8 منظمات لصندوق النقد الدولي: أجِّل التصويت على قرض لمصر

من الأدوار الرئيسية للحكومة أن تحمي صحة شعبها

قالت 8 منظمات لحقوق الإنسان والحوكمة الرشيدة إن على صندوق النقد الدولي تأجيل التصويت على قرض بقيمة 5.2 مليارات دولار أمريكي لمصر مقرر في 26 يونيو/حزيران 2020.

جاء ذلك في رسالة وُجهت أول أمس الإثنين إلى المديرين التنفيذيين لصندوق النقد، وبررت المنظمات طلبها بضرورة تضمين الموافقة متطلبات قوية لمكافحة الفساد في البرنامج، ونشر شروط القرض للعموم.

كانت الحكومة المصرية قد توصلت في 5 يونيو/حزيران، إلى اتفاق مع الصندوق لترتيب قرض بقيمة 5 مليارات و200 مليون دولار.

إعلان

وأشار بيان صحفي صادر عن الصندوق إلى أن الغرض من القرض هو “دعم الإنفاق الصحي والاجتماعي، وتحسين شفافية المالية العامة، وتحقيق تقدم أكبر في الإصلاحات الرامية إلى تحفيز النمو وخلق فرص عمل بقيادة القطاع الخاص”.

وفي 11 مايو/أيار، وافق الصندوق على قرض آخر بقيمة مليارين و770 مليون دولار كمساعدة طارئة لمصر لدعم استجابة الحكومة لفيروس كورونا.

ضمان الشفافية

وقالت سارة سعدون، باحثة في الأعمال وحقوق الإنسان في “هيومن رايتس ووتش”: “قال صندوق النقد الدولي مرارا وتكرارا إن مكافحة الفساد والمشاركة العامة عنصران رئيسيان في استراتيجيته في الأزمة الاقتصادية المرتبطة بفيروس كورونا. ومع ذلك، فهو يُقرض مليارات الدولارات لمصر دون نشر الشروط للعموم أو مراعاة مخاطر الفساد العالية”.

إعلان

والمنظمات التي وقعت الرسالة هي: “معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان”؛ و”كوميتي فور جستس”؛ و”المنتدى المصري لحقوق الإنسان”؛ و”الشبكة الأورو-متوسطية للحقوق”؛ و”الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان”؛ و”مبادرة الحرية”؛ وهيومن رايتس ووتش؛ و”مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط”.

ولم ينشر صندوق النقد الدولي حتى الآن وثائق تصف برنامج القرض الممنوح في مايو /أيار الماضي بقيمة  مليارين و770 مليون دولار، ما يجعل من المستحيل على الجمهور تقييم ما إذا كانت الاتفاقية تتضمن متطلبات لضمان استخدام الأموال بشفافية وضمانات كافية ضد الفساد.

مخاطر الفساد

وقوّضت الحكومة المصرية في السنوات الأخيرة، استقلال هيئاتها المناهضة للفساد، وأضعفت دور السلطة القضائية، ما فاقم مخاطر الفساد في البلاد بشكل كبير.

إعلان

وكما لاحظت تقارير وزارة الخارجية الأمريكية، فإن الحكومة لا تطبق قوانين مكافحة الفساد بشكل فعال.

وأدى تدخل الجيش، الذي يتوسع بسرعة، في الاقتصاد المصري إلى زيادة مخاطر الفساد، إذ تفتقر الشركات التي يملكها الجيش إلى أي إشراف مستقل أو مدني، ما يحرم الجمهور المصري من المعلومات اللازمة لتقييم التكاليف والمستفيدين من المشاريع الممولة من القطاع العام.

وفي مارس/آذار 2016، أقال الرئيس عبد الفتاح السيسي هشام جنينة، رئيس “الجهاز المركزي للمحاسبات” في مصر، وهو هيئة مستقلة تهدف إلى مراقبة الفساد، بعد أن صرّح بأن مصر خسرت 600 مليار جنيه مصري (حوالي 76 مليار دولار آنذاك)، بين 2012 و2015، بسبب الفساد الحكومي.

