مصر.. انخفاض معدل البطالة رغم ارتفاع أعداد العاطلين وخبراء يشككون

توقعات بانخفاض الناتج المحلي الإجمالي النصف الأول من العام وفقاً لتقديرات رسمية

مبنى وزارة المالية المصرية

رغم ارتفاع عدد العاطلين عن العمل، انخفض معدل البطالة في سوق العمل المصرية إلى 7% في الربع الثاني من العام الحالي، مقارنة بـ7.1% في الربع الأول، بحسب البيانات الرسمية. وهو ما دعا خبراء اقتصاديين وأكاديميين إلى التشكيك في الأرقام الرسمية، ولا سيما مع تراجع معدل النمو خلال السنوات الخمس الماضية.

وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، إن عدد العاطلين عن العمل في السوق المحلية حتى نهاية الربع الثاني من العام الحالي، بلغ نحو 2.169 مليون، مرتفعًا بـ18 ألف عاطل عن الربع السابق له.

ويحدث تراجع نسبة البطالة رغم ارتفاع عدد المتعطلين عن العمل، من خلال دخول أفراد إلى إجمالي القوى العاملة، ثم توزّعهم بين أرقام العاملين بعد حصولهم على وظيفة، وبين عدد العاطلين عن العمل.

وبحسب وكالة الأناضول نقلًا عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر فقد بلغ تقدير حجم قوة العمل 30 مليونا و969 ألف عامل في الربع الثاني، مقابل 30 مليونا و571 ألفا خلال الربع السابق بنسبة ارتفاع مقدارها 1.3%.

وقال أحمد ذكر الله الباحث الاقتصادي ورئيس أكاديمية أمم للبحوث والتدريب إن معدل البطالة هو نتيجة لمجموعة من العوامل، أهمها معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الذي يعني العمل السائر في الدولة؛ فإذا تراجع العمل الذي يسير في الدولة، تراجع معدل النمو وتراجعت معه أشياء كثيرة من بينها معدل البطالة.

ووفقًا للتقديرات المستقبلية للبطالة والنمو الاقتصادي لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية فمن المتوقع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي خلال النصف الأول من عام 2023، في ضوء التباطؤ الاقتصادي العالمي.

وأضاف ذكر الله للجزيرة مباشر: نحن أمام دولة لديها انكماش مستمر منذ خمس سنوات، وتراجعت مؤشرات الأعمال بدليل مؤشر مديري المشتريات الذي يصدر شهريًّا عن أحد البنوك الأجنبية ويوضح التراجع المستمر منذ 5 سنوات إلى أقل من النصف، طوال الفترة الماضية باستثناء أشهر معدودة.

وبحسب مذكرة التطورات في معدل البطالة التي أصدرتها وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية، فقد استمرت قيمة مؤشر مديري المشتريات في التراجع للربع الثالث على التوالي لتسجل 46.4 في الربع الأول من عام 2023 انخفاضًا من 46.8 و47.2 في الربعين السابقين على التوالي، وذلك على خلفية ارتفاع معدلات التضخم المحلية وتذبذب سعر الصرف؛ مما أسفر عن تراجع معدلات التوظيف بين شركات القطاع الخاص غير المنتج للنفط؛ ولذلك انخفض مؤشر التوظيف أيضا للربع الثالث على التوالي ليبلغ 48.7 مقارنةً بنحو 49.9 في الربع السابق و49 في الربع المناظر من 2022.

وقال ذكر الله إن الاقتصاد المصري قبل أزمة الدولار الحالية يعاني من هذه الأمور، وبعد الأزمة أُغلق باب الاستيراد إلا من السلع الاستراتيجية وبعض السلع الأخرى التي تخص الجهات السيادية؛ فنحن أمام تراجع منطقي في معدل النمو ولا بد أن ينعكس على معدل البطالة بالارتفاع، والحديث حول انخفاض معدل البطالة بأي نسبة انخفاض ولو كانت طفيفة هو محل تشكيك كبير في الأرقام.

ولفت الباحث الاقتصادي إلى أن المؤسسات الدولية قالت إن معدل النمو في مصر سيتراجع، بل إن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أصدرا بيانات عن إمكانية تراجع معدل النمو بـ3.5% خلال العام الحالي مقارنة بتقديرات سابقة تزيد على 4.5% مما يؤكد أن انخفاض معدل الفائدة أمر غير منطقي.

الوظائف والأجور

إلى ذلك، قال مسؤول حكومي، طلب عدم ذكر اسمه، أن معدلات البطالة المعلنة غير دقيقة، لأنها ترتبط بمعايير لا تعكس الواقع كمعيار أن أي شخص حصل على قرض يعتبر موظفًا.

وأضاف أن ظاهرة عمل خريجي الجامعات في وظائف لا تناسبهم كالعمل في المقاهي، أو العمل باعة جائلين انتشرت خلال الفترة الأخيرة، مطالبًا بأن تقوم الجهات المختصة بتحديد رواتب الموظفين حسب المؤهلات الجامعية في القطاعين الحكومي والخاص.

وبحسب موقع “سلاري إكسبلورر” فإن متوسط الأجور في مصر هو 9230 جنيها مصريا، أي ما يعادل 299 دولارا، بمتوسط 53 جنيها (1.7 دولار) للساعة الواحدة.

شهادة للبيع

في نفس السياق، ضجت منصات التواصل الاجتماعي المصرية بوفاة محمود محمد مسعد متولي خريج هندسة البترول والتعدين، بحادث بعد أن عرض شهادة تخرجه للبيع.

وكتب عبر حسابه على فيسبوك “شهادة تخرج للبيع بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وامتياز مشروع تخرج، وترتيب على الدفعة”، مضيفًا أن “البيع لعدم الحاجة ولسوء استعمالها من قبل الشركات”.

 

تبعات سلبية

وفي سياق الضغوط، تأثر الاقتصاد المصري بالتبعات السلبية التي خلّفتها الأزمة الأوكرانية، بارتفاع أسعار السلع الغذائية، وتذبذب سلاسل الإمدادات، إلى جانب ارتفاع أسعار الطاقة.

وتلقى الاقتصاد المصري دفعة في السنوات الثلاث السابقة لجائحة كورونا، بفضل انتعاش السياحة وتحويلات العاملين في الخارج، وبدء إنتاج حقول الغاز الطبيعي المكتشفة حديثا.

وأبرمت مصر مؤخرا اتفاقا جديدا مع صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، وصاحبت هذا الاتفاق حزمة إصلاح اقتصادي، وخفض لقيمة العملة المحلية مقابل الدولار.

المصدر : الجزيرة مباشر