أزمة إنسانية مشتعلة تفوق أوكرانيا.. تحذير أممي من تحوّل سوريا إلى “قضية منسية”

طفل سوري في مخيم للاجئين بالبقاع اللبناني (رويترز)

حذّر مسؤولان بارزان في الأمم المتحدة من أن المعاناة التي يعيشها السوريون تتفاقم يومًا بعد يوم، وتتزايد بصورة أكبر من الأزمة الأوكرانية التي تتصدر عناوين الأخبار حاليًا، وفق إفادتَيْهما أمام مجلس الأمن الدولي.

وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ومساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية إنه على الرغم من أن الأزمة الإنسانية في سوريا لا تتصدر عناوين الأخبار فإنها لا تزال قضية مشتعلة وتفوق في حدتها الأزمة الأوكرانية.

وقالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية جويس مسويا خلال جلسة لمجلس الأمن في نيويورك “بينما تتجه أنظار العالم إلى صراعات أخرى، لا ينبغي أن تصبح سوريا أزمة منسية، حيث يكافح ملايين السوريين كل شهر للبقاء على قيد الحياة”.

وحذرت المسؤولة الأممية من أن الأزمة الاقتصادية في سوريا تستمر بلا هوادة في وقت تتصاعد أسعار الغذاء والوقود، مما يؤثر على توصيل المياه والصرف الصحي وخدمات أساسية أخرى.

أطفال سوريون نازحون يسيرون في الوحل بمخيم في مدينة أعزاز شمالي سوريا (رويترز)

وقالت جويس إنه بينما يواجه السوريون مستقبلًا قاتمًا، يجد العاملون في المجال الإنساني أنفسهم أمام موارد متضائلة.

وأضافت “بصراحة، نحن ببساطة لا نملك المال المطلوب، ولا يمكننا توفير الحد الأدنى من المساعدة لعدد كبير جدًا من الأشخاص. من الواضح أنه لا يمكننا مواصلة العمل كالمعتاد. يجب أن ندعم السوريين المحتاجين لإيجاد طريق أكثر استدامة للمضي قدمًا”.

واستطردت “حين يتعلق الأمر بتقديم المساعدات المنقذة للحياة للمحتاجين في جميع أنحاء سوريا، يجب أن تظل جميع القنوات مفتوحة ومتاحة، ولا يزال تجديد تفويض الأمم المتحدة عبر الحدود في شهر يوليو ضروريًا لإنقاذ الأرواح في شمال غربي سوريا”.

وتابعت “أكرر دعوة الأمين العام لمجلس الأمن بضرورة الحفاظ على توافق الآراء بشأن تجديد القرار 2585 في يوليو المقبل. هذا واجب أخلاقي وإنساني للقيام بذلك”.

وقرر مجلس الأمن، في يوليو/تموز الماضي، تمديد تفويض نقل المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر معبر باب الهوى على الحدود السورية مع تركيا لمدة عام كامل.

حين تصبح حبات الثلج البيضاء نذيرًا يشير إلى شبح الموت.. هنا سوريا (الخوذ البيضاء)

القتال مستمر

حذرت المسؤولة الأممية في إفادتها من أن “القتال لا يزال مستمرًا في العديد من المناطق، حيث وثقت المفوضية السامية لحقوق الإنسان مقتل 92 مدنيًا بينهم 25 طفلًا، خلال شهري فبراير/شباط، ومارس/ذار الماضيين”.

وطالبت جويس مسويا مجلس الأمن بالتحرك نحو “معالجة الوضع المزري لسكان مخيم الهول، ومعظمهم من النساء والأطفال”.

وقالت “تتكرر عمليات القتل والنهب والتخريب، فقد قُتلت خمس نساء في المخيم الأسبوع الماضي.. وأكرر الدعوة إلى الإعادة الكاملة لرعايا البلدان الثلاثة من المخيم الواقع في شمال شرقي سوريا”.

وأضافت “يحتاج 4.1 ملايين شخص في شمال غربي سوريا إلى مساعدات إنسانية حيث يعيش ما يقرب من مليون شخص معظمهم من النساء والأطفال في خيام ويعتمدون على منظمات الإغاثة الإنسانية للبقاء على قيد الحياة. إنهم يستحقون العيش بكرامة”.

أكثر من أوكرانيا

من ناحية أخرى، قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون إن سوريا لا تزال بين أكبر الأزمات الإنسانية التي يشهدها العصر الحالي، كما أنها تشهد أعلى مستوياتها منذ بدء الحرب قبل 11 عامًا.

وأضاف في كلمته أمام مجلس الأمن “بينما النزوح الناجم عن الحرب في أوكرانيا يتزايد بشكل مأساوي، تبقى سوريا أكبر أزمة نزوح في العالم، بأعداد لاجئين تبلغ 6.8 ملايين لاجئ و6.9 ملايين نازح، أي نصف سكان البلاد قبل الحرب، كما أن جيلًا بأكمله وُلد وترعرع في الشتات”.

وقال بيدرسون إن عشرات الآلاف من السوريين لا يزالون معتقلين أو مختطفين أو مفقودين، ومعاناتهم هي مكون محوري لمعاناة السوريين.

المصدر : الأمم المتحدة + الجزيرة مباشر