الغارديان: وثائق مسربة تكشف إشراف بوتين على عملية سرية لضمان فوز ترمب في انتخابات 2016

الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب (يمين) يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء في 2019 (غيتي - أرشيفية)

قالت صحيفة الغارديان البريطانية إن الرئيس الروسي فلادمير بوتين أشرف شخصيا على عملية سرية لأجهزة الاستخبارات الروسية لدعم دونالد ترمب “المضطرب عقليا” في انتخابات الرئاسة عام 2016 وذلك خلال اجتماع مغلق لمجلس الأمن القومي الروسي.

وأضافت الصحيفة أن تلك المعلومات كشفت عنها وثائق جرى تقيمها على أنها وثائق مسربة من الرئاسة الروسية (الكرملين).

وتابعت الصحيفة أن الاجتماع الرئيسي عقد في 22 يناير/كانون الثاني 2016، وفقا للوثائق، مع الرئيس الروسي ورؤساء أجهزة استخباراته والوزراء البارزين في حكومته.

وقالت الصحيفة إنهم اتفقوا جميعا على أن وجود ترمب في البيت الأبيض سيسهم في ضمان تحقيق الأهداف الاستراتيجية لموسكو إلى جانب إحداث “اضطراب اجتماعي” في الولايات المتحدة وسيضعف الموقف التفاوضي للرئيس الأمريكي.

وتابعت الصحيفة أنه وفق مرسوم يحمل توقيع بوتين جرى تكليف ثلاثة أجهزة استخبارات روسية بإيجاد سبل عملية لدعم ترمب.

وكان ترمب في هذا الوقت متقدما في سباق نيل ترشيح الحزب الجمهوري، وأوصى تقرير أعدته إدارة الخبراء التابعة لبوتين بأن تستخدم موسكو “كل القوة الممكنة” لضمان فوز ترمب، بحسب الصحيفة.

وأشارت الصحيفة البريطانية أن أجهزة استخبارات غربية كانت على اطلاع على هذه الوثائق منذ بضعة أشهر وفحصتها بدقة.

وتابعت الصحيفة أنها اطلعت على الوثائق وعرضتها على خبير مستقل والذي قال إنها تبدو حقيقية، وأن التفاصيل العرضية تبدو دقيقة كما أن اللهجة العامة والتوجه يتوافقان مع تفكير الكرملين الأمني.

وذكرت الصحيفة أن الكرملين رد على تساؤلاتها صباح اليوم الخميس عن الوثائق باستخفاف، وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين إن فكرة أن قادة روس التقوا واتفقوا على دعم ترمب في اجتماع أوائل عام 2016 هو “لب خيال محض”.

وقالت الصحيفة إن التقرير حمل عنوان (رقم 32-40/في دي) وصنف على أنه سري، ويقول التقرير إن ترمب هو “المرشح الأوفر حظا” من وجهة نظر الكرملين.

وتابعت أن الوثائق حوت تقييما نفسيا مختصرا لترمب، وصفه بأنه ” مندفع ومضطرب عقليا وشخص غير متزن يعاني من عقدة الدونية”.

كما أن الوثائق حوت، بحسب الصحيفة، على تأكيد واضح أن الكرملين لديه “أدلة تجريم” أو مواد تحمل تهديدا حقيقيا على الرئيس المستقبلي جمعت خلال “زيارات ترمب السابقة غير الرسمية إلى أراضي الاتحاد الروسي”.

وأشارت الوثائق إلى “أحداث محددة” وقعت خلال زيارات ترمب إلى موسكو، بحسب الصحيفة البريطانية.

مقتطف من الوثيقة السرية للكرملين (الغارديان)

وقالت الغارديان إن أفراد مجلس الأمن القومي الروسي طلب منهم الاطلاع على التفاصيل في الملحق الخامس في الفقرة الخامسة، إلا أن الصحيفة البريطانية قالت إنها لا تعلم ما الذي يحويه هذا الملحق.

وتابعت “نصت الوثائق على أنه من الضروري للغاية استخدام كل القوة الممكنة لتسهيل انتخاب ترمب لمنصب الرئيس الأمريكي”.

وأضافت أن هذا من شأنه المساهمة في إحداث “السيناريو السياسي النظري” المفضل لدى روسيا، ويتوقع أن فوز ترمب “سيؤدي بالتأكيد إلى زعزعة استقرار النظام الاجتماعي والسياسي في الولايات المتحدة” ويتوقع أنه سيشهد استياء خفيا ينفجر في العلن.

