لماذا سقط الإخوان؟ 3-3

مظاهرات ترفع شعارات الشرعية

كانت حسابات الإخوان فيما يبدو الاهتمام بالمسار الاقتصادى واقتفاء أثر التجربة التركية ليتعزز وجودهم شعبيًا وبالتالى أن يحصلوا على قوة وغطاء شعبيين فيمكناهما من الاستمرار في السلطة.

لكن فاتهم اقتفاء أثر الذكاء السياسي الذي انتهجه (أردوغان) وهو يسير فى خطوات محسوبه لتحسين الاقتصاد التركى ورفع مستوى الدخل للمواطن التركى والعناية بالبنية التحتية.

كان حرص (أردوغان) وحزبه عدم الاصطدام بقوى الدولة العميقة وأهمها الجيش والعلمانية وكانت رسائلة للقوى المناوئة له مطمئنه وأيضًا هكذا كانت للولايات المتحدة وأوربا.

كانوا يتهافتون مثلًا على لقاء الصحفي الكبير جهاد الخازن – كلما زار مصر حاول هو ترتيب موعد مع الأستاذ المرشد – عن طريق الدكتور  عصام العريان – ولقي تثاقلًا كبيرًا فى تحديد الموعد!!

اعتمد الإخوان أن الشارع سيبقى معهم وسوف تفشل محاولات إثارته .. وفى ذلك كانت حساباتهم غير موفقه ورغم أن وزير الإعلام كان إخوانيًا محضًا إلا إنه لم يستطع أن يفرض سيطرته على ماسبيرو أو أي من وسائل الإعلام وبالتالى كان إمداد المواطن بالمعلومات يتم من القوى المقاومة للإخوان.

فى الوقت الذي انخفضت فيه مساحات استضافه الإخوان كما كان فى السابق قبل وصولهم للحكم وتردت علاقاتهم بالساسة والمفكرين وأذكر إننى استمعت إلى (الدكتور مصطفى الفقى) يتحدث آسفًا عن أنه أتصل بالمهندس خيرت الشاطر – تليفونيًا وسمعه يبلغ ابنته: قولى له يتصل بي غدًا في المكتب.

وبينما كانوا يتهافتون مثلًا على لقاء الصحفي الكبير جهاد الخازن – كلما زار مصر حاول هو ترتيب موعد مع الأستاذ المرشد – عن طريق الدكتور  عصام العريان – ولقي تثاقلًا كبيرًا فى تحديد الموعد!!

وكانت قناه الإخوان مصر 25، عديمة التأثير فى قطاعات الشعب إلا  في الإخوان فقط وبالتالى برامجها لم تكن مؤثرة ورسائلها لم تكن مسموعة.

ولعل من أهم الأخطاء عدم تبني تأسيس وسائل إعلام محترمة يقرأها ويستمع إليها ويشارك فى برامجها كل ألوان الطيف فى الوقت الذى تكون فيه منهج وصول الرسائل منها للشعب محددًا بعناية.

لكن أفة الإسلاميين بصفه عامه والإخوان خاصه إنهم يكتبون ليقرأ جمهورهم هم.. ويصدرون الصحف أو يشاركون فيها مثل تجربتهم .. آفاق عربية .. لتوزع على جمهورهم هم.

وأسسوا قناة مصر 25، لتوجه برامجها لجمهورهم هم وبالتالى غابوا عن التأثير وهم فى زحمة اهتمامهم بالسيطرة على مراكز صناعة القرار فى الحكم..

بينما تركز اهتمامهم على المسار الاقتصادي لأن اختيار أول وزارة تعبر عنهم اختيارًا ضعيفًا إلا من بعض الوزراء الإخوان الأكفاء مثل وزير التموين (باسم عودة) ووزير الشباب (أسامة ياسين) فكانوا يبذلون جهودًا مضاعفًا ومع كامل احترامي وتقديري للدكتور هشام قنديل – رئيس الوزراء إلا أن أداءه كان ضعيفًا.

لم يلحظ الإخوان أن الشرطة كانت قد جمدت نشاطها تقريبًا، وكان الوصول إلى الاتحادية يتم بمنتهي السهولة وإن كافة المؤسسات تقريبًا لم تكن معهم.

      والتقى الوفد بأطراف الأزمة (الدكتور محمد البرادعي وعمرو موسى وحمدين صباحي وبابا الكنيسة المصرية) وكلهم أبدوا مرونة لحلحلة الموقف ثم التقى الوفد بـ (الرئيس/ محمد مرسى) فقال لابد أن تذهبوا للإخوان.

نستطيع أن نجمل ما سبق في عدم تقدير الإخوان للموقف.. وبات واضحًا أنهم في أزمة.. أزمة عدم القدرة على إدارة مرافق الدولة.. وإشكالية التقاطع على القوى السياسية التي كانت تجيد تسييرها على مدى 20 عامًا مضت قبل ثورة 25 يناير.

استطاع الإخوان عقد عدة تحالفات ناجحة كان تحالف الإخوان والوفد تحالفًا ناجحًا في سماء الحياة المصرية السياسية عام 84.. ثم كان تحالف الإخوان مع حزب العمل – وحزب الأحرار عام 1987.

وأقام الإخوان جسرًا من التفاهم مع الكنيسة المصرية وإرسال وفد كل عام لحضور احتفالات الكنيسة بأعياد الميلاد.

لكن كانت حسابات الإخوان مختلفة تمامًا بعد 25 يناير لسنة 2011 بل وخاصة بعد 30 يونيو 2012 ووصول (الدكتور محمد مرسى) إلى كرسي الرئاسة هونت كثيرًا من قوة الأحزاب التي كانت بالفعل ضعيفة .. واستهانت بالقوى السياسية الشعبية باعتبار أنها لم تكن تملك القدرة على تحريك الشارع قبل 25 يناير كل هذا صحيح.. تلك الحسابات اختلفت بعد وصول الإخوان للحكم وانفرادهم به.

كل هذه القوى والأحزاب تضافرت وتوحدت ونسقت فيما بينهما والأهم من ذلك اللاعب الخفي الذي كان يحرك كل هذه القوى والأطراف الإقليمية التي تملك الأموال اللازمة للاتفاق على كل هذه الحركة الشعبية الواسعة ووسط كل هذا الاحتقان أصدر (الدكتور محمد مرسى) إعلانًا دستوريًا كان في اعتقادي قاصمة الظهر وبدا منه إن الإخوان غير قادرين على إدارة الأزمة وإنهم غير ناجحين في قراءة المشهد السياسي بعناية، وأسوق هنا قصة وعبرة تدلل على فقد الإخوان لمرونتهم المعتادة وسوء تقديرهم للموقف.

كنا في المنتدى العالمي للوسطية قررنا القيام بمبادرة لتوفيق الأوضاع بين الإخوان والقوى المختلفة وشكلنا وفدًا برئاسة الإمام الصادق المهدى (السودان) وعضوية المهندس/ مروان الفاعورى (الأردن) والمحامي مبروك عبد المقصود (مصر) والمحامي محمد هاشم (مصر) والتقى الوفد بأطراف الأزمة (الدكتور محمد البرادعي وعمرو موسى وحمدين صباحي وبابا الكنيسة المصرية) وكلهم أبدوا مرونة لحلحلة الموقف ثم التقى الوفد بـ (الرئيس/ محمد مرسى) فقال لابد أن تذهبوا للإخوان.

فذهب الوفد إلى مقر الإخوان بالمقطم والتقى (بالدكتور/ محمد بديع – المرشد العام) الذي قال لهم إن الرئيس لن يرجع في كلامه!! وأعتذر بأن لديه اجتماعا مع مكتب الإرشاد وحضر (المهندس/ خيرت الشاطر) ليجتمع بالوفد فقال له (المرشد العام) أنا أبلغت الوفد إن الرئيس مش هيرجع في كلامه!!

هكذا كان يفكر الإخوان أنهم ملكوا الموقف وأن الشعب معهم وأن الجيش معهم!!

كانت كل الدوائر المختلفة تشعر بأن الأوضاع تسير اتجاها غير سديد للإخوان إلا الإخوان، وكان استعراض القوة الذي أقامه الإخوان في استاد القاهرة لإعلان التعاطف مع الشعب السوري ومقاطعة نظام بشار الأسد خطوه إضافية غير موفقه بحشد القوى الإسلامية، وأظهرت الانقسام الحاد الذي ساد الشارع المصري.

يضاف إليه ظهور الرئيس مرسى – على سور الاتحادية – أيضًا وإلقاء خطاب في أنصاره من الإسلاميين والإخوان ليزداد الانقسام في المجتمع المصري.

لم يبذل الإخوان جهدًا ملحوظًا في تبديد الاحتقان واحتواء الموقف وبقوا حتى الساعة الأخيرة تحت وهم أن الشارع سيتحرك لهم ولن يتحرك ضدهم فأضاعوا فرصة قلما تتكرر وعادت الخسارة ليست عليهم فحسب وإنما طالت كل فصائل الحركة الإسلامية لفترة ربما تطول.

كان باديًا أن الجيش لن يتسامح وكان باديًا أن الاعتصام لم يكن محل إجماع وبالتالي لم يتوفر له الغطاء الشعبي المناسب

غاية ما سعى إليه الإخوان مرحليًا هو الحلول محل الحزب الوطني في إطار تحالفي مع القوات المسلحة لم يحدد الإخوان محدداتهم ولا حدود ما يفعلونه، كانت تصرفاتهم عشوائية لا تقدر خطورة الموقف وكان الخطأ الكبير استمرار اعتصام رابعة على هذا النحو والخطاب الإعلامي الصادر من منصته.

كان باديًا أن الجيش لن يتسامح وكان باديًا أن الاعتصام لم يكن محل إجماع وبالتالي لم يتوفر له الغطاء الشعبي المناسب.

ورغم خطورة ما حدث يوم الحرس الجمهوري وتعريض حياة المواطنين للخطر وما حدث من وفاة عشرات المواطنين إلا إن الاعتصام استمر فى التعبئة وتصدير المظاهرات التي تنطلق من رابعة مما تكرر معه تعريض حياة المواطنين للخطر عند النصب التذكاري وقتل هناك العديد منهم حتى كان فض الاعتصام على النحو الذي جرى.