“ثمرات”.. هل تنجح خطة الـ 5 دولارات في الوصول إلى الأسر الأكثر فقرا بالسودان؟

السودانيون يشتكون من غلاء الأسعار (الجزيرة مباشر)

بعد إطلاق الحكومة السودانية العنان للعملة المحلية وتحرير سعر الصرف، أعلنت الثلاثاء 23 من فبراير/شباط إطلاقا تجريبيا لبرنامج دعم بتمويل دولي يهدف إلى تخفيف الصعوبات المعيشية للأسر.

البرنامج الذي أطلق عليه (ثمرات) قالت وزارة المالية في بيان إنه سيمول من قبل الحكومة وشركاء دوليين من أصدقاء السودان.

شراكات

وقالت المالية إن شراكة ستجمع بين وزارتي المالية والتخطيط الاقتصادي، والداخلية، وبنك السودان المركزي، وجهاز تنظيم الاتصالات والبريد، وشركات الاتصالات السودانية وبنوك محلية، وبدعم فني من برنامج الأغذية العالمي والبنك الدولي لإنزال البرنامج على أرض الواقع.

وأشار بيان الوزارة إلى أن المرحلة التجريبية تستهدف نصف مليون شخص من أصل 7 ملايين في 11 ولاية هي “سنار، شمال كردفان، البحر الأحمر، غرب كردفان، الشمالية، كسلا، النيل الأزرق، شمال دارفور، جنوب دارفور، جنوب كردفان، والخرطوم”.

ومن المقرر أن يغطي البرنامج 80٪ من أصل السكان بمنحة 5 دولارات شهرية لكل فرد.

دعوة للتحلي بالصبر

وقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك -بينما كان يدشن البرنامج في أحد أحياء الخرطوم- إن البرنامج مصمم لمساعدة المواطنين في مجابهة الضائقة المعيشية، مقرا بالبداية البطيئة للبرنامج ومناشدا المواطنين التحلي بالصبر، بينما تعالت هتافات منددة خلال التدشين مرددة “تسقط بس”.

مشاريع بخمسة دولارات

وقال وزير المالية المعين حديثا جبريل إبراهيم إن وزارته تحاول جاهدة الحول دون حدوث المزيد من الزيادات في الأسعار لكنه استدرك بالقول إنه حال حدوث زيادات فستتمكن الأسر من مواجهتها بسلاح الخمسة دولارات.

ودعا جبريل الأسر إلى استثمار الدولارات الخمس في مشاريع إنتاجية صغيرة!

المواعين الرسمية تبتلع السوق السوداء

أجرت “الجزيرة مباشر” اتصالات هاتفية كشفت عن خمول حاد أصاب السوق السوداء بعد قرار تعويم الجنيه السوداني وبدء المصارف في شراء الدولار بسعر يفوق المعروض في السوق الموازية لأول مرة منذ سنوات.

وبحسب خبراء اقتصاديين فإن المواءمة بين أسعار السوق الرسمية والسوداء تعد أمرًا أساسيًا لنجاح خفض قيمة العملة، وهو إصلاح يهدف إلى إخراج السودان من أزمة اقتصادية وحصوله على إعفاء من الديون وهي خطوة أشاد بها المانحون ومن بينهم الولايات المتحدة.

أكبر برامج التحويلات النقدية

وعلقت مفوضية الأمانة الاجتماعية للتكافل وخفض الفقر أن (ثمرات) من أكبر البرامج للتحويلات النقدية في أفريقيا عبر وسائل البطاقات البنكية، ونقاط البيع، ومحفظة الجوال، لضمان وصول التحويلات المالية الي مستحقيها الأشد فقرًا.

وأوضحت المفوضية أن برنامج الغذاء العالمي قدر أن 1.1 مليون أسرة سودانية بحاجة لمساعدات عاجلة، ناهيك عن النازحين المقدر عددهم بأربعة ملايين نسمة.

وشددت المفوضية على المواطنين الإسراع بالتسجيل عبر المحليات والوحدات الإدارية المختلفة لتحديد الأسر الأشد فقرًا.

وأوضحت المفوضية أن (ثمرات) يبدأ بالولايات الأكثر فقرًا بالعاصمة الخرطوم، وكسلا، والبحر الأحمر وجنوب دارفور إضافة إلى 7 ولايات أخرى.

