناهيك عن إيفائها ببرنامج سلعتي الذي يحتاج هو الآخر لميزانية كبيرة تعجز الأموال الحالية المرصودة له عن مضاهاتها.
ويقول الناير إنه كان حري بالحكومة لو أنها استغلت المبلغ المقدم من البنك الدولي مليون دولار) في دعم القطاعات الإنتاجية، والزراعية، والصناعية، ما سينعكس إيجابًا وبشكل مباشر على المواطن.
برنامج يعيد جسر التواصل
ويراهن الصحفي والمحلل السياسي محمد عبد الله ود أبوك، على نجاح (ثمرات) باستغلال كل موارد البلاد وإدخالها في العملية الإنتاجية لضمان استمرار ضخ الأموال.
ويقطع بأن الحكومة الجديدة هي حكومة الفرصة الأخيرة بالنسبة للشارع، وأن معركتها معركة لقمة عيش المواطنين، وإذا فشلت فستجد البلاد نفسها أمام تناقضات جديدة.
مُشيراً إلى أن برنامج ثمرات يهدف إلى تخفيف المعاناة عن المواطنين، مؤكداً استمرار وزارة المالية في دعم برنامج #ثمرات وتطويره ليتحول لبرنامج إنتاجي يوفر فرص عمل للشباب، لافتاً إلى أن هنالك لجنة عليا مكونة لوضع الحلول لمعالجة الضائعة المعيشية. pic.twitter.com/r3nzrc9PC0
— مكتب رئيس الوزراء – السودان (@SudanPMO) February 24, 2021
لن تفيد شيئا
وأبدى جل المواطنين الذين استطلعت الجزيرة مباشر آراءهم سخطهم من (ثمرات)، معتبرين أن الحكومة تمارس سياسة ذر الرماد في العيون، وأنها تسخر منهم بالخمسة دولارات المقدمة، التي قالوا إنها لا تغني ولا تسمن من جوع، خاصة وأنها ستنضب لا محالة ولن يكون دعمًا لمدى الحياة.
أفضل من لا شيء
ويستنكر الصحفي والمحلل السياسي عبد الهادي عيسى حالة السخط التي انتابت المواطنين عقب الإعلان عن الحصة النقدية البالغة 5 دولارات شهرية لكل مواطن، مرجعًا استنكاره لحالة العدم التي يعيشها المواطنون، وأن 5 دولارات أفضل من لا شيء، وأنها بمثابة قطرة ماء صبت في أفواه فتك بها الجفاف.
190 مليون دولار لـ “ثمرات”
وقع الاتحاد الأوربي والبنك الدولي اتفاقية مع السودان في سبتمبر/أيلول 2020 لتوفير 110 ملايين دولار لدعم البرنامج، والذي يدعم الأسر السودانية بتحويلات نقدية مباشرة لتخفيف الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، بالإضافة إلى 78.2 مليون دولار من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا والسويد لتمويل البرنامج.
وبذلك يصل إجمالي مساهمة الشركاء الأوربيين في برنامج دعم الأسرة إلى ما يقارب 190 مليون دولار أمريكي.
ويبلغ عدد سكان السودان 45 مليون نسمة يواجهون ظروفًا معيشية صعبة إثر ارتفاع مستويات التضخم إلى 300%، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، بالإضافة للنقص المتكرر في الخبز، والوقود، والكهرباء، والدواء.