السوابق الإيرانية تشير إلى استيعاب حادث الطائرة

المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي (غيتي)

في الثلاثين من أغسطس/آب 1981 قام أحد العاملين بمكتب رئيس الوزراء الإيراني بإدخال قنبلة في حقيبة إلى قاعة، كان يجتمع فيها رئيس الجمهورية محمد علي رجائي مع رئيس الوزراء محمد جواد باهنز وشخصيات عسكرية وأمنية، وعندما فتح أحد المجتمعِين الحقيبة انفجرت في الحضور، لتسفر عن مقتل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وأشخاص آخرين وسقوط آخرين جرحى لم يمكن التعرف عليهم بسبب شدة الحروق، إلا من خلال علامات في أسنانهم.

وتبين أن هذا الشخص الذي أدخل القنبلة ينتمي إلى منظمة مجاهدي خلق التي حظيت وقتها بدعم من صدام حسين، وفر الجاني المدعو مسعود كشميري من البلاد باستخدام جواز سفر مزيف، إلا أن الدولة الإيرانية تمكنت من استيعاب آثار الحادث الذي أودى بحياة رئيس الجمهورية بعد 28 يوما فقط من توليه الرئاسة، ودعت إلى انتخابات رئاسية جديدة خلال أقل من 50 يوما حسب الدستور فاز فيها علي خامنئي.

وسبق ذلك قيام مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) بخلع الرئيس أبي الحسن بني صدر، أول رئيس للبلاد بعد ثورة عام 1979، في الأول من أغسطس 1981 بعد عام ونصف من توليه الرئاسة التي حدد الدستور مدتها بأربع سنوات، وذلك بسبب معارضته لاستمرار الحرب بين إيران والعراق، وخلافه مع الخميني الذي اتهمه بضعف الأداء في قيادة القوات الإيرانية في حربها مع العراق حينذاك، كما اتهمه البرلمان بالتحرك ضد رجال الدين، لكنه بعد إعدام بعض المقربين منه استطاع الاختباء ثم الفرار إلى تركيا ومنها إلى فرنسا.

وبعد ما حدث للرئيس الأول بني صدر والثاني علي رجائي، استقرت أمور باقي الرؤساء فأمضى كل منهم فترتين رئاسيتين، بداية من علي خامنئي (1981- 1989)، ومرورًا بعلي أكبر رفسنجاني (1989 – 1997)، ومحمد خاتمي (1997 – 2005)، ومحمود أحمدي نجاد (2005 – 2013)، وحسن روحاني (2013 – 2021)، إلى أن وصلنا إلى إبراهيم رئيسي الذي تولى الرئاسة في الثالث من أغسطس 2021 حتى توفي بحادث سقوط طائرته وبصحبته عدد من المسؤولين في أثناء عودتهم من أذربيجان في التاسع عشر من الشهر الحالي، وكالعادة وحسب الدستور الإيراني تولى النائب الأول للرئيس المسؤولية مع فتح باب الترشح للرئاسة التي تحدد موعد انتخاباتها في الثامن والعشرين من الشهر المقبل أي خلال أقل من 50 يوما كما نص عليه الدستور.

   السلطة العليا للمرشد يليه الرئيس

ويقتضي فهم تسلسل السلطات بإيران التعرف على أبرز مؤسسات الحكم، التي يجيء رئيس الجمهورية بها في مرتبة تالية للمرشد الأعلى الذي يسميه الدستور القائد.

المرشد الأعلى: المسمى الولي الفقيه الذي حدد الدستور صلاحياته برسم السياسات العامة لنظام الجمهورية بعد التشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام، كما يصدر الأوامر بالاستفتاء العام، ويتولى القيادة العامة للقوات المسلحة، ويقوم بتنصيب وعزل وقبول استقالة فقهاء مجلس صيانة الدستور، والمسؤول الأعلى بالسلطة القضائية، ورئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، ورئيس أركان القيادة المشتركة، والقائد العام لقوات حرس الثورة، والقيادات العليا للقوات المسلحة.

ومن صلاحياته توقيع مرسوم تنصيب رئيس الجمهورية بعد انتخابه من الشعب، وعزل رئيس الجمهورية بعد صدور حكم المحكمة العليا بمخالفته لوظائفه الدستورية أو بعد تصويت مجلس الشورى بعدم كفاءته السياسية، كما يقوم بتعيين أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام، ويختار القائد ستة أعضاء من مجلس صيانة الدستور من الفقهاء العارفين بمقتضيات العصر يمثلون نصف عدد أعضاء المجلس.

رئيس الجمهورية: يعتبر رئيس الجمهورية أعلى سلطة رسمية بالبلاد بعد مقام القائد (الولي) وهو المسؤول عن تنفيذ الدستور، وهو رئيس السلطة التنفيذية إلا في المجالات التي ترتبط مباشرة بالقائد، وينتخب مباشرة من الشعب كل أربع سنوات ويجوز عادة انتخابه لولاية أخرى فقط، ويشترط أن يكون إيراني الأصل ويحمل الجنسية الإيرانية ومؤمنًا بالمذهب الرسمي للبلاد (الجعفرية الاثنا عشرية)، ورئيس الجمهورية مسؤول أمام الشعب والقائد ومجلس الشورى، ويوقع المعاهدات والاتفاقيات والمواثيق التي تبرم بين الحكومة والدول والمنظمات الدولية.