 برنامج حفظ ماء الوجه

ويشدد الخبير الاقتصادي محمد الناير على عدم جدوى (ثمرات) وعجزه عن التماهي مع الأسعار الآخذة في الارتفاع. ويعقد مقارنة بين مستوى الفقر في السودان وغيره من بلدان العالم، إذ يعيش فقراء العالم بأقل من 60 دولارا شهريا، بواقع دولارين في اليوم.

ويضيف أنه يراد لفقراء السودان الذين يواجهون شبح زيادة الأسعار يوميًا أن يعيشوا بخمسة دولارات شهريًا، وهو رقم يعادل إعاشة يومين ونصف لدى فقراء العالم.

ويتحدث الناير عن أن نسبة الفقر في السودان تتراوح بين 60 إلى 80٪ وحتى لو تمت تغطية ما نسبته 80٪ من فقراء السودان فالأمر لن يجدي نفعًا ولن يتيح للفقير أن يصل إلى الحد الأدنى لمستوى المعيشة.

ويتابع قائلًا إنه بالفرضية الجدلية المطالبة بدفع 60 دولارا شهرية للشرائح الضعيفة، فإن الحكومة لن تستطيع الإيفاء بهذا الرقم، ناهيك عن إيفائها ببرنامج سلعتي الذي يحتاج هو الآخر لميزانية كبيرة تعجز الأموال الحالية المرصودة له عن مضاهاتها.

ويقول الناير إنه كان حري بالحكومة لو أنها استغلت المبلغ المقدم من البنك الدولي ‪ مليون دولار) في دعم القطاعات الإنتاجية، والزراعية، والصناعية، ما سينعكس إيجابًا وبشكل مباشر على المواطن.

برنامج يعيد جسر التواصل

ويراهن الصحفي والمحلل السياسي محمد عبد الله ود أبوك، على نجاح (ثمرات) باستغلال كل موارد البلاد وإدخالها في العملية الإنتاجية لضمان استمرار ضخ الأموال.

ويقطع بأن الحكومة الجديدة هي حكومة الفرصة الأخيرة بالنسبة للشارع، وأن معركتها معركة لقمة عيش المواطنين، وإذا فشلت فستجد البلاد نفسها أمام تناقضات جديدة.

لن تفيد شيئا

وأبدى جل المواطنين الذين استطلعت الجزيرة مباشر آراءهم سخطهم من (ثمرات)، معتبرين أن الحكومة تمارس سياسة ذر الرماد في العيون، وأنها تسخر منهم بالخمسة دولارات المقدمة، التي قالوا إنها لا تغني ولا تسمن من جوع، خاصة وأنها ستنضب لا محالة ولن يكون دعمًا لمدى الحياة.

أفضل من لا شيء

ويستنكر الصحفي والمحلل السياسي عبد الهادي عيسى حالة السخط التي انتابت المواطنين عقب الإعلان عن الحصة النقدية البالغة 5 دولارات شهرية لكل مواطن، مرجعًا استنكاره لحالة العدم التي يعيشها المواطنون، وأن 5 دولارات أفضل من لا شيء، وأنها بمثابة قطرة ماء صبت في أفواه فتك بها الجفاف.

190 مليون دولار لـ “ثمرات”

وقع الاتحاد الأوربي والبنك الدولي اتفاقية مع السودان في سبتمبر/أيلول 202‪0 لتوفير 110 ملايين دولار لدعم البرنامج، والذي يدعم الأسر السودانية بتحويلات نقدية مباشرة لتخفيف الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، بالإضافة إلى 78.2 مليون دولار من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا والسويد لتمويل البرنامج.

وبذلك يصل إجمالي مساهمة الشركاء الأوربيين في برنامج دعم الأسرة إلى ما يقارب 190 مليون دولار أمريكي.

ويبلغ عدد سكان السودان 45 مليون نسمة يواجهون ظروفًا معيشية صعبة إثر ارتفاع مستويات التضخم إلى 300%، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، بالإضافة للنقص المتكرر في الخبز، والوقود، والكهرباء، والدواء.

المصدر : الجزيرة مباشر