خان يونس.. قِبلةُ المسافرين ومخيم اللاجئين
تعود نشأة مدينة خان يونس في قطاع غزة إلى العصر المملوكي، حيث أمر السلطان الظاهر سيف الدين برقوق، ببناء الخان وفي قلبه قلعة برقوق عام 1387م. وجاء تأسيسها لتكون مكانًا يستريح فيه التجار القادمون من بلاد الشام إلى مصر والعكس.
أين تقع خان يونس؟
مدينة خان يونس هي أكبر مدينة في قطاع غزة من حيث المساحة، وثاني أكبر مدينة فيه من حيث عدد السكان، وتقع بجنوب غرب القطاع، بالقرب من شبه جزيرة سيناء، وتبلغ مساحتها نحو 54 كيلومترًا مربعًا، ويبلغ متوسط ارتفاعها 45 مترًا، وعدد سكانها نحو 370 ألفًا (إحصاءات 2023).
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالاحتلال يرتكب مجزرة جديدة في بيت لاهيا ويقصف مبنى به 30 نازحا (فيديو)
تركيا تعلق على دخول القوات الإسرائيلية إلى الأراضي السورية
“خوذة بلا رأس”.. مشاهد من اشتباكات عنيفة لسرايا القدس مع قوات الاحتلال في جباليا (فيديو)
متى تأسست مدينة خان يونس؟
تأسست مدينة خان يونس في عهد المماليك الجراكسة، وفي فترة حكم السلطان برقوق الذي حكم مصر وبلاد الشام بين عامي 1382 و1399م، وعزّز الحركة التجارية بين مصر وبلاد الشام، وأصدر أوامره ببناء الكثير من الخانات والقلاع، إذ كلّف برقوق الأمير يونس الداودار عام 1387م ببناء خان وقلعة محصنة بسور ضخم، وكان ذلك بداية لتأسيس مدينة خان يونس.
لذلك ارتبط اسم المدينة باسم مؤسسها فقيل “قلعة برقوق”، وقيل “خان يونس”، ولمّا كان النشاط التجاري غالبًا على النشاط الحربي للقلعة؛ غلب اسم الخان على اسم القلعة، وعرفت المدينة بـ”خان يونس” بعد وقت قصير من بناء القلعة.
نبذة تاريخية عن خان يونس
في العصور المملوكية كانت مدينة خان يونس تابعة للواء غزة، الذي شمل مناطق واسعة تمتد من النقب وجنوب الأردن حتى مدينة الكرك. شاركت المدينة منذ تأسيسها في الأحداث المهمة التي شهدتها مصر وبلاد الشام.
وجدد العثمانيون القلعة واستخدموها حامية عسكرية، وتم تخصيص جزء من القلعة لاستقبال التجار والمسافرين، وكانت مدينة خان يونس خلال تلك الفترة بوابة الشام للقادمين من مصر وشمال إفريقيا والذاهبين إليهما.
وأسهمت هذه المدينة بشكل كبير في الدفاع عن بلاد الشام ومصر، وفي نهاية القرن التاسع عشر أُقيم أول مجلس بلدي في مدينة خان يونس، حيث بدأت الحكومة العثمانية في تنظيم هياكل بلدية عام 1874، ومنذ ذلك الحين شكَّلت المدينة عددًا من المجالس البلدية.
المعارك التاريخية في خان يونس
شهدت مدينة خان يونس العديد من الأحداث التاريخية والعسكرية، من أشهرها معركة خان يونس المعروفة، التي وقعت في 28 أكتوبر/تشرين الأول 1516 بين الدولة العثمانية والمماليك، إذ هاجم المماليك بقيادة جان بردي الغزالي، القوات العثمانية التي كانت تسعى للعبور عبر غزة في طريقها إلى مصر، وانتصر الجيش العثماني بقيادة سنان باشا الخادم.
وكان للمدينة دور بطولي في صد الغزو البريطاني، فقصف البريطانيون قلعتها ودمروها، وفي عام 1956 وقعت في المدينة مجزرة بشعة من جيش الاحتلال عقوبةً على صمودها، وبعد حرب عام 1967 منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المدينة من تجديد بنيتها التحتية بسبب صمودها، وتعرضت لسياسات الاستيطان والحصار من إسرائيل بهدف منعها من مواصلة النضال والمقاومة.
