قبل مواجهة إيران وأمريكا.. هكذا حلت السياسة ضيفا ثقيلا في بطولات كأس العالم

جماهير المنتخب الإيراني خلال مباراتهم أمام ويلز (الفرنسية)

لم تكن نكهة كأس العالم فيفا قطر 2022 رياضية فقط، حيث حضرت بقوة بعض المواقف السياسية قبل المباريات خلال الأسبوع الأول من البطولة.

بدأت البطولة بحملة غربية على المستضيفة قطر، انتقلت من تصريحات على ألسنة المسؤولين إلى أرض الميدان، حيث حاول المنتخب الألماني إثبات موقفه السياسي بتكميم لاعبي الفريق أفواههم اعتراضا على منع الفيفا لهم من ارتداء شارة دعم المثلية.

بعد الموقف الألماني امتنع المنتخب الإيراني عن ترديد السلام الوطني في خطوة اعتبرها كثيرون رفضا للأحداث السياسية في البلاد.

واليوم تظهر خلافات قبل المباراة المرتقبة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، بدأت بحذف اتحاد كرة القدم الأمريكي شعار الجمهورية الإسلامية من علم إيران دعما للمتظاهرين هناك.

احتجت طهران وأفادت وكالة تسنيم  للأنباء أن الاتحاد الإيراني لكرة القدم سيرفع شكوى ضد الاتحاد الأمريكي أمام لجنة الأخلاقيات في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) “لعدم احترام العلم الوطني” للجمهورية الإسلامية.

المواقف المذكورة أعادت إلى الأذهان أحداثا اختلطت فيها السياسة بالرياضة كان أبرزها المواقف التالية:

1938: إيطاليا -فرنسا

في سياق جيوسياسي متوتر للغاية وفي ظل الفاشية التي خيّمت على أوربا، استضافت فرنسا النسخة الثالثة من كأس العالم في 12 يونيو/ حزيران 1938، وواجهت إيطاليا في ربع النهائي على ملعب كولومب حيث فازت إيطاليا 3-1.

ارتدى الطليان قمصانًا سودًا شبيهة بقمصان ميليشيات نظام موسوليني، ووجّهوا تحية فاشية إلى 60 ألف متفرج. ردّ الجمهور حينها بصافرات الاستهجان أثناء النشيد الإيطالي.

في نظر الـ”دوتشي” (لقب موسوليني)، كانت كرة القدم وسيلة لإظهار تفوّق الأيديولوجية الفاشية.

1974: مواجهة الألمانيتين

في 22 يونيو/ حزيران، تواجه الأشقاء الأعداء من ألمانيا الغربية والشرقية الاتحادية في هامبورغ غربًا، إلى ملعب “فولكس بارك” الذي غصّ بالجماهير.

في خضم الحرب الباردة، جسّدت تلك المباراة التوتّر بين الطرفين. لكن ذلك لم يكن يعني ضغوطًا مرتقبة، إذ بدأ الطرفان مسارًا تطبيعيًّا للعلاقات، ووقعا معاهدة اعتراف متبادل عام 1972.

انتهت المباراة المصنّفة في دائرة الخطر من دون أي عوائق. انتصرت ألمانيا الشرقية رغم كل الصعاب، بهدف سجله يورغن شبارفاسر في ربع الساعة الأخير، وبقي في الذاكرة إلى الأبد.

لكن رغم ذلك، بقيت ألمانيا الغربية في المنافسات وظفرت بالمسابقة التي استضافتها، محققة ثاني ألقابها المونديالية.

1986: الأرجنتين -إنجلترا

في 22 يونيو/ حزيران، تواجهت الأرجنتين وإنجلترا في ربع نهائي مونديال مكسيكو، بعد أربع سنوات من حرب جزر فوكلاند التي خلفت 649 قتيلًا أرجنتينيًّا و255 بريطانيًّا.

كانت الأجواء متوترة للغاية بين المنتخبين اللذين قطعت دولتاهما العلاقات الدبلوماسية عام 1982.

