بعد تصريحات بايدن ضد روسيا.. ماذا تعني الجرائم ضد الإنسانية والإبادة وما أخطر جرائم الحرب؟

عثرت السلطات الأوكرانية على العديد من الجثث في بلدة بوتشا قرب كييف (غيتي)

جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وحتى “الإبادة الجماعية” التي تحدث عنها الرئيس الأمريكي جو بايدن، اليوم الثلاثاء، للمرة الأولى، هذه الاتهامات كلها التي تتضاعف ضد القوات الروسية هي مفاهيم دقيقة جدًا في القانون الدولي.

واتهم الرئيس بايدن للمرة الأولى نظيره الروسي فلاديمير بوتين بارتكاب “إبادة جماعية” في أوكرانيا، وهو مصطلح سبق أن استخدمه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لكنه لم يصدر عن الإدارة الأمريكية من قبل.

فماذا تعني هذه المفاهيم التي وُلدت في أعقاب الحرب العالمية الثانية؟

جرائم الحرب

تعرّف “جرائم الحرب” بأنها انتهاكات جسيمة للقانون الدولي تُرتكب ضد مدنيين أو مقاتلين أثناء نزاع مسلح، وتؤدي إلى تحميل مرتكبيها مسؤولية جنائية فردية، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

وهذه الجرائم تنطبق على الانتهاكات التي تطال اتفاقيات جنيف التي أقرت في 1949 في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وهذا التعريف أدرج في المادة الثامنة من “نظام روما” المعاهدة المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية التي تم اعتمادها في حزيران/يونيو 1998.

وتحدد المادة الثامنة من الاتفاقية أكثر من 50 نموذجًا لجرائم الحرب، من بينها القتل والتعذيب واحتجاز الرهائن وتجنيد الأطفال للقتال والتهجير غير القانوني والهجمات المتعمدة ضد المدنيين والنهب والهجمات المتعمدة ضد بعثات المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام.

الإبادة الجماعية

تعرّف اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1949 الإبادة الجماعية بأنها “محاولة متعمدة لتدمير جماعة على نحو كلي أو جزئي استنادًا إلى جنسيتها أو عرقيتها أو عرقها أو دينها”.

وحتى الآن انطبق هذا التعريف على ثلاث قضايا أمام المحاكم الدولية: مذبحة ارتكبها الخمير الحمر في كمبوديا في حق أقلية تشام والفيتناميين في السبعينيات ويقدر عدد ضحاياها بنحو 1.7 مليون شخص، والقتل الجماعي للتوتسي في رواندا في التسعينيات الذي أودى بحياة 800 ألف شخص، ومذبحة سربرنيتشا في 1995 حيث قُتل نحو ثمانية آلاف من الرجال والفتيان المسلمين في البوسنة.

راح ضحية مذبحة سربرنيتشا في 1995 أكثر من 8 آلاف (اسوشيتد برس)

الجرائم ضد الإنسانية

وضع مفهوم الجريمة ضد الإنسانية وتعريفها في الثامن من أغسطس/آب 1945 بموجب المادة السادسة من النظام الأساس لمحكمة نورمبرغ الدولية.

وتُعرَّف هذه الجريمة بأنها “القتل العمد والإبادة والاستعباد والتهجير وأي فعل غير إنساني آخر يرتكب ضد سكان مدنيين قبل الحرب أو خلالها أو الاضطهاد على أسس عرقية أو دينية”.

ما الذي يتعيّن على ممثلي الادعاء فعله؟

لإثبات الإبادة الجماعية يتعيّن على ممثلي الادعاء أولًا إظهار أن الضحايا كانوا جزءًا من جماعة قومية أو عرقية أو دينية مميزة، ويستبعد ذلك الجماعات المستهدفة بسبب أفكارها السياسية.

ويصعب إثبات الإبادة الجماعية مقارنة بالانتهاكات الأخرى للقانون الإنساني العالمي مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، لأنها تحتاج دليلًا على النية.

وفتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقًا يتعلّق بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في أوكرانيا في فبراير/شباط، وتملك المحكمة سلطة نظر قضايا الإبادة الجماعية.

وقال ممثلو الادعاء الأوكرانيون الذين يحققون بالفعل في الجرائم الروسية المزعومة منذ ضم موسكو شبه جزيرة القرم في 2014، إنهم رصدوا الآلاف من جرائم الحرب المحتملة ارتكبتها القوات الروسية منذ 24 فبراير/شباط، وأعدّوا قائمة بأسماء مئات المشتبه بهم.

انتشال جثة مدني من مقبرة جماعية في بلدة بوتشا-8 أبريل (رويترز)

من الذي يتهم روسيا؟

اتهم الرئيسان الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأمريكي جو بايدن الجنود الروس بارتكاب إبادة جماعية، مع التركيز على أدلة على ممارسة اغتصاب وتعذيب وقتل في مناطق حول كييف استعادت القوات الأوكرانية السيطرة عليها هذا الشهر.

وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأسبوع الماضي إن حجم الفظائع “لا يبدو أقل من الإبادة الجماعية”.

أما موسكو، التي وصفت الهجوم على جارتها الأصغر بأنه “عملية خاصة” لوقف الإبادة الجماعية ضد المتحدثين بالروسية في أوكرانيا، فقالت إن الغرب قدّم أدلة مزورة لتشويه سمعة جيشها.

ما القضايا القائمة حاليًا؟

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في السابق مذكرة توقيف ضد الرئيس السوداني السابق عمر البشير بتهمة الإبادة الجماعية، لكن محاكمته لا يمكن أن تبدأ حتى يتم احتجازه في لاهاي.

وتتمتع محكمة العدل الدولية أيضًا بسلطة قضائية من خلال اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وهي أول معاهدة لحقوق الإنسان تعتمدها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948 وتنص على التزام المجتمع الدولي بمنع وقوع فظائع الحرب العالمية الثانية مرة أخرى.

وتنظر المحكمة في قضيتين، الأولى تزعم أن ميانمار ارتكبت إبادة جماعية ضد مسلمي الروهينغيا، والأخرى تقدّمت بها أوكرانيا تتهم روسيا بالإبادة الجماعية.

المصدر : وكالات