هل يمكن لكِ سيدتي أن تعيشي مع روبوت؟

هل سيأتي اليوم الذي يُستبدل فيه الشّريك “الإنساني” بشريك آلي؟ وهل فعلاً يشير التّطور التّكنولوجي الهائل إلى تغيير شامل في نمطية الحياة التي يعيشها البشر على هذا الكوكب؟ وهل سيأتي يومٌ تُشكّل فيه الرّوبوتات نصف المجتمع؟ أم سيبلغ العلم مداه وتغدو كلّ المجتمع بعد فناء الجنس البشري الذي تبشِّر به بعض الأفلام الهوليودية؟

الرّوبوت القاتل:

منذ زمن قصير جداً كنّا نعتقد أنّ “الرّوبوت” اختراع من بنات أفكار السّينمائيين في هوليود أوجدوه لإثارة الجمهور العاشق لأفلام الخيال العلمي. ولم نكن نتوقع أن يأتي اليوم الذي تتطور فيه صناعة الرّوبوت ليدخل الحياة الواقعية ولا يقتصر على الأفلام.

رمينا الكتب الخيالية جانباً، وصرنا ننظر إلى تلك الأفلام نظرتنا إلى العربات التي تجرّها الخيول الهرمة والتي لا مكان لها في الشّوارع الحديثة المزدحمة بالسّيارات.

فقد فاجأنا العلماء _كالعادة_ باختراع نظام أسلحة فتّاكة مستقلة (aws) وهي تطور تكنولوجي حقيقي للغاية، لا ينتمي للسينما ولا لأفلام الخيال العلمي. وتطور هذه الأسلحة ينبئ عن خطر قاتل عواقبه وخيمة إن لم تسعَ الدّول المتقدمة لتنظيم استخدامه. هذا “الرّوبوت” القاتل يقوم على تطوير تكنولوجيا الحرب التي تستخدم فيها أسلحة مستقلة “بمعنى أنّ السلاح ذاتي التّشغيل” تُبرمج هذه الروبوتات بحيث يمكنها اتّخاذ القرار بالقتل باستخدام تكنولوجيا التّعرف على الوجه والتّحليل “البيومتري” وهذا يعني أنّ السّلاح يستطيع قتل الأفراد على أساس النّوع؛ العرق الاجتماعي؛ والعمر! مما يُسّهل أمور اغتيال الأشخاص والوصول إليهم من دون عناء كما يمكن الاعتماد عليه في الحروب الشّاملة. ولأجل ذلك تستثمر الدّول المسيطرة “الصين، روسيا، الولايات المتحدة الأمريكية” المليارات في تطوير تكنولوجيا الحرب التي تستخدم فيها هذه الأسلحة المستقلة والتي تمتلك إضافة إلى ما سبق تكنولوجيا التّعرف على الوجه!

ويحقُّ لنا أن نتساءل عن الموقف العالمي لمنظمات حقوق الإنسان والدّول غير المنتجة لهذه الأسلحة. وعن دور الشّعوب ذاتها في درء هذه المخاطر التي تبدو في غاية التّوحش.

اتّخذت منظمة العفو الدّولية قراراً بالتّعاون مع “تحالف وقف الرّوبوتات القاتلة” وهو تحالف عالمي يضمُّ أكثر من مئة وثمانين منظمة غير حكومية وشركاء أكاديميين لضمان السّيطرة على استخدام القوة من خلال تطوير قانون دولي جديد.

لكن السّؤال الذي يبرز بحدّة: هل تستطيع هذه التّحالفات والمنظمات وقف التّكالب المسعور لمحور الشرّ الأمريكي الرّوسي الصّيني؟

وهل تملك هذه المنظمات قوة مؤثرة وفاعلة تستطيع إيقاف تطوير تلك الأسلحة أو تنظيم استخدامها؟ خاصة وأنّ الواقع يثبت في كلّ يوم إثر الرّبيع العربي أنّ هذا العالم المتجبّر بلا أخلاق وبلا قيم وأنّ الرّأسمال المتوحش لن يلتفت إلى فناء شعب هنا أو تفتيت شعب هناك.