وفي كل مباراة من مباريات المسابقة، رفع المشجعون الأرجنتينيون لافتات تقول “جزر فوكلاند أرجنتينية”، وأنشدوا أغانيَ قومية تدعو إلى “قتل الإنجليز”.

على هامش ربع النهائي، اندلعت اشتباكات بين ألتراس المنتخبين، مما أسفر عن عشرات من الإصابات تراوحت بين طفيفة وخطيرة.

فازت الأرجنتين بالمباراة، بفضل عبقرية دييغو مارادونا إلى حد كبير، الذي سجّل هدفين أسطوريين: “يد الله” ثم “هدف القرن”.

أقرّ الأسطورة الأرجنتيني الراحل بعد ذلك بدافع هذا الفوز قائلا “لقد كانت مباراة نهائية بالنسبة لنا. لم يكن الأمر يتعلق بالفوز بمباراة، بل بإقصاء الإنجليز”.

1998: إيران -الولايات المتحدة

خلال مشاركتها الثانية في كأس العالم، وجدت إيران نفسها عام 1998 ضمن مجموعة عدوّها اللدود، الولايات المتحدة.

انقطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ عملية احتجاز رهائن في السفارة الأمريكية بطهران في أعقاب انتصار الثورة الإسلامية عام 1979.

أقيمت تلك المباراة في مدينة ليون الفرنسية في 21 يونيو/ حزيران، وهو ما مثّل فرصة للتهدئة.

بعد أداء النشيدين الوطنيين، صافح اللاعبون الأمريكيون خصومهم وقدموا لهم تذكارات، فردّ الإيرانيون التحية بباقات ورود بيضاء، قبل أن يلتقط المنتخبان صورة جماعية.

فاز الإيرانيون بالمباراة حينها (2-1) مسجّلين أوّل انتصاراتهم المونديالية.

2018: سويسرا -صربيا

في 22 يونيو/ حزيران في كالينينغراد، واجهت صربيا سويسرا التي تضمّ في صفوفها العديد من اللاعبين من أصول كوسوفية.

وكوسوفو إقليم سابق في صربيا يسكنه بشكل رئيسي الألبان. وبعد عشر سنوات من الصراع الذي كان آخر حرب أدت إلى انفجار يوغوسلافيا السابقة، أعلنت كوسوفو استقلالها عام 2008، وهو ما لم تعترف به صربيا، لتسوء العلاقات بين بلغراد وبريشتينا.

سجّل غرانيت تشاكا المولود في سويسرا لعائلة كوسوفية، وجيردان شاكيري المولود في كوسوفو، هدفين، وهو ما منح سويسرا فوزا على صربيا 2-1.

احتفل اللاعبان بهدفيهما من خلال التوجه نحو المشجعين الصرب، ووضع يديهما على صدريهما بشكل معاكس، راسمين شارة “النسر المزدوج” الأسود اللون، رمز ألبانيا الذي يتوسط علمها الأحمر، مما أثار سخط الصحافة الصربية التي نددت بذلك ووصفته بأنه “استفزاز مخز”.

عاقب الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) اللاعبين في وقت لاحق بتغريمهما مبلغ 8660 يورو لكل منهما.

2022: أوزيل حاضر في مباراة ألمانيا وإسبانيا

خلال مونديال 2022 المقام في قطر حاليا، رفع مشجعون صورا للاعب الألماني مسعود أوزيل أثناء مباراة إسبانيا وألمانيا أمس الأحد، التي انتهت بالتعادل الإيجابي بهدف لكل فريق.

ووضع المشجعون أيديهم فوق أفواههم، مثلما فعل لاعبو المنتخب الألماني قبل مباراتهم الأولى أمام اليابان، وذلك في إشارة إلى ما تعرض له أوزيل من عنصرية أثناء لعبه مع منتخب بلاده، وكذلك الصمت الألماني على الحملة التي تعرض لها بعد حديثه عن معاناة مسلمي الإيغور في الصين.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات