“غزة ليست محتلة”.. انتقادات لاذعة تطال ناصر القدوة بعد تصريحاته بشأن الإسلام السياسي (فيديو)

القيادي السابق في حركة فتح ناصر القدوة (الأناضول)

أثار القيادي السابق في حركة فتح، ناصر القدوة، جدلا واسعا في الساحة الفلسطينية إثر تصريحات معارضة لما سماه “الإسلام السياسي”، وذلك بعد يوم من إعلان ترؤسه قائمة منفصلة عن قائمة حركة “فتح”، لخوض الانتخابات التشريعية.

وأتت أبرز الردود من حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، وحتى من أعضاء في القائمة ذاتها التي يترأسها، في حين قال محللون إنها بداية غير موفقة للقيادي الفلسطيني في السباق نحو المجلس التشريعي.

وقال القدوة، أمس الخميس، خلال لقاء متلفز مع قناة (فرانس 24) الفرنسية “كلنا، كل الأطراف (الفتحاوية) الموجودة لديها مشاكل مع الإسلام السياسي بشكل عام أو الإسلامية السياسية”.

ويعارض القدوة اتفاق المصالحة بين “فتح” و”حماس” والذي بناء عليه ستجرى الانتخابات، قائلا “جميعنا حريص على الوحدة الوطنية الفلسطينية واستعادة قطاع غزة، جغرافيا وسياسيا، نُصر على هذا الهدف الوطني المركزي لكن ليس بالطريقة التي تمت حتى الآن، لأنها طريقة غير حقيقية وهشة”.

واعتبر ناشطون تصريحات القدوة “عنصرية” وهجوم علني على المقاومة الإسلامية الفلسطينية ويسيء من خلالها للشعب الفلسطيني بأكمله في وضع حساس هو بحاجة فيه للوحدة والانسجام لمواجهة التحديات المختلفة.

وأرجع آخرون “تصريحات القدوة” إلى فقدانه لهويته السياسية والتنظيمية بتشكيل قائمته خارج حركة فتح مما دفعه للبحث عن هوية جديدة يستخدمها لتسويق نفسه في المجال الخارجي من خلال المجتمع الدولي والغربي بعيداً عن هويّة وحضارة الشعب الفلسطيني.

وكانت حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد فصلت عضو لجنتها المركزية ناصر القدوة، مطلع مارس/آذار الماضي، بسبب سعيه لطرح قائمة منفصلة من المرشحين في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية المقبلة.

تعزيز الانقسام

واعتبرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أن القدوة “يحاول حل مشكلته التنظيمية وتحقيق إنجازات شخصية على حساب الوحدة الوطنية”.

وقال عضو مكتب العلاقات الدولية بالحركة باسم نعيم “بدل الدعوة للوحدة ورص الصفوف وجعل التناقض الرئيس مع الاحتلال، يوجه (القدوة) سهامه إلى جبهتنا الوطنية الداخلية”.

وتابع نعيم “لا يجوز لأحد أن يكون امتدادا لأي مشاريع خارجية، فالحالة الفلسطينية خاصة جدا ولا تحتمل إثارة مثل هذه النعرات الرخيصة والمستهلكة”.

وأسفرت حوارات مطولة ولقاءات عديدة بين الفصائل الفلسطينية على مدى سنوات الانقسام عن توافق على تحديد مواعيد الانتخابات كمدخل لإنهاء الانقسام المستمر منذ 2007.

وأصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، مرسوما حدد بموجبه مواعيد الانتخابات خلال العام الجاري، التشريعية في 22 مايو/أيار، والرئاسية في 31 يوليو/تموز، والمجلس الوطني في 31 أغسطس/آب المقبل.

والأربعاء الماضي، سجل عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثي والقيادي المفصول عن الحركة ناصر القدوة قائمة “الحرية” لخوض الانتخابات التشريعية.

“غزة ليست محتلة”

بدوره وصف الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي داود شهاب، تصريحات القدوة بأنها “سقوط وانكشاف لمشروع توظيف العمل السياسي لتعزيز التناقضات والخلافات الداخلية بدلاً من توحيد الصف في مشروع التحرير واستعادة الأرض من الاحتلال”.

