البحث عن زكريا الزبيدي ورفاقه.. عندما يصبح الشعب بطلا

زكريا الزبيدي خلال إحدى المظاهرات في جنين عام 2004

ما زالت عمليات البحث عن أبطال عملية الهروب الكبيرة من سجن جلبوع تستحوذ على المؤسسات الأمنية داخل إسرائيل.

ورغم الجهود الكثيفة التي يقوم بها الاحتلال إلا أنه لم يتمكن من العثور على الأسرى الستة حتى الآن.

وبينما تحاول سلطات الاحتلال الضغط على الفلسطينيين من أجل الوصول لأي معلومات تفيد في البحث عن الأسرى الستة، أجرى الأهالي محاولات عدة لمساعدة الأسرى على التخفي.

مبادرات فلسطينية

وشملت تلك الوسائل تنظيم مسيرات التأييد من مكونات الشعب الفلسطيني كافة، والإعلان عن الفرحة بالعملية، وكذلك ذلك مبادرات نفذها بعض الفلسطينيين لتشتيت جهود الاحتلال في البحث عن السجناء عبر بلاغات هاتفية زائفة تضلل عملية البحث التي تُجريها قوات الاحتلال.

وتلقى جهاز الاستخبارات الإسرائيلي أكثر من 250 اتصالا تخبره بمكان وجود الأسرى، كان الجنود يتحركون خلالها بسرعة كبيرة ليكتشف الإسرائيليون بعد ذلك أنهم تعرضوا لعمليات خداع منظمة.

ولم تتوقف حيل الفلسطينيين على ذلك، بل عملوا على تغيير اتجاهات كاميرات المراقبة وتوجيهها نحو الجدار أو بعيدا عن الشوارع، وكسرت عشرات الكاميرات خشية تسجيل أي شيء عن الأسرى.

ووصل الأمر إلى السخرية من جنود الاحتلال من جانب الشباب الفلسطيني في باحات المسجد الأقصى وعلى قارعة الطريق، عبر المناداة على زكريا الزبيدي عدة مرات أمام الجنود.

وجاءت هذه المبادرات تلبية لنداء الفصائل الفلسطينية والتي حثت الناس على توفير الفضاء للأسرى الفلسطينيين الفارّين وبشتى الطرق الممكنة.

اعتراف إسرائيلي

واليوم الجمعة، رجّحت سلطات الاحتلال الإسرائيلية استمرار مطاردتها للأسرى “أياما طويلة”، بعدما أقرت بأن الأسرى يتلقون دعما ومساندة من سكان فلسطينيين.

وقالت هيئة البث الرسمية “من المرجّح أن تستمر الملاحقة أياما طويلة وتستعد قوات الأمن تحسبا لتصعيد أمني في الضفة الغربية وقطاع غزة مع إلقاء القبض على الفارين أحياء أو أمواتا”.

سجن جلبوع الإسرائيلي الذي فر منه 6 سجناء فلسطينيين عبر نفق (غيتي)

وأوضحت “تعتقد الأجهزة الأمنية أن السجناء توزعوا على مجموعات صغيرة وأن بعضهم وصلوا إلى المناطق الفلسطينية ويبدو أنهم يحظون بدعم من مواطنين إسرائيليين عرب وسكان فلسطينيين”.

سره الباتع

هذه المبادرات تعيد إلى الذاكرة قصة قصيرة قدمها الأديب المصري الراحل يوسف إدريس في مجموعته القصصية (بيت من لحم) بعنوان (سره الباتع) عن واقعة حقيقة حدثت إبان الحملة الفرنسية على مصر.

تستحضر القصة بعضاً من جوانب البطولة فى ثورة الغضب ضد الحملة الفرنسية حين يقتل مواطن مصرى أحد جنود الحملة الفرنسية، الأمر الذى يستدعى إطلاق حملات مطاردة فى ربوع مصر كلها من أجل العثور على ذلك المواطن المصرى، ويبدأ حامد بطل القصة في التخفي في كل قري الدلتا.

ويتحول الشعب كله في دلتا النيل إلى مساعدة حامد بطل الحادث، حتى إن الفلاحين لا يحصدون المحاصيل ليختبئ فيها حامد ويضعون الأطعمة والملابس التى تساعده على التخفي في كل مكان من الممكن أن يصادف وجوده فيه.

ويكتشف الفرنسيون أن هناك علامة مميزة لدي حامد، وهي أنه صاحب 4 أصابع فقط في يده ووشم لعصفورة على وجهه، ولكن جيوش نابليون تقع فى ورطة حينما يقطع عدد من الشباب فى القرية التى يحتمى بها إصبعاً لكل منهم، ويرسمون وشما مشابها له للحفاظ على حياته.

وتحول كل شاب في إحدى قرى الدلتا إلى حامد، ورغم ذلك يُقبض عليه ويحاكم ويعدم، وحينها يحمل أهالي قريته الجثة ويبنون لها مقاما هناك ليظل رمزا خالدا لمقاومة المحتل.

إنتاج الرواية دراميًا

كان السيناريست المصري محمد حلمي هلال كتب بكتابة سيناريو للقصة وصرح أنه انتهى من كتابة سيناريو وحوار 10 حلقات من عمل درامي يحمل عنوان القصة نفسه.

وتدور أحداث المسلسل في ريف مصر، وتحديدا محافظة المنوفية من خلال استعراض أشكال المقاومة الشعبية أثناء الحملة الفرنسية وحياة عدد من المحاربين القدامى الذين تحولت مقابرهم إلى أضرحة.

كان الممثل المصري صبري فواز -وهو مخرج مسرحي أيضا- قدم القصة ذاتها في مسرحية، بداية التسعينيات، على مسرح الثقافة الجماهيرية بالقاهرة تحت عنوان (المدد).

المصدر : الجزيرة مباشر