من هم سكان خان يونس؟
يبلغ عدد سكان مدينة خان يونس، حسب إحصائيات 2017، نحو 370.638 ألف نسمة، وتتكون تركيبة السكان في مدينة خان يونس من مجموعة متنوعة من العائلات، بعض هذه العائلات هاجر من مدينة غزة بعد بناء القلعة، ومع توسع العمران حولها وزيادة مساحة البلدة انضم المزيد من العائلات إلى المدينة.
أشهر عائلات خان يونس
من أشهر هذه العائلات: ياسر، وعسقول، وأبو شمالة، وأسعد، والحلاق، وأبو موسى، وجاد الله، وأبو نمر، والشوا، وأبو ستة، واليازوري، وأبو القمصان، وكلاب، وأبو جراد-الحلبي، والبس، ودحلان، والفاضي، وأبو قوطة، والزقزوق، والآغا، وأبو شقرة، وحمدان، والجبور، وأبو جرب، والبحيصي، وأبو شاويش، والعقاد، وأبو ستة، وأبو بكرة، وأبو شريتح، وأبو الخير، وفارس، والسنوار، وشاميه، والسيار، والزقان.
بماذا تشتهر مدينة خان يونس؟
من أبرز المعالم التاريخية في خان يونس، قلعة برقوق، وتقع في قلب مدينة خان يونس، على بُعد نحو 20 كيلومترًا من الحدود بين مصر وفلسطين، وتم بناء القلعة عام1387م، وفيها مسجد وبئر، ونزل لاستقبال المسافرين، وإسطبل للخيول، ويوجد على أسوار القلعة أربعة أبراج للمراقبة والحماية.
ومنها كذلك مقام إبراهيم الخليل، يقع في قرية عبسان، وجنوب المقام توجد أرضية من الفسيفساء الملونة الجميلة، يعود تاريخها إلى عام 606م، وتضم طيورا، وأوراقا نباتية، ولفائف وكتابات زخرفية، وزخرفة الصليب المعكوف.
أشهر قرى خان يونس
من أشهر القرى في خان يونس قرية القرارة، وتقع شرق مدينة خان يونس وتشمل مناطق أخرى مثل بلدة بني سهيلا وبلدة عبسان الكبيرة وعبسان الصغيرة وبلدة خزاعة ومعن وقيزان النجار والسطر الغربي والشرقي.
مخيم خان يونس
يقع مخيم خان يونس على بعد نحو كيلومترين من شاطئ البحر الأبيض المتوسط إلى الشمال من رفح، وإلى الغرب من مدينة خان يونس. وأنشئ المخيم عام 1948، بواسطة الصليب الأحمر؛ ثم تسلمته وكالة الغوث الدولية عام 1950.
وبلغت مساحته عند الإنشاء حوالي 549 دونمًا، وازدادت بعد ذلك إلى 564 دونمًا، وفي أعقاب حرب عام 1948، لجأ إليه نحو 35 ألف لاجئ، وكان معظمهم من منطقة بئر السبع، وكذلك المهجرون من مدن: حيفا، ويافا، واللد، والرملة، والمجدل، ومن العديد من القرى المجاورة.
وقبل طوفان الأقصى (أكتوبر 2023) كان يقطن المخيم نحو 90 ألف لاجئ، لكن العدد تجاوز مليون لاجئ بعد الطوفان.
أكبر مستوطنات خان يونس
تشكل مستوطنة غوش قطيف تجمعًا استيطانيًّا كبيرًا في قطاع غزة، حيث تمتد على طول الساحل من حدود دير البلح إلى الحدود الدولية في رفح، وتحتل هذه المستوطنة معظم الأراضي الغربية لمدينة خان يونس وتفصل المدينة ومخيمها عن شاطئ البحر.
وفي سبتمبر/أيلول 2005، حرِّرت المستوطنة من الاحتلال الصهيوني.
معركة خان يونس 2023
في الأول من ديسمبر/كانون الأول 2023، شنت قوات جيش الاحتلال غارات واسعة على خان يونس، ثم بدأت توغلًا بريًّا في المدينة لكونها معقل كتائب القسام، ومسقط رأس القائد العام للكتائب محمد الضيف ورئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار.
وشهدت المدينة معارك طاحنة، وأجبرت قوات الاحتلال السكان على النزوح إلى مدينة رفح، وارتكبت إسرائيل عشرات المجازر بحق سكان المدينة، وفي السابع من إبريل/نيسان 2024 أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي سحب قواته البرية من المدينة.