المحاولات الصبيانية لحجب شمس القرضاوي

وحذف اسم جمال عبد الناصر من كتاب “الإسلام عقيدة وشريعة”!

الشيخ محمد بن راشد يكرم الشيخ القرضاوي بعد نيله جائزة دبي

شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، علم بارز، وشمس ساطعة، يملأ الدنيا ويشغل الناس بعلمه حيا وميتا، وقد دأبت في حياته دولة الإمارات على محاولات بائسة لطمس شخصية الرجل، أو التشويش عليها، سواء بتسليط إعلامها، أو صبيانها في الإعلام والكتابة، ممن ينتسبون لمهنة الإعلام، أو لعالم المشيخة والثقافة، محاولين النيل منه، ولم تفلح محاولاتهم الصبيانية، لأنها لا تنطلق من نيات سديدة، ولا أعمال مقبولة.

فتارة تخرج أقلام مستأجرة تحاول التجني على القرضاوي، غيرة وحسدا، أو تحريضا ممن يمول أقلامهم، حتى رأينا كتابا كتبوا من قبل مادحين القرضاوي يتحولون الآن إلى التنقص منه بتوجيه من الممول، وهم أصحاب أقلام مسعورة كانوا ينهشون الرجل فلم يقدروا على النيل منه حيا ثم ظنوا أنهم يستطيعون نهشه ميتا، وخاب سعيهم، وبئس ما كتبوا، ليظل شاهدا على التقلب والتلون.

حذف اسم القرضاوي من جائزة دبي

من المعلوم أن القرضاوي نال جائزة شخصية العالم الإسلامية سنة 2000م، وقد كرم في حفل مهيب، وكان في استقباله آنذاك الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس إمارة دبي، ونقل تلفزيون وفضائيات الإمارات وقتها وقائع حفل التكريم، ولا تزال على اليوتيوب كلمة ابن راشد له، وتوصيله سلام الشيخ زايد وقد كان حيا آنذاك.

والجائزة الوحيدة التي نالها القرضاوي في الإمارات -وقد كتب عدد من الكتاب الخليجيين والعرب مقالات حول القرضاوي بهذه المناسبة- هي جائزة دبي، وقد كانت قيمتها مليون درهم إماراتي، وهو ما جعلني وقتها -وكنت سكرتيرا خاصا للقرضاوي ومديرا لمكتبه- أقوم بجمع هذه المقالات كلها، في كتاب، يحمل عنوان الجائزة توثيقا لها، ومن ضمن ما نشر حيثيات نيل القرضاوي الجائزة، ووقائع الحفل.

لكنني فوجئت في الآونة الأخيرة بأنك عند الدخول إلى موقع الجائزة تجد أسماء كل من حصلوا عليها، عدا شخص واحد، تم حذف اسمه، وهو: يوسف القرضاوي، تجد ترتيب السنوات كلها تباعا، عدا سنة: 1421هـ، ستجد السنوات السابقة والتالية، وهو تصرف لا يليق بالدول، ولا يليق بالمؤسسات العريقة.

حذف اسم القرضاوي من كتب شلتوت

أما الفضيحة الأخرى وهي في نفس السياق، فهي فضيحة علمية، تعد جريمة علمية بلا شك، وتتمثل في نشر كتب العلامة الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر رحمه الله، وقد كان القرضاوي تلميذا له، وقد نشرت لشلتوت فترة مشيخة الأزهر أربعة كتب، هي: الإسلام عقيدة وشريعة، والفتاوى، والتفسير، ومن توجيهات الإسلام.

وهي كتب قام بالتفكير في جمعها وإخراجها المرحوم الدكتور محمد البهي، وقد ذكرها القرضاوي في مذكراته “ابن القرية والكتاب” الجزء الثاني من ص: 282 إلى ص: 284. وقام بالفعل هو والمرحوم الدكتور أحمد العسال، بجمع تراث شلتوت من المجلات والصحف، وأخرجوا الكتب الأربعة.

وكان البهي يكتب مقدمة في كل كتاب، يشرح فيها فكرة الكتاب، وفي نهاية الكتاب يكتب فقرة يشكر فيها الشابين: يوسف القرضاوي، وأحمد العسال، على ما قاما به من جهد، وهو إثبات لعملهما في كتب شلتوت، ولكن خلافا حدث بين شلتوت والبهي، فحذف شلتوت في الطبعات التي أخرجها بعد ذلك مقدمة البهي، وبذلك حذف الإثبات الوحيد على جهد القرضاوي والعسال في الكتاب.