إعلان

ولاحقا، حكمت محكمة على جنينة بالسَّجن لمدة عام بتهمة “نشر أخبار كاذبة” بشأن الفساد في مصر.

ولضمان استقلال الجهاز، منح القانون المصري رئيسه الحصانة من الفصل، لكن الرئيس السيسي أصدر مرسوما في يوليو/تموز 2015، في غياب البرلمان، يسمح له بفصل رئيس أي جهاز.

زيادة الفقر

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، أفرج صندوق النقد الدولي عن الشطر النهائي من قرض قيمته 12 مليار دولار على 3 سنوات لمصر، و اعتُبر أنه لا يُعالج الثغرات الخطيرة في الحوكمة في مصر.

إعلان

وساهمت إجراءات التقشف التي اتخذتها الحكومة، بالإضافة إلى تعويم الجنيه المصري، في زيادة معدلات التضخم، وزيادة الفقر في ظل عدم كفاية برامج الدعم الاجتماعي.

الفساد الراسخ يُقوض النمو الاقتصادي
كريستالينا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي

وبعد الموافقة على القرض في 2016، اعتمد المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي إطارا جديدا لتحسين كيفية تصديه للفساد في البلدان الأعضاء.

مؤخرا في 16 يونيو/حزيران، أكدت كريستالينا جورجيفا، المديرة العامة للصندوق، في مقابلة مع منظمة “الشفافية الدولية”، التي ترصد مكافحة الفساد، التزاما مستمرا بتنفيذ هذا الإطار. خلال تلك المقابلة، أكدت رأيها بأن “الفساد الراسخ يُقوض النمو الاقتصادي المستدام والشامل”، من بين آثار ضارة أخرى.

إعلان

وقالت سعدون: “يجب أن يتأكد 100 مليون مصري تقريبا أن صندوق النقد الدولي لا يُسلّم حكومتهم مليارات الدولارات دون ضوابط مناسبة، لضمان أن تذهب بالفعل لمساعدة أكثر المتضررين من التداعيات الاقتصادية للوباء.

وعلى المجلس التنفيذي للصندوق أن يفي بالتزاماته بالشفافية، ومحاربة الفساد، ويؤجل التصويت حتى تُنشر الشروط علنا، وتُوضع تدابير لمكافحة الفساد”.

سباق اقتراض

يذكر أن مصر حصلت خلال الفترة الأخيرة على عدة قروض إضافة إلى قرض صندوق النقد منذ بدأت أزمة كورونا. وأكد وزير المالية المصري محمد معيط أن مصر ما زالت تسعى للحصول على التمويل من مؤسسات عالمية أخرى بخلاف صندوق النقد الدولي.

ففي التاسع من الشهر الجاري أعلن البنك المركزي المصري عن بيع أذون خزانة مقومة بالدولار لأجل عام بقيمة 509.3 ملايين دولار بمتوسط عائد 3.45 في المائة

كما أعلنت وزارة المالية المصرية نهاية مايو/ أيار الماضي عن حصول مصر على قرض جديد بقيمة 5 مليارات دولار عبر طرح سندات دولية، تصل آجال سدادها إلى 30 عاما.

وبحسب بيان لوزارة المالية المصرية يعد هذا أكبر إصدار دولي للسندات الدولية تقوم به مصر في تاريخها.

وقال أحمد كجوك نائب وزير المالية المصري إن الطرح هو أكبر قيمة طرح للسندات الدولية تقوم به دولة أفريقية.

وقدم بنك التنمية الأفريقي قرضا عاجلا لمصر الشهر الماضي بقيمة 500 ألف دولار، ويبحث البنك تقديم قرض جديد لمصر، من المقرر أن يتخذ قرارا بشأنه قريبا، وفق ما قالته مالين بلومبيرغ، الممثلة المقيمة للبنك في مصر.

وفي السابع عشر من الشهر الجاري أيضا نقلت وكالة رويترز عن ثلاثة مصادر مطلعة أن الحكومة المصرية تتطلع إلى تدبير قرض بأكثر من مليار دولار من البنوك الإماراتية.

المصدر : الجزيرة مباشر