خبر عابر

وما يعزز هذه الشّكوك الدّائرة حول هذه الحروب القادمة ظهور الكثير من المؤشرات التي تبعث الخوف والقلق فقد نشرت مواقع التّواصل خبراً لم يثر انتباه الكثيرين يقول: إنّ الصّين أوحت لمواطنيها بتخزين المواد الغذائية من دون الإفصاح عن السّبب. مما يدعو للتساؤل إن كان هناك رابطٌ خفي بين هذه الدّعوة من الحكومة الصّينية واستخدام الأسلحة المستقلة؟ هل نحن مقدمون على حرب من نوع جديد تحضّر الصّين مواطنيها لمواجهتها؟

روبوت الحبّ:

للسيّدات اللواتي يعشن الوحدة، هل يمكن لكِ سيدتي أن تعيشي مع روبوت؟

على الجانب الآخر يمكن لهذا التّطور الهائل في صناعة الرّوبوتات أن ينحو باتجاه راحة البشرية وإن كانت نتيجته مزيد من العزلة والانكفاء على الذّات فقد قدّم لنا الفلم الألماني “أنا إنسانك” المنتج حديثاً صورةً عن إمكانية استخدام الرّوبوت “الرّجل الآلي” بدل الشّريك وحلوله مكان الإنسان في كلّ تفاصيل الحياة. تقوم الدكتورة “ألما” وهي عالمة آثار تدرس اللغات القديمة “المسمارية” وتحاول في دراستها أن تثبت أنّ الرّقم المسمارية التي اكتشفت والتي يعود تاريخها إلى ما قبل 4000 عاماً قبل الميلاد لم تقتصر على النّصوص الإدارية فقط بل كان فيها شعرٌ موزون وغنائي واستعارات. وأنّ النّاس كانوا يزخرفون الكلمات وقد أوجدوا الشّعر لأجل الشّعر!  تصنع إحدى المؤسسات للدكتورة “إنساناً” آلياً حسب المواصفات التي تحلم بها في الشّريك، وتطلب منها الشّركة أن تختبره لمدة ثلاثة أسابيع.

الرّوبوت أو الإنسان الآلي يقوم بكلّ الأعمال بمنتهى الدّقة والمثالية فقد صُمم ليجعلها سعيدة. أداؤه كان مثالياً في كلّ شيء لكنّ المشكلة التي تظهر بينهما هي عدم تقبّل الدكتورة للحياة مع شخص لا ينفعل ولا يغضب ولا يرتكب أخطاءً! لقد امتلك الإنسان بالفطرة مجموعة أحاسيس متناقضة “الحزن والفرح، الغضب والتّسامح، القوة والضّعف، الخطأ والصّواب” وهي أشياء لا يستطيع الإنسان الآلي أن يمتلكها.. ويبدو جلياً أنّ تلك الأشياء مرتبطة بروح الإنسان التي هي “من أمر الله” ولا يمكن لأيّ تطور علمي أو تكنلوجي أن يصل إليها.

لقد فكّر الإنسان منذ بدء الخليقة بعمل إنسان يشبهه فبدأ بالرّسم ثمّ النّحت وشكّل على هيئته تماثيل أراد أن تُخلّده. وتمكّن العلم من تطوير ذلك التّمثال فجعلوه متحركاً، ثمّ برمجوه ليقوم ببعض الأعمال نيابة عن البشر. التّطور الهائل في عصرنا جعل الرّوبوتات نسخة عن الإنسان تتحرّك وتفكر وتعمل بدقة بواسطة “خوارزمية” بُرمجت على الشّكل المطلوب من قبل الزّبون البشري. لكن لم يستطع العلم أن ينفخ فيها الرّوح لتصبح بشراً! ولن يستطيع.

 

 

 

 

المصدر : الجزيرة مباشر