وقد ظللت فترة أبحث عن هذه الطبعة، لأن المنتشر بين الناس طبعة دار الشروق، ولا يوجد بها هذا الإثبات عن طريق مقدمة البهي، وقد كان من الصعوبة بمكان العثور عليها، فهي نادرة ومحدودة الوجود، حتى عثرت على نسختين من الكتب الأربعة، فأعطيت شيخنا القرضاوي وقتها نسخة، واحتفظت لنفسي بالنسخة الأخرى لإثبات حق الرجل في جهده العلمي.

ومنذ عامين قام مجلس حكماء المسلمين الذي يرأسه شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، ومقره في الإمارات، بنشر كتب شلتوت مرة ثانية، ولكن بطريقة إخراجها في الطبعة الأولى التي أخرجها الأزهر، وفيها مقدمة محمد البهي، ففرحت كثيرا، وقلت ما دامت فيها مقدمة البهي فيقينا ستكون فيها الفقرة التي تنص على أن القرضاوي والعسال قاما بهذا العمل العلمي، وتوقعت أن يتم حذفها، ولكني استبعدت ذلك، حيث إن طبعة مجلس حكماء المسلمين، طبعة مصورة عن الطبعة الأولى، فكيف سيتم الحذف؟

جلبت الطبعة التي صدرت عن حكماء المسلمين، وبالفعل وجدتهم قاموا بحذف هذه الفقرة تماما، وأبقوا على مقدمة محمد البهي كما هي بعد حذف الفقرة التي فيها اسم القرضاوي، والتي كانت صيغتها في كتاب “من توجيهات الإسلام” كما يلي: “وعلى نحو ما كان للأستاذين الفاضلين الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ أحمد العسال من جهد مشكور في إخراج الكتابين السابقين، فلهما جهد واضح في إخراج هذا الكتاب، تريد الإدارة العامة للثقافة الإسلامية أن تعبر لهما عن تقديرها لهذا المجهود”.

حذف القرضاوي وعبد الناصر من كتب شلتوت

ونفس الأمر فعلوه في مقدمة كتاب “التفسير” للشيخ محمود شلتوت، ولكن العجيب أن كتاب شلتوت المعنون بـ”الإسلام عقيدة وشريعة”، لم يحذفوا منه اسم القرضاوي فقط، بل ببركة القرضاوي قاموا بحذف اسم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر الذي كان مذكورا بهذه الفقرة: “والإدارة العامة للثقافة الإسلامية إذ تقدم هذا الإنتاج تباعا للعالم الإسلامي كله من إمام المسلمين والشيخ الأكبر للأزهر، تود أن تذكر ما للزعيم الشاب المؤمن جمال عبد الناصر، من فضل على الأزهر في دفعه نحو تحقيق رسالته في الجانب الذي أشرنا إليه”.

أما فقرة القرضاوي المحذوفة في كتاب “الإسلام عقيدة وشريعة” فهي: “ويسر الإدارة العامة للثقافة الإسلامية أن تنوه هنا بمجهود الشابين الأزهريين يوسف القرضاوي وأحمد العسال، في إخراج هذه الثروة الفكرية، وبما بذلا من جهد في هذا الكتاب، كان له أثره في إبرازه في هذه الصورة، وكذا بمجهود مطبعة الأزهر”.

للأسف هذا ما تم في طبعة مجلس حكماء المسلمين الذي يرأسه الطيب، وفي المجلس أيضا الشيخ عبد الله بن بيه، الذي ربطته بالقرضاوي صداقة سنوات طويلة، وكان نائبه في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمجلس الأوربي للإفتاء والبحوث، وفي عضويته علماء آخرون، فهل تقبل هذا مشيخة الأزهر الشريف، وقد صدرت سلسلة الكتب وعليها اسمها، متصدرا الكتب، وكذلك هيئة كبار العلماء، وفي المؤسستين من العلماء من يخشون الله، ولا يقبلون مثل هذه الأعمال التي تنافي أصول وأخلاق البحث العلمي؟! لا أعلم هل يعلمون بهذه الجريمة العلمية أم لا؟

النسخة الإماراتية المحذوف منها اسم القرضاوي
غلاف النسخة الأصلية من كتاب “توجيهات الإسلام”
اسم القرضاوي في النسخة الأصلية وقد تم حذفه من النسخة الإماراتية

غلاف كتاب "الاسلام عقيدة وشريعة" طبعة الإمارات

طبعة الإمارات من كتاب “الإسلام عقيدة وشريعة” وقد حذف منها اسم جمال عبد الناصر واسم القرضاوي
اسم عبد الناصر في الطبعة الأصلية من كتاب “الإسلام عقيدة وشريعة” المحذوف من طبعة الإمارات

اسم القرضاوي وأحمد العسال في الطبعة الأصلية من كتاب “الإسلام عقيدة وشريعة” وقد حذف هذان الاسمان من طبعة الإمارات.

المصدر : الجزيرة مباشر