قمة الكرملين

وقالت الصحيفة البريطانية إنه من الثابت أن الاجتماع عقد في يناير 2016 داخل الكرملين، إذ تظهر صورة رسمية لهذه المناسبة بوتين على رأس الطاولة، جالسًا تحت علم الاتحاد الروسي ونسر ذهبي برأسين، وحضر الاجتماع رئيس الوزراء الروسي آنذاك ديمتري ميدفيديف مع وزير الخارجية المخضرم سيرغي لافروف.

كما حضر سيرغي شويغو وزير الدفاع المسؤول عن المخابرات العسكرية الروسية وميخائيل فرادكوف رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي في ذلك الوقت، وألكسندر بورتنيكوف رئيس جهاز الأمن الفيدرالي، ونيكولاي باتروشيف مدير جهاز الأمن الفيدرالي السابق باعتباره سكرتيرا لمجلس الأمن القومي الروسي.

ووفق بيان صحفي روسي آنذاك تناول الاجتماع مناقشة الأوضاع الاقتصادية والأوضاع في مولدوفا.

إلا أن الغارديان تقول إن الوثيقة التي اطلعت عليها تشير إلى أن الغرض الحقيقي والسري لاجتماع مجلس الأمن القومي الروسي كان مناقشة المقترحات السرية التي أعدتها الخدمة التحليلية للرئيس ردًا على العقوبات الأمريكية ضد موسكو.

اجتماع بوتين مع مجلس الأمن القومي الروسي عام 2016 في الكرملين والذي أشارت إليه الغارديان (تاس)

وقالت الصحيفة إن معد الوثيقة يبدو أنه فلادمير سيمونينكو المسؤول البارز في إدارة الخبراء التابعة للكرملين والتي تزود بوتين بمواد تحليلية وتقارير بعضها مستند على الاستخبارات الخارجية.

وبحسب الصحيفة، تظهر الوثائق أن سيمونينكو مرّر في 14 يناير 2016 ملخص تنفيذي من ثلاث صفحات لنتائج وتوصيات فريقه.

وفي الأمر الموقع بعد ذلك بيومين، وجه بوتين رئيس دائرة السياسة الخارجية ألكسندر مانزهوسين بالدعوة إلى اجتماع مغلق لمجلس الأمن القومي.

وينص الأمر التنفيذي على أن الغرض من الاجتماع هو دراسة معمَّقة للوثيقة ومنح مانزهوسين مهلة نهائية قدرها 5 أيام لإنهاء الترتيبات.

وتقول الصحيفة إن ما دار داخل الاجتماع غير معروف إلا أن الرئيس ومسؤولي استخباراته وقّعوا خطة متعددة الوكالات للتدخل في الديمقراطية الأمريكية تحت ذريعة الدفاع الشرعي عن النفس.

واحتوت الوثائق على تدابير عدة يمكن أن يتبناها الكرملين لما تراه أعمالا عدائية من جانب واشنطن، وحددت الوثائق نقاط ضعف أمريكية عديدة بينها “الهوة السياسية العميقة بين اليسار واليمين” وفضاء “المعلومات الإعلامية” في الولايات المتحدة والمزاج المعادي للمؤسسات في ظل حكم الرئيس الأسبق باراك أوباما.

ولم تسمّ الوثائق هيلاري كلينتون بالاسم، والتي كانت منافسة ترمب في انتخابات عام 2016، إلا أن الوثائق اقترحت توظيف المصادر الإعلامية لتقويض الشخصيات السياسية الأمريكية البارزة.

وقالت الصحيفة البريطانية إن الوثائق احتوت فقرات عن كيف يمكن لروسيا إدخال “فيروسات إعلامية” في الحياة العامة الأمريكية، والتي يمكنها أن تكون مكتفية ذاتيا وقادرة على التكاثر ذاتيا أيضا، وتشير الوثائق إلى أن ذلك سيغير الوعي الجمعي خاصة بين مجموعات معينة.

وتابعت الصحيفة أنه عقب الاجتماع -ووفق وثيقة مسربة أخرى- أصدر بوتين مرسوما ينشأ لجنة جديدة سرية بين الإدارات، وتتركز المهمة العاجلة للجنة في تحقيق الأهداف التي جاءت في “الجزء الخاص” من الوثيقة (رقم 32-40/في دي).

وأشارت الصحيفة أنه عقب أسابيع من اجتماع مجلس الأمن القومي الروسي، شن قراصنة إنترنت تابعون للاستخبارات العسكرية الروسية هجمات على خوادم اللجنة الديمقراطية الوطنية ونشروا لاحقا آلاف من رسائل البريد الإلكتروني الخاصة في محاولة للإضرار بالحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون.

المصدر : الجزيرة مباشر + الغارديان البريطانية