وأضاف شهاب “عليه أي (القدوة) أن يعرف أن غزة ليست محتلة حتى يفكر باستعادتها والتيار الوطني الإسلامي ليس خطراً ولا غريباً ولا طارئاً حتى يصوره هو وغيره بالمشكلة”.

وتابع “من يستخدمون مصطلح (الإسلامية السياسية)، يتعمدون اتهام المقاومة وتوزيع شهادات الوطنية”.

انتقادات داخلية

واتسعت دائرة الانتقادات للقدوة إلى شركائه في قائمة “الحرية” إذ عبَّر الأسير السابق فخري البرغوثي عن رفضه الشديد لتلك التصريحات، وفق ما نقل عنه المركز الفلسطيني للإعلام (تابع لحركة حماس).

وشدد البرغوثي على “ضرورة أن يكون هناك مراجعات داخلية” لتصريحات القدوة داعيا إلى “احترام القوى الوطنية التي تحمل هدفا واحدا هو إنهاء الاحتلال”.

أما حاتم عبد القادر عضو المجلس الثوري لحركة فتح والمحسوب على تيار الأسير مروان البرغوثي، شريك القدوة في قائمة “الحرية” الانتخابية، فقال إن تصريحات القدوة حول (الإسلام السياسي) “تعبر عن وجهة نظره فقط ولا تعبر عن وجهة نظر القائد مروان البرغوثي”.

وأضاف “إننا وإن كنا نختلف مع الإسلام السياسي في الأفكار والتوجهات إلا أننا نحترمه ونعتبره جزءا أساسيا من الحالة الوطنية الفلسطينية، وشريكا في معركة التحرر الوطني”.

ولفت إلى أن “الشعب الفلسطيني في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها أحوج ما يكون إلى الوحدة والتكاتف والنأي بالنفس عن التجاذبات الإقليمية”.

بداية غير موفقة”

وعلق الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف على تصريحات القدوة، قائلا “ليس غريبا ما تحدث به ناصر عن استعادة غزة جغرافيا وسياسيا”.

وتابع الصواف “القدوة الذي طرده عباس من فتح، يعبر بشكل واضح عن عقلية تربت على الكراهية والهيمنة والقبول بالاحتلال الصهيوني”.

وأضاف “القدوة تحدث فقط عن استعادة غزة المحتلة من أهلها، ونسي بقية فلسطين (القدس ويافا وحيفا) وغالبية مساحة فلسطين المحتلة والمغتصبة من الصهاينة”.

وقال المحلل السياسي ناجي الظاظا إن القدوة “يهاجم الإسلام السياسي عبر منصة إعلامية دولية للتغطية على فشل مشروعه السياسي”.

واعتبر أن تصريحات القدوة “بداية غير موفقة لقائمته الانتخابية التي تحالف فيها مع القيادي مروان البرغوثي وستصعب الطريق على حلفائه وتجعله نقطة ضعف لا قوة”.

وقال الباحث السياسي رامي أبو زبيدة إن القدوة “بدلا من خوضه للمعركة الواجبة في مقاومة الاحتلال والسلطوية والديكتاتورية والفساد، يخرج علينا عبر قناة فرنسية بتصريحات عنصرية واستفزازية تحمل الإساءة إلى الإسلام السياسي”.

وأضاف أبو زبيدة “يبدو واضحا أن العنصرية ضد الإسلام والإسلاميين صارت طوق نجاة لناصر القدوة كما (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون لمواجهة الأزمات الداخلية”.

وتابع “تصريحات القدوة ستضعف من قوة حضوره الانتخابي في الانتخابات الفلسطينية القادمة، كما أنها تمثل إحراجا للقائد مروان البرغوثي الذي قبل التحالف مع القدوة في قائمة واحدة”.

وأوضح أبو زبيدة “المجتمع الفلسطيني بفطرته مسلم، وبنيته قائمة على احتواء جميع الديانات والأحزاب، وأي خطاب سلبي تجاه أي مكون من مكوناته يعتبر تحريضا غير مبرر”.

واعتبر الصحفي راجي الهمص أن وصف القدوة للحركات الاسلامية التي اختارت طريقة المشاركة المجتمعية بحركات “إسلام سياسي” بقصد مريب هي دليل على “عقلية التفرد والعجز عن استيعاب الشركاء الأقوياء وهي رسالة طمأنة سمجة للغرب لن تعلي من قيمة من قالها”.

المصدر : الجزيرة مباشر