ويتولى رئيس الجمهورية مسؤولية أمور التخطيط والموازنة والتوظيف في الدولة، ويعين السفراء ويتسلم أوراق اعتماد سفراء الدول الأخرى، ويقوم بمنح الأوسمة الرسمية، وتسند رئاسة مجلس الوزراء لرئيس الجمهورية ويقرر برنامج الحكومة وسياستها وينفذ القوانين، ويكون الرئيس مسؤولا أمام مجلس الشورى عن إجراءات مجلس الوزراء، ولرئيس الجمهورية عزل الوزراء، ولا يحق لرئيس الجمهورية ونوابه والوزراء وموظفي الحكومة شغل أكثر من منصب حكومي واحد.

 تمثيل الأقليات بمجلس الشورى

مجلس الشورى الإسلامي: يبلغ عدد أعضائه 290 عضوا ينتخبون لمدة أربع سنوات، ومن بين الأعضاء ينتخب الزرادشت واليهود كلا على حدة نائبا واحدا، وينتخب الأشوريون والكلدانيون معا نائبا واحدا، وينتخب المسيحيون الأرمن في الجنوب والشمال كلا على حدة نائبا واحدا، ويؤدي نواب الأقليات الدينية قسم العضوية مع ذكر كتبهم السماوية، ولقد حرص الرئيس خاتمي في فترتيه على اصطحاب النائب الممثل لليهود في كل رحلاته الخارجية.

وتكون مناقشات مجلس الشورى علنية، وتحتاج التشريعات إلى المصادقة عليها فيه بموافقة ثلاثة أرباع الأعضاء، ولا يجوز ملاحقة أعضاء مجلس الشورى أو توقيفهم بسبب آرائهم التي يبدونها بالمجلس، ومن الضروري أن تحصل الحكومة على ثقة مجلس الشورى، ومن حق ربع الأعضاء توجيه سؤال إلى رئيس الجمهورية والوزراء، وعلى الرئيس أو الوزير الحضور للمجلس للإجابة عن السؤال، وذلك خلال شهر لرئيس الجمهورية وخلال عشرة أيام للوزير، ومن حق عشرة أعضاء من مجلس الشورى استجواب مجلس الوزراء أو أحد الوزراء، وإذا لم يمنح مجلس الشورى الثقة للحكومة يعزل مجلس الوزراء أو الوزير المقصود بالاستجواب، ولا يحق للوزراء الذين تم استجوابهم الاشتراك في الوزارة التي تأتي بعد ذلك مباشرة.

وإذا صوت أكثر من ثلثي أعضاء مجلس الشورى على عدم كفاءة رئيس الجمهورية يرفع الأمر إلى مقام القيادة (الولي)، ويستطيع كل من له شكوى بشأن طريقة عمل مجلس الشورى أو السلطة التنفيذية أو السلطة القضائية، أن يرفع شكواه خطيا إلى مجلس الشورى الذي يعلن نتيجة فحص الشكوى إذا كانت تتعلق بالقضايا العامة.

وخلال السنوات الماضية انتظمت أعمال الشورى كل أربع سنوات، منذ عام 1980 للمجلس الأول وحتى مارس/آذار من العام الحالي للمجلس الحادي عشر، الذي تعاقب على رئاسته أكبر هاشم رفسنجاني ومهدي كروبي وعلي أكبر ناطق نوري، ثم عودة مهدي كروبي ثم غلام علي حداد عادل ثم علي لاريجاني وحاليا محمد باقر قاليباف.

مجلس صيانة الدستور: ومهمته التأكد من تطابق قرارات مجلس الشورى مع الإسلام، ويتكون من 12 عضوا منهم ستة من الفقهاء يختارهم القائد، وستة من الفقهاء بمختلف فروع القانون يرشحهم رئيس السلطة القضائية وينتخبهم مجلس الشورى، ويحق لأعضاء مجلس صيانة الدستور حضور جلسات مجلس الشورى وابداء رأيهم، كما يتولى مجلس صيانة الدستور تفسير الدستور والإشراف على انتخابات: مجلس خبراء القيادة ورئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الشورى الإسلامي وعلى الاستفتاء العام.

مؤسسات أخرى: توجد مؤسسات إيرانية أخرى منها السلطة القضائية التي يتولى رئيسها تعيين القضاة والبت في عزلهم ونقلهم وترقيتهم، والمحكمة العليا للبلاد التي تتولى الإشراف على صحة تنفيذ القوانين، ومجلس خبراء القيادة المكون من 86 رجل دين، الذي يتولى اختيار المرشد الأعلى، ويحدد صلاحياته ويتابع قيامه بمهامه وعزله إذا رأى أنه انحرف عن المسار الدستوري، ومنها القوات المسلحة المسؤولة عن حماية البلاد، والحرس الثوري الذي تأسس عام 1979 لحماية الثورة، ومجالس الشورى الموجودة بالقرى والمدن والمحافظات ويتم اختيار أعضائها من قبل سكان تلك المناطق، ومجالس الشورى بجميع مرافق الإنتاج الصناعي والزراعي من ممثلي العمال والفلاحين وسائر العاملين بهذه المرافق.

المصدر : الجزيرة مباشر