صحفية عربية تروي لـ”نيويورك تايمز” قصة جدها الذي دمر الاحتلال الإسرائيلي جميع منازله

الاحتلال الإسرائيلي يقصف برج الجلاء في غزة
الاحتلال الإسرائيلي يقصف برج الجلاء في غزة (غيتي)

نشرت صحيفة نيويورك تايمز قصة مسن فلسطيني دمرت طائرات جيش الاحتلال الإسرائيلي ما بقي من أحلامه، عندما أقدمت على قصف برج الجلاء في قطاع غزة قبل أيام وحولته إلى ركام، مخلفة بذلك تشريد العديد من العائلات الفلسطينية ومكاتب صحفية.

وكتبت ليلى العريان، وهي صحفية أمريكية من أصول فلسطينية قصة جدها الذي وضع جميع مدخراته من أجل شراء بيت للأسرة وكيف أصبح البيت أثرا بعد عين في أعقاب تدمير الاحتلال لبرج الجلاء المكون من 12 طابقا في غزة، والذي كانت تعمل منه قناة الجزيرة ووكالة أشوسيتد برس الأمريكية.

وقالت ليلى كان لجدنا شقة في البرج، اشتراها من مدخراته وتركها لأطفاله ليرثوها لكنها تحولت الآن إلى أنقاض ورماد، وهذا درس لم يُسمح للفلسطينيين عبر الأجيال أن ينسوه، فالوطن يتلاشى ويمكن نقله بعيدًا في أي لحظة.

وأردفت كان جدي عبد الكريم يعرف ذلك جيدًا ولهذا يمكن سرد قصة حياته من خلال جميع المنازل التي فقدها.

وتابعت عملت في قناة الجزيرة منذ 13 عامًا، إلى جانب العائلات التي تعيش في 60 شقة في البرج، كان على زملائي اتخاذ خيارات صعبة حول ما يجب أن يمسكوا به وماذا يتركون وهم يهرعون للسباق مع لحظة الصفر وقصف البرج.

وتابعت بعد ساعة، أرسل لي أخي رسالة نصية، وظهرت قصة دمار البرج ومعه منزل جدنا.

واستطردت ليلى “ولد جدي في مدينة غزة عام 1933 وأصبح يتيمًا بحلول عيد ميلاده الخامس بعد وفاة والديه بالسرطان. وفي عام 1958، انتقل إلى المملكة العربية السعودية مع زوجته وابنه البالغ من العمر سنة واحدة للعمل كمدرس للغة العربية. لقد ادخر كل ما في وسعه من راتبه الضئيل ليصطحب أطفاله لزيارة غزة في الصيف”.

وبعد سنوات من الحياة المتواضعة قالت الصحفية الفلسطينية إن جدها اشترى قطعة أرض كان يخطط لبناء بيت عليها في غزة، ثم حدثت حرب عام 1967 عندما كان يجلس في مقهى مع أصدقائه في مدينة جدة السعودية، وسمع أخبار احتلال إسرائيل قطاع غزة.

انهيار برج سكني من 13 طابقا في غزة في غارة جوية إسرائيلية (رويترز)

وتابعت لقد كان وجهه شاحبا وأغمي عليه من الصدمة، حينما أصدرت إسرائيل قرارا “اعتبر أي شخص لم يكن في القطاع قبل الحرب، بأنه لا يعد مقيما فيه”.

وأضافت “عندما حصل جدي على الجنسية الأمريكية، صمم على العودة إلى غزة، لكن جدتها رفضت العودة طالما بقيت الأرض محتلة، فيما هو رفض العيش في المنفى، وفي 2004 عاد إلى غزة”.

وشددت بالقول أثناء الحرب المدمرة عام 2014، قصف بيت جدي على الشاطئ، ولم يكن بإمكان أي من أولاده السبعة زيارته، وعاش كل منهم معظم حياته في بلد مختلف، بشكل يعكس الحياة العصية للفلسطينيين المشردين.

وعن شراء الجد شقته الأخيرة، قالت ليلى “وضع جدي كل مدخراته لشراء شقة سكنية في برج الجلاء الذي يعدّ من أطول أبراج غزة، وعاش على الإيجار من شقته. وعلى خلاف برج الجلاء الذي أخلي من سكانه قبل قصفه، فهناك بيوت دمرها القصف الإسرائيلي على ساكنيها”.

وختمت بالقول كانت الشقة التي بناها جدي بعد حياة في المنفى، هي كل شيء عمل من أجله حتى نهاية حياته، فشعور الحنين الذي دفعه للعودة إلى غزة وكل لحظة سعادة وألم وفقد في حياته مغروسة في تلك الشقة، وكانت المكان الذي أمل بزيارة أحفاده له.

وقالت عندما أفكر في كل البيوت التي خسرها جدي، أعرف أنه لم يكن يتوقع أن يكون هناك مبنى مادي ليكون ميراثه الدائم، لكنه ترك بدلا من ذلك شيئا لا يمكن لأحد أخذه منا، ترك لنا الكفاح من أجل العودة للوطن والجرأة التي يتوارثها الفلسطينيون من جيل إلى جيل، “نحن نبني وهم يدمرون، ثم نبني من جديد”.

المصدر : الجزيرة مباشر + نيويورك تايمز