يا “وائل” لا تحزن.. إن الله معنا

الزميل وائل الدحدوح (الأناضول)

(1) تصبحون على وطن

رسالة إلى الزميل “وائل الدحدوح”

” عِنْدمَا يَذْهَبُ الشُّهَدَاءُ إِلَى النَّوْمِ أَصْحُو، وَأَحْرُسُهُمُ مِنْ هُوَاةِ الرِّثَاءْ

أَقُولُ لَهُم: تُصْبحُونَ عَلَى وَطَنٍ، مِنْ سَحَابٍ وَمِنْ شَجَرٍ، مِنْ سَرَابٍ وَمَاءْ

اُعَلِّقُ أسْمَاءَكُمْ أيْنَ شِئْتُمْ فَنَامُوا قلِيلاً، وَنَامُوا عَلَى سُلَّم الكَرْمَة الحَامضَهْ

لأحْرُسَ أَحْلاَمَكُمْ مِنْ خَنَاجِرِ حُرَّاسِكُم وانْقِلاَب الكِتَابِ عَلَى الأَنْبِيَاءْ

وَكُونُوا نَشِيدَ الذِي لاَ نَشيدَ لهُ عِنْدمَا تَذْهَبُونَ إِلَى النَّومِ هَذَا المَسَاءْ

أَقُولُ لَكُم: تُصْبِحُونَ عَلَى وَطَنٍ حَمّلُوهُ عَلَى فَرَسٍ راكِضَهْ”

مقتطفات من قصيدة محمود درويش “عندما يذهب الشهداء إلى النوم”

شهداء غزة أيقظونا يا “وائل “من سباتنا العميق، رووا أرواحنا المتعطشة للحرية والكرامة بدمائهم الذكية، علمونا أن الموت ليس النهاية، لكن النهاية أن تعيش مساقا معصوب العينين لتكون جزءا من عالم ترفضه ولا تستطيع حتى أن تبوح بما يثقل صدرك لرفيق دربك … شهداء غزة علمونا أن لا نخاف الموت فحين يأتي لن نكون هناك لنبكي حالنا، الشهداء لا يحزنون يا “وائل ” لكننا نحن من نحزن ونبكي حالنا بعد فراقهم…هم ليسوا وحدهم، لكن نحن من تثقل قلوبنا الوحدة ويسكنها الألم.

(2) إنها الحرب التي تثقل القلب

يا “وائل ” إنها الحرب، الحرب التي خرجت لتنقل لنا على الهواء تفاصيلها تحت القصف، تلبس خوذتك وصديرية الصحافة وتروي بلسانك حديث الكاميرا لأن هذا ما ولدت لأجله: أن تكون شاهد عيان على مذابح الاحتلال، إنها الحرب يا “وائل ” الصراع الأبدي بين الشر الذى يمتطي خيول الشيطان والحمائم التي ترقد في أعشاشها تحلم بأن تطعم فراخها بعد جوع، وتنتظر أن يشتد عودها لترفرف في السماء حرة تبحث عن رزقها الطيب. إنها الحرب يا” وائل “بين الطامعين في الأرض والحالمين بالوطن…

“فما ذنب تلك اليمامة

لترى العشَّ محترقًا.. فجأةً،

وهي تجلس فوق الرماد؟!”

من قصيدة “لاتصالح” للشاعر أمل دنقل.

(3) لست وحدك

لست وحدك يا” وائل ” من فقدت زوجتك وابنك وابنتك وحفيدك، لست وحدك من بكيت بدموع إنسانية وليس دموع جبن وانهيار، لست وحدك الذي تلعن كل يوم جيش الاحتلال الذي يشبه جحافل التتار الذين تركوا خلفهم الموت والخراب أينما حلوا وكتبوا همجا في كتب التاريخ ولعنوا في كل ملة ودين، لست وحدك من تسأل كل يوم: أين الإنسانية؟ ولماذا يخاف الحق من الأكذوبة؟ ولماذا تسحق القوة العدل؟ لست وحدك الذي يسأل هل هؤلاء يُنتظر منهم سلام؟ هؤلاء الذين اختبرناهم جيلًا بعد جيل فوجدنا وعدهم كذبا وحديثهم نفاقا…

لكنك يا” وائل “لست وحدك من تحمل إرثك وثأرك …. فهو إرث وثأر كل عربي.

“إنه ليس ثأرك وحدك،

لكنه ثأر جيلٍ فجيل

وغدًا..

سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،

يوقد النار شاملةً،

يطلب الثأرَ،

يستولد الحقَّ،

من أَضْلُع المستحيل”

أمل دنقل قصيدة “لا تصالح”.

أن عملية “طوفان الأقصى” ستظل سيفا غرسته المقاومة الفلسطينية في قلب جيش الاحتلال المختال بقوته وتفوقه، صفعة أيقظتهم من أحلام القوة التي لا تقهر على كابوس الخوف وأنهم غير قادرين على حماية أنفسهم رغم مخازن الذخيرة. وتبين للعالم أنهم لم يزرعوا الأمن في المستوطنات بل غرسوا العنصرية والكراهية، وحصادهم لن يكون ازدهارا وتنمية وسلام إبراهيمي كما قدروا، لكن نزوح جماعي من المستوطنات التي اغتصبوا أرضها من أصحابها.

يقول تعالي:” إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ”

الغد لنا يا وائل، فهذا وعد الله، ووعده حق، فلا تحزن يا وائل … إن الله معنا.

 

المصدر : الجزيرة مباشر